قصة قصيرة

لم تعد الكتب والمجلات تباع حاليًا لأن كل شيء أصبح متاحًا الآن بالليل داخل تلك البيوت التي تشبه المقابر، فكر سارحًا بخياله. تُضاء المقابر بضوء التلفاز الخافت، ويجلس الناس كالأموات تلمس الأضواء الرمادية أو متعددة الألوان وجوههم، لكنها في الحقيقة لا تلمسهم.

سدهارتا جيجو

كان الرقم 7 متفائلًا إزاء المطر بقدر ما في ذلك المساء أيضًا، إذ أحس بأنه محظوظ لما عثر على المظلة ذات الخطوط الصفراء والحمراء عن طريق الصدفة، وقد صارت رفيقته.

دينو بوتزاتي

هل فكرت في ذلك من قبل؟ أن الطباع والأنواع والسمات الشخصية المميزة التي كانت حتى وقت قريب محبوبة وساحرة للغاية، هي في الأصل الجرثومة الأولى للاشرعية والفوضى. ألم يكونوا تعبيرًا عن ضعف البنى الاجتماعية؟ وعلى النقيض، ألم تلاحظ أبدًا أنه في أقوى الشعوب، ثمة تماثل مدهش، وربما محزن، للأنواع البشرية؟

لا ريب أن تايكو، وبالطبع العجوز كذلك، كانتا تعتقدان أن أحدًا لا يشاهد مشهد السحر هذا. ولكن في الواقع كان هناك رجل خارج الغرفة يتلصص عليهما من خلال ثقب مفتاح الباب. تُرى من يكون هذا الرجل؟ لا داعي بالطبع للقول إنه السكرتير إيندو ولا أحد غيره!

نظر ميسفيت لأعلى متأملًا السماء الصافية بينما قال: «نظرت إلى اليمين فكان هناك حائط، ونظرت إلى اليسار فكان هناك حائط، ونظرت إلى أعلى فكان هناك سقف، نظرت إلى أسفل فكانت هناك أرض. لقد نسيت ما قد فعلته يا سيدتي. لقد جلست هناك محاولًا تذكر ما فعلته ولم أتذكر ما فعلته حتى هذا اليوم. بين الحين والآخر أحاول أن أتذكر ولم تأتيني الذكرى أبدًا».

أصبح للرجل لغة جديدة تنتمي إليه وحده، لكن سرعان ما أصبحت الترجمة بين اللغتين صعبة، فقد نسي لغته القديمة بسرعة، وكان يحتاج إلى البحث عن الكلمات الصحيحة في كراساته. جعله هذا خائفًا من الحديث مع الناس، فعليه أن يفكر مليًا كيف يسمي الناس الأشياء.

الشفقة شيمة هؤلاء القوم، لكن حال الطفل مع علمهم بها هي ما استمدت منه بناياتهم سموها ومنها اتخذت موسيقاهم عاطفتها واستقت علومهم منها الجزالة والعمق.

بعدها بأسبوع خرجنا في موعد. بعدها بستة أشهر، انتقلتُ للعيش معه. وبعدها بسنة كانت خطوبتنا. ثم بعد ستة أشهر أخرى تزوجنا. لم أكن لأصدق أنني كنت محقة، وأن حدسي بخصوص رونين كان في محله. لكن الكون أهداني صفعة قوية على وجهي المتعجرف أصابتني بالخرس.

أما ذلك الرجل، ذلك الغريب عن المكان، فلعلَّه لم يعرف يومًا لماذا وقع اختياره على تلك البلدة. أو لعلَّه لم يختَرها بنفسه، في واقع الأمر: بل اختارها الحظ، أو القدر، أو حسن الطالع، أو سوء الطالع، أو حتمية اللحظة.

وتندَّم فورًا، وهو يُخامِره الحزن والضياع المرير، على مجيئه. لقد عرف في الحال أنَّ المرأة المُرتَابة التي وقفت هنالك هي نفسها التي لوَّحت له آلاف مُؤلَّفة من المرات، لكنَّ وجهها كان جافًّا ومُنكمِشًا وهزيلًا؛ ترهَّل جلدها مُكوِّنًا ثنايا شاحبة وحدَّقت به في ريبة ووجل وشك مُقلِق. لقد تبدَّدت كل مشاعر الشجاعة والإقدام والمودَّة والأُلفَة التي كان قد استشفَّها من تلويحها في اللحظة التي رآها وسمع ما لا يسُرّ.

تابعنا على السوشيال ميديا

النشرة البريدية