مايو 1968
سأتمسّكُ عن طيب خاطرٍ بأن الوحدة السياسية الكامنة في مايو 68، فيما وراء تناقضاته العنيفة، هي الرايةُ الحمراء.
* وفي الأثناء، يريدُ الجميعُ أن يتنفّسوا ولا يستطيعُ أحدٌ أن يتنفّس ويقول الكثيرون «سنتنفّسُ فيما بعد». والغالبيةُ لا يموتون لأنهم ميِّتون فعلًا
يجب أولًا القضاء على الرؤى النمطية لمايو 68، الرؤى التي تُغذي بثقةٍ احتفالاتِ وكذلك إداناتِ، نوباتِ حنينِ وكذلك محاكماتِ، ذلك الشهرِ الرمزي في مناسبة إحياء ذكراه الخمسين.
ما يهم، هو ما كان ظاهرةَ استبصارٍ voyance، كأن مجتمعاً يستبصر فجأةً ما كان يحتويه مما لا يطاق ويستبصر أيضًا إمكانيةَ شيءٍ آخر. هذه ظاهرةٌ جماعية تأخذ شكل: «بعض الممكن، وإلاّ سأختنق». والممكن لا يوجد سلفًا، بل يخلقه الحدثُ.
ما تبقى من التحرّر الجنسي لأعوام الستينات هي هذه الشبقية المتسامحة التي اندمجت تمامًا في إيديولوجيتنا المهيمنة: اليوم، ليست المتعة الجنسية مُرخَّصًا بها فحسب، بل إنها شبه إجبارية ــ من لا يتمتع يشعر بأنه مذنب.
كان 68 «ميتافيزيقيًا» أو «روحيًا» أكثر من كونه اجتماعيًا، أو سياسيًا، أو ثقافيًا، أو ما شئت.
في أعقاب سنوات 1960- 1970 حفرت ليبراليةُ العاداتِ مجراها، لكن ليس دائمًا بالعمق الذي يجري الحديثُ عنه.
من بين التيمات التي دخلت بطريقةٍ مختلفة في البلدان التي حملت علامة 68، ثمة موضوعان فُرضا بصورةٍ باقية: أولًا مشكلات الشخصية، الجنسانية، وثانيًا المشكلات الكولونيالية ـ السابقة، ما بعد ـ الكولونيالية، العالمية.
لما كنتُ عالقًا في مكانٍ آخر، لا أستطيع للأسف أن أكون شاهدًا على ما كانته لحظة الإخاء الرائعة تلك. لا يمكنني أن أتوقف سوى عند النتيجة. وهي تؤكد كلمة فاليري: «الناس يدخلون الى المستقبل مُتقَهقِرين».
النشرة البريدية