مقال

المترو أيضًا كابوس، وجودٌ محبوسٌ في مساراته الأبدية، يتكرر كصدمة لم تروضها اللغة، ربما ينفلت شئٌ من الحرية كلما فُتحت محطات جديدة تعد بالخلاص، جدةٌ مؤقتة سرعان ما يستدخلها التكرار في جوفه، كيف نشعر عندما ننحبس في مسارات مدفونة؟ وكيف نستيقظ؟

يختلف الفن عن العلم لأنه لإنتاج عمل فني، نحتاج إلى أكثر من مجرد فهماً نظرياً لما نحاول إنتاجه.

ماذا لو لم يكن ذلك مقصد أم كلثوم من الأغنية تحديدًا؟

يمكن القول جملةً أن عالم الصبي كان ضيقا أشد الضيق، وأنه لم يكن من المفروض أن يصل لما وصل إليه من علم ومكانة إذا ما فكرنا بشكل منطقي، وذلك حتى ما فاق طموح أبيه الذي أراد له أن يصبح صاحب عامودٍ في الأزهر يلتف حوله الطلاب.

وبدلًا من تسليم نفسي لوهدة اليأس، تركت نفسي تنقاد إلى الملانْخوليا الفاعلة ما دمت أملك بقية نشاط، أو بمعنى آخر، اخترت الملانخوليا التي تستحث الأمل والإلهام والسعي في النفس البائسة والمكلومة والفاترة.

بالرغم من قوة وعود المنطق الرأسمالي، لا توجد وصفة للعلاقة المثالية. برفضنا لهذا المنطق، يمكننا أن نستبشر: ما من وصفة للعلاقة المثالية! يمكننا أخيرًا الانطلاق في رحلة استكشاف للعلاقات المناسبة لنا، العلاقات التي تشجع الاحترام المتبادل والمسؤولية، العلاقات التي نقدرها هنا والآن، وتسمح لنا بالازدهار.

في 1946 صنع المخرج روبرت مونتجومري تجربة نادرة في السينما، في فيلمه سيدة في البحيرة، حيث صور كل أحداث الفيلم من خلال منظور البطل فلا نراه على الإطلاق ولكن نرى ما يراه دائمًا، ما حدث أن فشل الفيلم مع الجمهور، ويصف ألبرت لافاي مشكلة الفيلم بقوله “الخطأ في هذا الفيلم هو أن المخرج خلط بين تمثل المتفرج لنفسه في شيء وهمي وتمثله لذاته في الشخصية الرئيسية”، لا توجد السينما ليتمثل الإنسان ذاته بل ليتمثل ذاته في الآخر ويتماهى معه.

لا يهدف المقال إلى التفصيل في مفهوم كلمة “السخرية” (Irony) واختلافها عن مفاهيم ومجالات أخرى مثل “الفكاهة، التهكّم، الباروديا، النكتة، الطرفة، التندُّر، المفارقة الضحك والكوميديا…” فهناك فروقات شاسعة بين هذه المصطلحات والكلمات لكن توجد تشابكات ونقاط التقاء أيضًا، ولهاته المفاهيم أبعاد فلسفية، وأدبية، وفنية، واجتماعية، وسياسية ونفسية. 

مهما تكن رؤية نابوكوف، لا يساوي الأدب كله (في ذوقي الشخصي) منذ هوميروس إلى اليوم شيئًا مقارنة بآخر مشهد في كارامازوف، مشهد الصخرة، صخرة الإيمان، ودفن الأولاد صديقَهم الفقير الشجاع أبو حذاء مخروم إيليوشا، فباتوا يهتفون له بعد أن كانوا يقذفونه بالحجارة وباتوا يعدُّونه «صخرة خلاصهم» بعد أن كان محط ازدرائهم.

هكذا دُفنت باول في مكان غير معلوم لعائلتها وأصدقائها على جزيرة هارت أيلاند في نيويورك –أكبر مقبرة عامة في أمريكا. بعدها، توقفت طباعة كل أعمالها ودُفنت موهبة فريدة في جيلها في قلب نيويورك، ونسيها العالم ومن عرفوها.

تابعنا على السوشيال ميديا

النشرة البريدية