ياهو: منطق مغبّش

2025-04-29 - Hussein Elhajj

الطريقة الوحيدة اللي تخلينا نقول على مجتمع معين اشتراكي هي إذا كان وقت العمل متقلل لكل الناس.

منطق مغبش: إيه هي الشيوعية؟

مقال ياهو 

من مدونة الحركة الحقيقية بتاريخ 9 يوليو 2017

ترجمة بالعامية المصرية: حسين الحاج


باجز باني الشيوعي: بتاعتنا

أنا بالاقي إنه من اﻷفضل إني أفكر في الحقبة البرجوازية كفترة انتقالية بين اﻹنتاج الفردي المعمول بشكل منعزل واﻹنتاج الاجتماعي المباشر. الانتقال دا ما هو إلا استبدال ظروف اﻹنتاح الفردي بظروف اﻹنتاج الاجتماعي المباشر.

بعكس أغلب الماركسيين اللي بيقسموا بدقة الفترة اﻻنتقالية دي لرأسمالية واشتراكية، أنا مش بالاقي التقسيم دا ضروري. ممكن الانتقال دا يظهر تحت حكم البرجوازية أو تحت حكم البروليتاريا، لو حصل تحت حكم البرجوازية بنقول عليه رأسمالية، لو حصل تحت حكم البروليتاريا بنقول عليه اشتراكية، ودا معناه نظريًا، على اﻷقل، إن مفيش فرق ممسوك أو متغير بين نوعين الانتقال، الفرق بين الرأسمالية والاشتراكية سياسي: مين الطبقة اللي بتحكم.

دا بيخلي من الصعب جدًا إن بمجرد النظر لكل ”التجارب الاشتراكية“ المتنوعة اللي ظهرت في القرن العشرين أقول عليها بدرجة عالية من الدقة إذا كانت رأسمالية ولا اشتراكية. وأضرب مثل بقصدي: اﻹخوة اللي عارفين أكتر مني عن الموضوع مختلفين قوي حوالين إذا كان اﻹتحاد السوفيتي اشتراكي ولا رأسمالي ولا حتى كان نظام مختلف كليًا. مفيش اتفاق حقيقي على إزاي ممكن نصنف نمط الإنتاج السوفيتي بين الماركسيين.

أنا حاولت أحل المشكلة دي بإني أقترح إن اﻹتحاد السوفيتي كان رأس مال بس مش رأسمالي، أقصد الشيء نفسه: رأس مال كبير قوي.

فيه خاصية غربية في رأس المال إنه كوحدة إنتاج مالوش الخصايص اللي بتبقى مرتبطة مع الاقتصاد الرأسمالي. جوه رأس المال، مفيش علاقات مالية، اﻹنتاج بيتعمل زي ما الخطة بتقول، مفيش ميل ناحية اﻹنتاج الزايد عن الحد، ولا بطالة أو اﻷزمات اللي بناخدها كضروريات لتعريف الرأسمالية. الخصايص دي للاقتصاد الرأسمالي بتظهر في العلاقات التبادلية بين الرساميل بس مش جوه تشغليها نفسه.

كل أشكال الشغل الاجتماعي المباشر بتشبه بعضها

إذا لاحظت تشغيل رأس المال من جوه، هيبقى من الصعب إنك تقرر إذا كانت دي شركة رأسمالية ولا كوميونة، الاتنين زي بعض في تشغيلهم من جوه: نفس الشغل الاجتماعي المباشر.

وعشان أضرب لك مثال: التعاونية اللي مالكها عمالها بالضرورة بتشتغل زيها زي الشركة الرأسمالية. الكلام دا حقيقي لدرجة إننا إذا بس أخدنا أبسط مثل من تشغيل التعاونية عشان نفهم إزاي الرأسماليين مالهمش تلاتين لازمة في اﻹنتاج الرأسمالي الحديث. مفيش حاجة بيعملها الرأسمالي ما يقدرش العمال يعملوها مع بعض بطريقة تعاونية.

وبفرض اللي باقوله صح، ممكن يبقى مستحيل إننا نقول إذا كان الاتحاد السوفيتي مجتمع اشتراكي ولا رأسمالي، في الحالتين الاتحاد السوفيتي كان هيشتغل بنفس الطريقة اللي اشتغل بيها.

ودا بيوصلنا لنتيجة مربكة أكتر: إلى حد بعيد، مش مهم خالص في الاتحاد السوفيتي أنهي طبقة اللي بتحكم، في الحقيقة، في طرق كتيرة قوي تقدر تدير بيها اﻹنتاج الاجتماعي المباشر، بشكل علمي، رأس المال والكوميونة بيشتغلوا زي بعض. سياسيًا، بالتأكيد، فيه فرق عظيم بين مين الطبقة اللي بتصدر القرارات لكن عمليًا السياسة مالهاش معنى.

غموض حكم الطبقة

دا ممكن يفسر ليه إن حتى تصنيف اﻹتحاد السوفيتي إذا كان اشتراكي ولا رأسمالي حاجة مختلف عليها قوي، وبرضه تصنيف المجتمع اللي بنقول عليه فاشي، حتى التعريف اللي باشتغل بيه على مستوى شخصي للفاشية -اللي هو اقتصاد رأسمالي بتديره الدولة- شكله غامض قوي. فعلا، شيوعيين كتير بيصنفوا اﻹتحاد السوفيتي على إنه رأسمالية تديرها الدولة.

علينا دلوقتي إننا نقلل الحاجات اللي طبيعتها غريبة وغامضة إذا عايزين نقلل الاختلافات بين الرأسمالية والاشتراكية عمليًا وهي حكم الطبقة. بجد، إزاي تقدر تقول إذا كانت الطبقة دي ولا دي هي اللي بتحكم؟ إيه دليلك إنها الطبقة الحاكمة؟

لكن تفضل هناك مشكلة شايكة أكتر من دي: حتى لو أسسنا مجتمع معين بتحكمه الطبقة العاملة، هل حكم الطبقة العاملة يضمن اشتراكية المجتمع؟ في الحقيقة كلنا عارفين إن الطبقة العاملة ممكن تتصرف باعتبارها الرأسمالي بتاعها، هل من الممكن يكون عندنا رأسمالية أو فاشية من غير رأسماليين ولا ملكية خاصة رأسمالية؟

لو كانت الظروف العملية للإنتاج الاجتماعي المباشر مش بتسمح لنا إننا نفرق بين الرأسمالية والاشتراكية، فالظروف السياسية مش بتقدم لنا أرض ثابتة أكتر للتفريق بينهم من الظروف العملية، حرفيًا ممكن يبقى فيه مجتمع فاشي بالكامل من غير رأسماليين أو ملكية خاصة رأسمالية.

منطق مغبش

إحنا بنفترض إننا ممكن نفرق بين الفاشية والاشتراكية، بل الحقيقة إن دي مسألة تحيز شخصي. بص على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية أو حتى الصين الشعبية. مفيش إجماع حتى بين الشيوعيين إزاي ممكن يصنفوا المجتمعات دي.

دي حاجة بنفتكسها وإحنا ماشيين. إحنا بنقول أي حاجة لما بنتكلم عن اللي مفروض يكون عليه المجتمع الاشتراكي، لكن الحقيقة إن المحددات اللي أغلب الشيوعيين بيستعملوها للتفريق بين الرأسمالية والشيوعية مش واضحة خالص.

وأنا عايز أصرح بالحقيقة دي لأن ناس كتير فاكرة إنها عارفة إيه هي الشيوعية بس هي بصراحة بتعتمد على تعريفات مشوشة قوي. دول حتى مش عارفين يتفقوا إذا كان الاتحاد السوفييتي البائد كان اشتراكي ولا لأ، وبصورة أقل مش عارفين يصنفوا الصين. التعريفات اللي بياخدها الشيوعيين باعتبارها مسلمات واضحة بتبدأ تقع لما بنطبق أي نقد عليها. 

مشاكل تعريفية

لكن سيبوني أقول حاجة تانية: كل ميزة فكرنا إنها تعرف اﻹشتراكية غلط، وإحنا بندور على اﻹشتراكية في المكان الغلط.

أفتكر إني حليت قضية إن العلامات المزعومة للمجتمع الاشتراكي مش مقنعة قوي زي ما هي ظاهرة. ما نقدرش نبص على الظروف التقنية ونقول دا مجتمع اشتراكي ولا رأسمالي، وأكتر من كدا، ما نقدرش نبص على الظروف السياسية للمجتمع، قصدي حكم أنهي طبقة، ونقول الفرق.

حتى لو اكتشفنا مجتمع اﻹنتاج فيه مبني من المنتجين الاجتماعيين، وحتى لو المنتجين دول تحكموا في إنتاجهم من خلال اتحادهم، برضه مش هنقدر نحدد بدرجة عالية من الثقة إذا كان المجتمع دا في الحقيقة رأسمالي ولا اشتراكي بدرجة كبيرة.

سواء المجتمع رأسمالي ولا اشتراكي، دا مالوش دعوة لا بظروف إنتاجه التقنية ولا بشكل دولته، أكيد الخصايص دي بتفرق -مفيش مجتمع يقدر يبقى اشتراكي من غيرها- لكنها في نفسها مش كافية بالتحديد لتصنيف مجتمع اللي بنبص عليه كمجتمع اشتراكي.

التراكم عكس التطور الحر

لو كنت صح في اللي باقوله، فإيه هي الميزة اﻹضافية للمجتمع اللي بنسأل عنه عشان يبقى مجتمع اشتراكي؟ افتكر ماركس بيقدم لنا فكرة عنها في كتاب الأسس Grundrisse، الاشتراكية بالنسبة لماركس زي ما قال هدفها:

التطور الحر للذوات الفردية، ومن ثم ليس تقليص وقت العمل الضروري من أجل تقدم العمل الفائض، لكن التقليص العام للعمل الضروري للمجتمع إلى الحد اﻷدنى كي يوافق التطور الفني والعلمي وخلافهما للأفراد في وقتهم المحرر وبالوسائل التي ابتكروها.

اللي بيفرق مجتمع اشتراكي من مجتمع رأسمالي مش العوامل التقنية ولا السياسية، لكن إذا كان وقت الشغل متقلل للحد اﻷدنى عشان يسمح لتطور اﻷفراد أكتر من التراكم، ماركس بالفعل بيأكد دا باقتباسه لكاتب مجهول:

تصبح اﻷمة ثرية بحق عندما نقصر يوم العمل إلى ست ساعات بدلاً من العمل لاثنتي عشر ساعة. الثروة ليست التحكم في وقت العمل الفائض، بل باﻷحرى، هي الوقت المتاح خارج المقرر للإنتاج المباشر، لكل فرد وللأمة جميعًا.

في رأيي الطريقة الوحيدة اللي تخلينا نقول على مجتمع معين اشتراكي هي إذا كان وقت العمل متقلل لكل الناس.

الشيوعية هي وقت حر ومتاح لكل الناس وبس.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُشار إليها *

انضم للقائمة البريدية

تابعنا على السوشيال ميديا

النشرة البريدية