قصة قصيرة
رحل الكلب، نحن نفتقده. عندما يدق جرس الباب، لا ينبح أحد. عندما نأتي إلى البيت متأخرين، لا ينتظرنا أحد. ما زلنا نجد شعراته البيضاء هنا وهناك وحول المنزل وعالقة على ملابسنا. نلتقطها معتقدين أنه علينا أن نرميها بعيدًا. غير أن ذلك هو كل ما تبقى لنا منه.
تحالف الزمن اللعوب مع المكان فلم أقدر سوى على تذكر تلك الليلة البعيدة والغريبة التي استمتعت بها بأفضل ممارسة جنسٍ في حياتي.
أمّا أبي فلم يكن ليغادر أريكته. كانت أريكته على الدوام شيئًا ملتصقًا به بحيث لا أستطيع تخيُّله واقفًا أو قائمًا بنزهة ما. صورته لا تستقيم في مخيلتي إلا برفقة الأريكة
إن نسيت خطواتي المخضبة بالدموع على هذا الطريق، فهل سيعرفها أحد؟
لن نعرف أبدًا هل ماتَت الفتاة بسبب الحُبِّ أم الوحدة، لكن رجال الشُّرطة وقتها استخدَموا الجبس لصياغة قناعٍ للوجه الميت في محاولةٍ لتعرُّف هُويَّتها، وبعد عقودٍ طويلة أصبحَ هذا القناع ملكًا لصانع لعبٍ ما، استخدمَه لتشكيل وجه أوَّل دُمية تنفُّس من طراز بِتي.
لم يكن البارمان يستريح مطلقًا. كان يرتب الكؤوس في صفوف أنيقة، ويُبـرِّد الشامبانيا والنبيذ الأبيض، ويكسر المكعَّبات من لوح ثلج، ويستبدل طفايات السجائر، ويقدِّم أطباق السجق أو المحار. يمكن القول إن كل الجالسين هنا الليلة يبحثون عن خطيئةٍ ما.
لم تواتني الشجاعة في فتح كلام أو سؤالها عن أي شيء، خطرت لي فكرة إبراز الكتاب الذي في يدي لعلها تلاحظه، لكنني شعرت بأنها أعرص حركةٍ ممكنة، وأنا لا أختار أعرص الاختيارات، إلا لو اتزنقت.
بهذه الطريقة، وبعد ارتدائك لمعطف أسود، يمكنك صعود أحد السلالم، أو النظر خلال نافذة ما، وحينها فلتصدر زئيرًا كالأسود، زئيرًا قصيرًا غليظًا ثقيلًا، كفيلًا بأن يجعل الناس يظنون فعلًا أن هناك روحًا تزأر، أو قلب إنسان يصرخ.
أعطيتها سماعة التليفون، وجلست من جديد. ثم تابعت الأمر الأغرب وسط كل غرابة العالم، وهو محادثة من جانب واحد. تستمع إلى الأسئلة، ولا تسمع إجاباتها
لم أقابل أحدًا قط وأعجبتُ به بقدر ما أنا معجبةٌ بك. لم أشعر من قبل بهذه السعادة الغامرة برفقة أحد. لكني متأكدة أن هذا ما يقصده الناس والكتب عندما يتحدثون عن الحب. أتفهمني؟ أوه، لو تدرك فقط كم أشعر بالفظاعة. لكننا سنكون مثل.. مثل السيد والسيدة دوڤ
النشرة البريدية