ترجمة

كارل يونج

أعطني يدك! آه يا روحي المنسية! كم يصير الفرحُ مفعمًا بالدفء عند رؤيتكِ من جديد، [أنتِ] أيتها الروح المنسية منذ زمن بعيد، أنتِ أيتها المُنكَرة منذ زمن بعيد! الحياة هي من أعادتني إليكِ، دعيني، إذن، أشكر الحياة على كل الأوقات الحُلوة والأوقات المرّة التي عشتها، أشكرها على كل الأفراح والأتراح، أشكرها على كل أمل وعلى كل خيبة أمل.

المرء لا يكتب بعُصاباته. فالعُصاب، والذُهان ليسا مَسلَكين للحياة، بل حالتين يسقطُ فيهما المرءُ حين يجري وقفُ السيرورة، أو إعاقتها، أو سَدُّها.

جابرييل جارسيا ماركيز، تصوير إيزابيل ستيفا إيرنانديث

يملأني ذات العرفان بالجميل حين أتذكر معلِّمي الذي درَّسني الأدب في المرحلة الثانوية، ذلك الرجل الحصيف المتواضع الذي قاد خطانا عبر متاهة الكتب الجيدة دون تأويلات متكلفة.

لابد من إعادة تخيل كل شيء، كما أن ظرفنا الحالي هو الظرف المثالي لإعادة اكتشاف الماضي، لا الماضي الفكري فحسب، ولكن ماضينا البشري قبل كل شيء:

إذا كان كل الأطفال قوطيين بالطبيعة، فسرعان ما اكتشفت أن غالبية زملائي التلاميذ كانوا خاضعين فعلا لقوانين الواقعية الاجتماعية؛ وقد حكيتُ في موضعٍ ما حيرتي وخيبة أملي إزاء الصديق الذي أعاد إليّ باحتقارٍ سر ويلهلم ستوريتز، لـﭼول ﭬيرن، قائلا بكل أناقة: “إنه مفرط الفانتازية.”

الإنْسَانيّة غَير القَابِلَة للصَلَاح، بِتَضْلِيل مِن العِمْلاق «نَمرود»، أنْ تَتَخَطَّى فِي المَهَارَة لَيْس فَقَط الطَبِيعَة بَلْ مَصْدَر طَبِيعَتُها نَفْسَهَا، الذِي هُو الله؛ وَشَرُعَتْ فِي بِنَاء بُرجٍ فِي «شِنعار»، التِي سُمِّيَتْ بَعْد ذَلِك «بَابِل» (الذِي هُو «بَلْبَلَة»). بِهَذِه الوَسِيلَة تَمَنَّى البَشَرُ التسَلُّقَ إلى الجَنَّةِ، عَازِمِين فِي حُمْقِهِم لا أنْ يَتَسَاوُوا بَل يَتَخَطُّوا خَالِقِهِم.

إن اللاهوية وحدها القوة القادرة على تغيير نفسها، التي تمضي أبعد من نفسها، والتي تبدع وتخلق نفسها أيضًا. وأين نجد هذه القوة الخالقة والمبدعة لذاتها؟ لا في الحيوانات ولا اﻹله ولا الطبيعة، بل في البشر وحدهم، نحن.

إن مجتمعنا مدمن للعمل، وإن كان هناك شيء يبدو أن اليمين واليسار يمكن أن يتفقا عليه معًا، فهو أن الوظائف جيدة، وينبغي على كل شخص أن يحصل على وظيفة، ﻷن العمل وسام المواطنة الخلوقة.

المجتمع لا يحتاج المزيدَ من العمل، ولا المزيد من الوظائف، ولا المزيد من المنافسة، على العكس: نحن بحاجةٍ إلى خفضٍ كبير في زمن العمل، إلى تحريرٍ هائل للحياة من المصنع الاجتماعي، حتى نُعيد نسج نسيجِ العلاقة الاجتماعية. إنهاءُ الارتباط بين العمل وبين الدخل سيتيح إطلاقاً هائلاً للطاقة للمهام الاجتماعية لن يعودَ يُمكنُ إدراكهُ كجزءٍ من الاقتصاد ويجب أن يصبح مرةً أخرى أشكالا للحياة.

أن تكون أخلاقيًّا، كما فهم الأبيقوريّون، يعني أنّ على المرء أن يكون حسّيًا. لم يكن الأمر مجرّد واقع معاناته الشخصيّة، بل تجذُّره العميق في عالمنا هو ما سمح لكامو بأن يعلن، دونما أيّ لمحةٍ عاطفية، أنّه «رغم أنّي في عمق الشّتاء، تعلّمت أخيرًا، أنّ في داخلي صيفٌ لا يندَحِر».

تابعنا على السوشيال ميديا

النشرة البريدية

بدعم من