رحل الكلب، نحن نفتقده. عندما يدق جرس الباب، لا ينبح أحد. عندما نأتي إلى البيت متأخرين، لا ينتظرنا أحد. ما زلنا نجد شعراته البيضاء هنا وهناك وحول المنزل وعالقة على ملابسنا. نلتقطها معتقدين أنه علينا أن نرميها بعيدًا. غير أن ذلك هو كل ما تبقى لنا منه. 

امرأة في الثلاثين وقصص أخرى

قصص لليديا ديفيس

ترجمة: أحمد ليثي

من كتاب Can't and won't


ليديا ديفيس، عن FT

الجدة

جاء رجل إلى بيتي يحمل كعكة خوخ كبيرة. وأحضر معه ناس آخرين، من بينهم امرأة تعاني من مرض الحصباء، فاضطروا أن يحملوها إلى البيت بصعوبة بالغة. على الطاولة، جذبت اهتمام رجل ما عن طريق حديث إعجابها بأسنانه. بينما كان ثمة رجل آخر يصرخ في وجهها، لكنها لم تكن خائفة، كانت تنظر له بحقد فقط. ولاحقًا، في البيت، اكتُشف أنها بينما كانت تأكل الكاجو من صحن أمامها، أكلت سماعة الأذن، وعلى الرغم من أنها حاولت مضغ السماعة لمدة ساعتين، لكنها لم تستطع أن تفتتها لأجزاء صغيرة تكفي لبلعها. عندما بلغت موعد نومها، بصقت السماعة في يد خادمتها وأخبرتها أن تلك المكسرات كانت سيئة. 


حب

وقعت امرأة في حب رجل كان ميتًا لسنوات عدة. ولم يكن كافيًا بالنسبة لها أن تنظف معاطفه، أو تطهّر محبرته، أو تداعب مشطه العاجيَ: كان عليها -بالإضافة إلى ذلك- أن تشيّد بيتًا فوق قبره، وتجلس معه ليلة بعد ليلة في السرداب الرطب.


رجال

هناك رجال كذلك في هذا العالم. ننسى هذا في بعض الأحيان، ونعتقد أن العالم لا يضمّ إلا النساء – عدد لا نهائي من النساء المستسلمات. صحيح أننا نطلق النكات لنواسي بعضنا البعض، وتمرّ حياتنا بسرعة. لكن بين الحين والآخر، يظهر بيننا رجل على نحو مفاجئ كشجرة الصبّار، وينظر إلينا بقسوة، فنهرب كالطوفان العظيم لنختبئ في الكهوف والخنادق حتى يرحل.


امرأة في الثلاثين

امرأة في الثلاثين لا تريد ترك بيت طفولتها.

لماذا يجب عليّ أن أترك البيت؟ هذان هما والداي، وهما يغدقان عليّ من الحب الكثير. لم يتحتم عليّ أن أتزوج رجل يجادل ويصرخ في وجهي؟

لا تزال المرأة في الثلاثين يطيب لها أن تتجرد من ملابسها أمام النافذة. ممنية نفسها أن ينظر إليها رجل ما على الأقل.


شعر الكلب

رحل الكلب، نحن نفتقده. عندما يدق جرس الباب، لا ينبح أحد. عندما نأتي إلى البيت متأخرين، لا ينتظرنا أحد. ما زلنا نجد شعراته البيض هنا وهناك وحول المنزل وعالقة على ملابسنا. نلتقطها معتقدين أنه علينا أن نرميها بعيدًا. غير أن ذلك هو كل ما تبقى لنا منه. لا نرميها بعيدًا. وما يزال الأمل يحاوطنا، إذا نحن جمعنا ما يكفي من شعرات، سيكون بوسعنا أن نعيد الكلب إلى الحياة لنجتمع معًا مرة أخرى.


عشاء

كنت لا أزال في السرير عندما وصل أصدقاؤنا إلى المنزل لتناول العشاء معنا. سريري في المطبخ. استيقظت حتى أرى ما يمكن أن أعدّه لهم. وجدت ثلاث أو أربع عبوات من الهامبرجر في الثلاجة، وقد استخدمت بعضها فيما لم يُمس البعض الآخر. فكرت أنه يمكنني أن أجمع قطع الهامبرجر كلها لأصنع منها أرغفة لحم. قد يستغرق هذا ساعة، ولم يخطر في بالي أي شيء غير ذلك. عدت إلى السرير مرة أخرى حتى أفكر بشأن هذا.

حلم


الكراسي

كان لويس يجلس في الكنيسة في بلدة مانت ينظر إلى الكراسي. ظل ينظر إليها بتمعن شديد. أراد أن يعلم طباع الناس بقدر ما يستطيع من خلال النظر إلى الكراسي، كما قال. بدأ بكرسي جلست عليه سيدة أسماها مدام فريكوت. ربما كان اسمها محفورًا على ظهر الكرسي. وقال إنها لا بد أن تكون بدينة للغاية، إذ خلفت على المقعد الذي تجلس عليه تجويف عميق، كما أن كرسي الصلاة قد تم تدعيمه من جميع جهاته. ربما كان زوجها غنيًا، إذ اكتسى كرسي الصلاة بقماش مخملي أحمر ورُصّع بمسامير نحاسية. أو ربما تكون أرملة رجل غنيّ، كما أعتقد، إذ لا وجود لكرسي محفور عليه اسم السيد فريكوت – إلا إذا كان ملحدًا. في الواقع، لو أن مدام فريكوت أرملة بالفعل، لربما كانت تبحث عن زوج آخر، لأنه عندما دقق النظر في ظهر كرسيها، رآه ملطخًا بكمية كبيرة من الصبغة الحمراء.


من خلق صديقي

كنا في الخلاء بعد منتصف الليل. على أحد جانبي الطريق، وقفت أربعة آلهة مصرية بوضع جانبي ذات حجم هائل يشع من خلفها نور. تأتي الناس وتذهب في الخلاء لا تبين منها سوى أشكال سوداء ولا نرى منها إلا ظلال. يبدو القمر كأنه أُلصق في السماء المظلمة. أعلى أحد العمدان، يجلس رجل مبتهج، أحمر الوجنتين يغني بصوت جميل ويلعب على المزمار. يهبط بين فترة وأخرى من أعلى العمود.

هو من خلق صديقي،

سألني صديقي: "ماذا تريدين أن تسمعي بصوته؟"

حلم