كبسولة زمنية وُجدت على الكوكب الميت
قصة لمارجريت آتوود
نُشرت في الجارديان، سبتمبر 2009
ترجمة: محمود راضي
الترجمة خاصة بـ Boring Books
يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.
شاركت الكاتبة الكندية الحائزة على جائزة البوكر مارجريت آتوود بهذه القصة القصيرة في العام 2009 دعمًا لحملة 10:10 الداعية لتقليل الانبعاثات الكربونية التي تؤثر على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، ونُشرت في جريدة الجارديان
1- في العصر اﻷول خلقنا اﻵلهة، نحتناها من الخشب، كان ما يزال ثمة شيء كالخشب، ثم صغناها من معادن لامعة وطليناها على جدران المعبد. وُجدت آلهة من أصناف عديدة، وكذلك إلهات. كانوا عنيفين في بعض اﻷحيان ويشربون دمائنا، لكنهم أيضًا منحونا المطر وضوء الشمس، ورياح طيبة، وغلال صالحة، وحيوانات خصيبة، والكثير من اﻷطفال. بعدها حلَّق فوقنا مليون طائر، وسبحت في بحارنا مليون سمكة.
امتلك آلهتنا قرونًا على رؤوسهم، أو أقمارًا، أو زعانف بحرية، أو مناقير النسور. أطلقنا عليهم أصحاب المعرفة الكلية، أسميناهم الشروق اﻷول. علمنا أننا لسنا يتامى. شممنا اﻷرض وتمرغنا فيها، وجرت عصاراتها على ذقوننا.
2- في العصر الثاني خلقنا المال. صُنع هذا المال أيضًا من معادن لامعة، كان ذا وجهين: على وجه توجد رأس مقطوعة لملك أو شخص آخر جدير بالذكر، وعلى الوجه الثاني يوجد شيء آخر، شيء يمنحنا الراحة: طائر، سمكة، حيوان ذو فرو. بقي كل هذا من آلهتنا السابقين. كان المال صغير الحجم، وكل منا يحمل معه بعضًا منه كل يوم، أقرب ما يكون للجلد. لم نستطع أكل هذا المال أو ارتدائه أو حرقه للاستدفاء، لكن أمكنه التحول إلى أشياء كما لو كان سحرًا، كان المال غامضًا، وكلنا نخشاه. لو لديك ما يكفي منه، يقال إنك ستستطيع الطيران.
3- في العصر الثالث، صار المال إلهًا، كُلي القوة، وخارج السيطرة. بدأ في الحديث. بدأ في خلق الموجودات منفردًا. خلق الولائم والمجاعات، والأغنيات المرحة والمرثيات. خلق الجشع والجوع اللذين كانا وجهيه الاثنين. بزغت باسمه أبراج من الزجاج، ودُمرت وبزغت من جديد. بدأ يأكل اﻷشياء. أكل غابات كاملة وأراضي زراعية وحياة اﻷطفال. أكل الجيوش والسفن والمدن. لم يستطع أحد إيقافه، كان امتلاكه علامة على الرخاء.
4- في العصر الرابع خلقنا الصحاري، كانت صحارينا من أنواع شتى، لكن يجمعها شيء واحد: لا شيء ينمو هناك. تشّكل بعضها من اﻷسمنت، وصُنع بعضها الآخر من سموم متنوعة، وبعضها من اﻷرض المخبوزة. صنعنا تلك الصحاري من الرغبة في المزيد من المال، ومن اليأس من نقصانها. زارتنا الحروب واﻷوبئة والمجاعات، لكننا لم نتوقف عن خلقنا الكادح للصحاري. في النهاية تسممت كل اﻵبار، وجرت القذارة في كل اﻷنهار، وماتت كل البحار، ولم تبق أرض لزرع الغذاء.
اتجه بعض من رجالنا الحكماء إلى التأمل في الصحاري. قالوا إنه يمكن لصخرة في الرمال في الشمس الغاربة أن تصير بالغة الجمال. كانت الصحاري نظيفة لعدم وجود حشائش فيها، ولا شيء يزحف. ابق في الصحراء فترة طويلة كفاية، وستفلح في فهم المُطلق. كان الرقم صفر مقدسًا.
5- أنتم يا من أتيتم هنا من عالم بعيد، إلى هذا الشاطئ الجاف، وهذا الركام، وإلى هذه الأسطوانة النحاسية، حيث أضع كلماتنا اﻷخيرة في اليوم اﻷخير لكل أيامنا المُسجلة: صلوا ﻷجلنا، نحن من ظننا أيضًا ذات مرة أننا نستطيع الطيران.
اقرأ المزيد لمارجريت آتوود: نهايات سعيدة
One Reply to “كبسولة زمنية وُجدت على الكوكب الميت – مارجريت آتوود – قصة قصيرة”