لم يكن البارمان يستريح مطلقًا. كان يرتب الكؤوس في صفوف أنيقة، ويُبـرِّد الشامبانيا والنبيذ الأبيض، ويكسر المكعَّبات من لوح ثلج، ويستبدل طفايات السجائر، ويقدِّم أطباق السجق أو المحار. يمكن القول إن كل الجالسين هنا الليلة يبحثون عن خطيئةٍ ما. 

كلَّما جلستُ في بار أشرب هكذا

قصة: ريـو موراكامي

من مجموعة قصص "اركض يا تاكاهاشي!"

ترجمة: باسم عبد الحليم

الترجمة للإنجليزية: رالف مكارثي


ريو موراكامي عن tokyoweekeneder

كلَّما جلستُ في بار أشرب هكذا، أتذكر كم هي مُقدَّسة مهنة البارمانات. يتحرك البارمان، خلفه رفوف من مرايا تراصت عليها القناني متشاكلة الألوان، على نحو منهجي في رواقه الزجاجي المُزخرَف، مثل كاهِن يؤدي طقوسًا. يصب الكحوليات في كؤوس مختلفة، وينصت بابتسامة وقور متعاطفة، بينما يتلو المُصَلُّون حسراتهم.

في آخر كرسيين على البار، تجلس امرأتان غير جذَّابتين "في سن معينة"، لهما بشرة خشنة ويضعان مكياجًا ثقيلًا. كانتا في حالة سُكْرٍ شديد – أو لعلهما يتظاهران بذلك فحسب. تتأرجح ثرثرتهما بين الهمس والصياح. "كأس أخرى؟" استفسر البارمان، موليًا ابتسامته نحوهما.

إلى جوارهما عروسان حديثا الزواج. أتصور أنهما أقاما زفافهما للتو في الفندق نفسه، وسيقضيان ليلتهما هنا قبل أن يغادرا لشهر العسل. لا يتحدثان كثيرًا. يرتشف العريس رشفات صغيرة من كأس ويسكي البار الرخيص مخلوطًا بالماء، وتشرب العروس في حالها، بينما يذوب الثلج في كوكتيلها الماي تاي مُحيلًا لونه إلى البرتقالي الداكن. "هل أحضر لكما شيئًا تأكلاه؟" اقترح البارمان وهو يوجه ابتسامته نحوهما.

إلى جوار العروسين أمريكي وحيد يرتدي بدلة غامقة وأمامه زجاجة بيـرة شلتـز. الأجانب دائمًا يطلبون البيرة بسبب تحذيرات الكتيبات السياحية من الأسعار في بارات الفنادق. وإلى جوار الأمريكي، امرأة شابة ورجل يكبرها يشربان كوكتيلات الشامبانيا ويميلان على بعضهما. بجوارهما رجلين من الأثرياء نصف الحمقى ممن تجدهم في أي بار فندق. وإلى جوارهما أنا. كرسي خالٍ، ثم أنا.

لقد تأخَّرَتْ. جلستُ أشرب بمفردي، عازفًا عن الكلام مع أحد، لا أستطيع بالضبط تحديد درجة سُكْرِي. أتساءل كم مشروبًا أخذت. "هل أُعِدُ لك آخر؟" سألني البارمان، وأومأتُ بنعم. صَبَّ البوربون في كوب طويل. "ما زلِتَ مشغولًا؟" سألني وهو يصب. "حسنًا، على الأقل انتهى العمل في لوكيشن التصوير"، أخبرته، "والآن بقي مونتاج الفيلم".

أعمل في شركة إنتاج تلفزيوني. وعلى مدار العامين الماضيين، كنتُ أُخْرِج أفلامًا وثائقية، معظمها في الخارج، ولكن قبل ذلك، عملتُ في برامج المنوعات الموسيقية.

لم يكن البارمان يستريح مطلقًا. كان يرتب الكؤوس في صفوف أنيقة، ويُبـرِّد الشامبانيا والنبيذ الأبيض، ويكسر المكعَّبات من لوح ثلج، ويستبدل طفايات السجائر، ويقدِّم أطباق السجق أو المحار. يمكن القول إن كل الجالسين هنا الليلة يبحثون عن خطيئةٍ ما. تختلف الظروف من واحد لآخر بالتأكيد، لكن جميعهم لديه الغاية العامة نفسها في ذهنه. لا أحد يَسْكَر من أجل رفع معاييره الأخلاقية. البارمانات نوع آخر من القساوسة.

ثمَّة مهمة غير سارة تنتظرني الليلة. ربما عليَّ أن أحاول اقتناص ضحكة أو ضحكتين بينما لا يزال بوسعي. ربما أتشارك نكتة صغيرة مع الجرسون الظريف. طوال الأشهر الستة الماضية أو نحو ذلك، كنت أوثِّـق الأحياء الفقيرة.

كالكتا، مانيلا، ريو دي جانيرو، مونتـفديو، بوجوتا.. وأنت هناك تبدأ في التساؤل عمَّا إذا كان العالم كله ليس سوى حيًّا فقيرًا، عمَّا إذا كانت حياة الفقر ليست سوى الحياة الطبيعية للبشر. سمعت الكثير من النكت المضحكة في هذه الأحياء. ثمَّة جثة طفل كانت تطفو في المجاري في كالكتا، وقال رجلٌ هندي أعرفه تعليقًا مضحكًا، ماذا كان التعليق؟ آه، حسنًا، لا يهم. إنه يتعلق بطفل ميت، في النهاية، وإن لم أقله بشكل صحيح....

"آسفة!"

ها هي قد أتت. لم أرَ هذه المرأة، عشيقتي السابقة، منذ زمن طويل. بدت رائعة. لماذا في اللحظة التي تبتعد فيها عن امرأةٍ ما وتكف عن النوم معها، تصبح فجأة أجمل من ذي قبل؟

"الشوارع زحمة جدًا!"

زحمة؟ كدتُ أقول لها. جربي ارتياد السوق في كالكتا، وسترين الزحمة على أصولها. فكرة غريبة في لحظة كهذه. ربما أكون في حالة سُكر رغم كل شيء.

"زمن طويل جدًا منذ لقائنا آخِر مرة. أتمنى لو كان عندي مزيد من الوقت، لكن لازم أرجع البيت مبكرًا الليلة لأن أمي قادمة. أنت تبدو بحالة رائعة".

لم أكن أشعر أنني بحالة رائعة. والآن أشعر حتى بأقل من ذلك. لم تكن آمالي مرتفعة كثيرًا، لكني كنتُ أتساءل نوعًا ما إذا كنا نستطيع أنا وهي أن نعيد إشعال الجذوة القديمة ولو لليلة واحدة. أحتاج لبعض الدفء الليلة. تلك هي الحياة، مع ذلك. ليس على الواحد أن يعيش في حي فقير ليعرف أن الأمور لا تسير دائمًا على ما يُرام.

"هلا شرحتَ لي مرة أخرى؟" تقول، "لم أفهم جيدًا على التليفون".

تعمل في أحد بوتيكات شوارع أيوما الخلفية. من النساء اللواتي تعتقدن أن كونهن طويلات وجميلات يمنحهن امتيازات معينة. اسمها كايومي. يدللونها كيمي، وهكذا كنتُ أناديها في السرير. أخذتْ كأسًا من زجاجتي الوايلد تيركي، وطلبتْ براندي ألكسندر الذي اعتادت أن تشربه.

"حسنًا؟"

لم أكن أرغب في الكلام عن الأمر. ما أرغب في فعله هو أن ألقي سيلًا من النكات القبيحة، أضحك كالمجنون، أشرب حتى يثقل لساني، نستحم معًا، ثم نلعب عدة ألعاب باستخدام زجاجة الزيت النباتي.

"حسنًا. الأمر أن امرأة ما رفعت عليَّ قضية في المحكمة".

"لا تقل. زوجتك؟"

"لا. زوجتي غالبًا ستأخذني إلى المحكمة هي أيضًا، لكن سيتعيَّـن عليها انتظار دورها في الصف".

"نساؤك كثيرات، على ما يبدو".

"ليس هذا ما أقوله".

"لا يهم. ليس الآن".

"على أي حال، هذه المرأة تقاضيني للتعويض عن الأضرار".

"أضرار؟ ماذا يعني ذلك؟ هي شابة؟"

"لا. متوسطة العمر".

"منتصف العشرينيات؟"

"خمسة وعشرون".

"آه، متوسطة".

"متوسطة، صح؟ على أي حال، يقول محاميها إننا كنا على علاقة زواج بموجب القانون العام".

"ما معنى ذلك بالضبط؟"

"معناه أنني علَّقتها وقيدت حريتها".

"لا أفهم. أقصد، هي اختارت بنفسها أن تكون معك في علاقة، أليست كذلك؟ وهي تعرف أن لك زوجة وأطفال؟"

"هذه الحجج العقلانية لا تنفع معها".

"عصابات الياكوزا طرف في المسألة؟"

"لا، لا، هي مستقيمة تمامًا ومحدودة. عادية. على أي حال، يقول المحامي الخاص بي -شوفي، أنا وهي كنا نتواعد دائمًا هنا في هذا الفندق – ولذا يقول إذا كانت هي الوحيدة التي كان لي علاقة بها طيلة تلك الفترة، فإن ذلك سيضفي مصداقية على ادعائها بأنها كانت علاقة حصرية ومُلزِمة".

"لا أفهم فعلًا".

"المحامي يقول إذا كانت هناك ولو حتى امرأة واحدة أخرى مارستُ علاقة معها في هذا الفندق، حتى وإن كانت امرأة أدفعُ لها أو ما شابه، فسيمكنني الادعاء بأن كل مواعداتي هنا كانت مجرد، كما تعلمين، مجرد لقاءات للمتعة العابرة".

"انسَ!"

شعرتُ بالدم ينسحب من وجهي. لماذا كانت سريعة للغاية هكذا ومفاجِئة في استجابتها؟

"انتظري. اسمعيني فقط".

"تريد أن أشهد لصالحك في المحكمة، أليس كذلك؟"

"نعم، ولكن، شوفي، هناك أمر واحد يجب أن أخبرك به أولًا. إننا نتحدث عن محاكمة قانونية هنا. لا أستطيع أن أعطيكِ أجرًا".

"أيها الحقير! أجر؟ فكر في ما تطلبه مني الآن! أنا حتى لم أتزوج بعد! أنا... ماذا أقول لأمي؟ أمي ما زالت تعمل، بعد سنين من تجهيز العشاء لنا كل ليلة! إلام تجرني الآن؟ أنت لا تهتم بمشاعر أي شخص سوى مشاعرك!"

واللعنة عليَّ لو لم تبدأ في البكاء. الماسكرا التي تضعها ساحت على خديها، وتساقطت دموع سوداء على الطاولة الرخامية. رمقني الأمريكي ذو البدلة السوداء معاتبًا، بينما يتحدث الأغنياء نصف الحمقى عن عضوية نادي يوميوري الريفي، متظاهرين بعدم رؤيتنا. ثمة قول مأثور أن أمرين لا يمكنك الفوز فيهما: بكاء طفل و... شيء آخر. لكني أراهن أن كلاهما ليس أسوأ من امرأة تبكي. كان لبيكاسو لوحة اسمها "المرأة الباكية"، لكنه لم يرسم "الطفل الباكي". انتظر. بيكاسو؟ ما علاقة بيكاسو بالموضوع؟ إذا فشلتُ في إقناع كايومي بمساعدتي، فسأُضْطَر إلى تكريس الأربعين سنة القادمة في حياتي لدفع النفقة. أتذكر عجوزًا في كالكتا كان يجلس صامتًا على جانب الطريق. فجأة صرت أحسده. صرت أحسد كلَ من ليس مكاني الآن.

"لا تبكِـي. اسمعي، أعرف أن طلبي ليس بسيطًا، ولكن شوفي، أنا الآن...".

"ليس بسيطًا؟ إنه ليس بسيطًا، إنه شنيع، هذا ما هو عليه! من سمع عن شيء كهذا من قبل؟"

أتساءل كم مرة رأيتُ فيها هذه المرأة تبكي. بكت حين أخبرتها أن علاقتنا انتهت. كنا في مطعم فرنسي في روبونجي. صرخت في وجهي من بين شحتفة البكاء: "أنت أفظع رجل على وجه الأرض! حين تموت ستذهب مباشرة إلى الجحيم!" – بصوتٍ عال لدرجة أن الجرسون كاد أن يُسقِط صينية الأكل. مع ذلك تناولت عشاءها، رغم أن الدموع كانت تنهمر على وجهها. وعندما وصل طبق الحمام الذي طلبته، قطعتْ سيل الشتائم فترة كافية لتقول: "لذيــذ!". الشابات الجميلات الطويلات قويات حتى النخاع، ويعرفن كيف يُربِكن الواحد. ماذا أفعل؟ ربما عليَّ أن أحاول الانفجار في البكاء بدوري.

"كايومي، أنتِ... أنتِ الوحيدة التي يمكنها مساعدتي".

كفت عن البكاء. لا أعرف ما إذا كانت جملتي الأخيرة قد ضربت وترًا حساسًا لديها أم أنها سئمت من شلالات الدموع، ولكن لعلّي سأصلُ لنتيجة هنا. يجب أن أتحسس طريقي إليها بحذر.

"أعرف أنني أناني"، قلت لها، "وأخطائي كثيرة. لكني أواجه وقتًا صعبًا حقًا الآن. أبي في البيت مشلول بسبب الروماتيزم، وأختي الصغيرة أجهضت أيضًا، وبسبب ذلك أصبحت أمي عصبية علينا، و..".

"ماذا؟ أختك أجهضت؟"

كانت تحب دائمًا أن أخبرها أنها تشبه أختي الصغيرة.

"نعم. بعد ست سنين من الزواج حملت أخيرًا، ثم..".

أختى لديها طفلان، وطفل آخر في الطريق. السر في الكذبة أن تقنع نفسك بأن ما تقوله صحيح. إذا لم تتمكن من خداع نفسك، لن تستطيع خداع أي شخص آخر. ينطبق الأمر نفسه على برامج التلفزيون.

"المسكينة. لا بُد أنها مُدمَّرة".

"آه، هي بخير. كلمتها على التليفون بالأمس. إنها قوية، تلك الفتاة".

"تلك مجرد آلية دفاعية. الأمر مُدَمِّر. لقد أجهضتْ زوجة أخي، وأعرف صعوبة الأمر عليها".

"في الواقع، لقد تكلمنا عن كالكتا. هل حكيتُ لكِ عن تلك الرحلة؟"

"لا".

"حسنًا، إنها جهنم على الأرض. نصف تعداد السكان البالغ نحو العشرة ملايين يعيش في الأحياء الفقيرة، ويبدون كما لو أنهم قد جُرِّدوا تمامًا من إنسانيتهم. إنهم ينقبون في القمامة كالحيوانات، وهناك مرحاض واحد تقريبًا لكل مئة شخص، والشوارع غارقة في مياه الصرف الصحي الفائضة، وجثث أطفال ميتين في المزاريب...".

"أوه!"

"اليابان وضعها متميز جدًا، كما تعرفين. الحياة ليست سهلة على الناس في البلاد الأخرى".

كان ذلك حقيقيًا بالفعل. كلما سافرتُ للخارج أتذكر أن لليابان وضعها الخاص، وأن اليابانيين مُنعَّمين بشكلٍ ميؤوس منه. يرجِع الازدهار هنا بشكلٍ أساسي إلى العوامل الـجـيوسياسية، لكن الجميع يظنون السبب هو أننا نعمل بجد.. كل هذا غيـر ذي صلة الآن. ما أحاول فعله هنا أهم بكثير على قائمة أولوياتي من تطويـر كالكتا.

"أخبرتُ أختي عن أسرةٍ أجريتُ معها مقابلة هناك. عائلة من ستة أفراد تعيش في مساحة عشرة متر مربع تقريبًا. لا يملكون إلا سرير واحد – حسنًا، سرير عبارة عن لوحين خشبيين مغطى ببطانيات قديمة مهترئة – يتناوبون النوم عليه. يخرج الأطفال صباحًا للتسول، ويعمل الأب في أحد مواقع البناء يومين في الأسبوع أو نحو ذلك، ويجني دولارين تقريبًا في اليوم، ما يكفي بالكاد للطعام. لكن الأمر أنهم سعداء، مبتهجين".

"مبتهجين؟"

"وجوه الأطفال مشرقة فقط. أسعد بما لا يُقاس من الأطفال اليابانيين الذين ترينهم يروحون ويجيئون كل مساء من مدارس التعليم المُكثَّف".

كانت خدودها ما تزال ملطَّخة بآثار الماسكرا، مع ذلك لم يقدم لها الجرسون فوطة يد. ربما كان مُطمئِنًا ومتعاطفًا، لكن لا يتطفل. كان له حضور رمزي، مُتجنِّبًا أي تورُّطٍ مباشر. رجل حقيقي من رجال الإكليروس.

"لقد فعلتِ الكثير من أجلي من قبل، أليس كذلك؟"

تتذكر الآن. طلبت كوكتيل نوستالـجيك آخر. "تعرف؟"، قالت "حين أفكر في الأمر مجددًا، أدرك أن الفترة التي أمضيتُها معك كانت أقرب ما قد أعيشه من حياة الرفاهية".

"لا تكوني سخيفة".

"هذا ما أعتقده حقًا".

"ليس صحيحًا".

"إنني لا أجيد أي شيء، ليس لديَّ أي مهارات. ماذا قد أفعله سوى أن أتزوج؟"

"لعلك ستتزوجين من شخص ثري حقًا".

"لا. أنا أعرف الآن".

"تعرفين ماذا؟"

"الوضع، النظام الطبقي – ليس كأنهما قد انتهيـا. الكثير من الرجال من الأغنياء والجذَّابين في الوقت نفسه. أنتَ أحدهم".

"كفي عن هذا".

"لكن رجالًا مثلك لا يختارون امرأة مثلي. بل يتزوجون فتيات رائعات وجميلات من عائلاتٍ ثريـة. صرت أعرف هذا الآن".

"ليس بالضرورة".

"أخشى أن الأمر كذلك. انظر لنفسك. لم يخطر ببالك قط أن تُطلِّق زوجتك وتتزوج مني، أليس كذلك؟ لا مشكلة، لا أقول إن الأمر مهم الآن، لكن الحقيقة أنني، حين كنتُ معكَ، الطعام الذي كنتُ آكله وما إلى ذلك، أنا متأكدة أنني لن أحصل على تلك الحياة مجددًا في حياتي. الكافـيار، وأطباق المحار، والسمك المدخن- أعني، أبواي لم يذوقا أطباقًا كهذه قط. كما أنك اصطحبتني إلى سنغافورة وجزيرة كيبو وكل تلك الأماكن، وأعرف أنني كنتُ حزينة نوعًا حين افترقنا، لكن... أشكُ أنني سأحصل على سعادة كهذه مرة أخرى".

"اسمعي، ما دمتِ بصحتك، فأمامك الدنيا كلها لتتطلعي إليها".

"ربما ذلك صحيح بالنسبة لك".

"بالنسبة للجميع".

"أنت لا تصدق هذا للحظة. مَن الذي كان يقول إن تسعة وتسعين بالمئة من البشر عبيـد؟"

في هذه لم أستطع الرد عليها. في الماضي حين كان زواجي ما زال مستقرًا، أخذتُ ابنتي ذات الخمسة أعوام وابني ذي الثلاثة أعوام إلى حديقة للعب بالقرب من منزلي. تفحُّـص الناس هناك، صدمني بحقيقة أن الجميع ينتهي بهم الحال عبيدًا كأي أحدٍ آخر. وجوه عبيد، موضات عبيد، طريقة كلام عبيد، تعاملات عبيد – إنهم فقط يُبدِّلون أنفسهم، في النهاية. في اليابان، الناس لا يدركون هذا حتى، ولكن في مكان مثل كالكتا، كان الوصم شاملًا وجماعيًا لدرجة لا تستطيع معها خداع نفسك بشأن الموضع الذي أنتَ فيه بالفعل.

"ليكن، أنت تفوز"، قالت، وقد أراحت خدها على قبضة يدها. "أنت يائس، ألستَ كذلك. هل يمكنك أن تضمن خصوصيتي في هذا، مع ذلك؟ لن يُنشر الأمر في مجلة (فوكاس) أو ما شابه؟"

"مستحيل، أنا لستُ أحد المشاهير. لكن، شوفي، أنا حقًا ممتن لكِ".

"أريدُ شيئًا في المقابل، مع ذلك".

"ماذا؟ قلتُ لكِ إن لا يمكنني أن أدفع أي...".

"ليس مالًا. أنتَ تعرف أنني مشجعة كبيرة لتاكاهاشي يوشيهيكو، لاعب البيسبول في فريق "الشبوط"؟ إن حلمي الآن أن أقابله. سأشهد معك في المحكمة مقابل شرط واحد: أن تُعرِّفني على يوشيهيكو".

كيف يمكنني أن أرفض لها أي شروط؟

ذهبتُ للقاء أحد زملائي في القسم الرياضي.

"اسمع، هل تعرف تاكاهاشي يوشيهيكو، لاعب البيسبول؟"

ما الذي أفعله بحق السماء؟ إنني أتلقى اتصالات هاتفية كل مساء، ما بين التوسلات والوعيد، من المرأة التي جرتني إلى المحكمة؛ الكلام الوحيد الذي أتلقاه من زوجتي هو الأوامر المقتضبة بإرسال أطفالنا، هذا، وذاك، والآخر، إلى بيت عائلته؛ ولديَّ خمسون ألف قدم من الفيلم تنتظر المونتاج؛ وها أنا أحاول ترتيب لقاء مع لاعب بيسبول. كم أحسد ذلك المتسول في كالكتا، الذي لا يتوجب عليه سوى الجلوس في الشارع بيدٍ ممدودة لكي يقضي يومه. كل ما عليه فعله للبقاء على قيد الحياة.

"ليس بشكل شخصي. الزملاء في فرع هيروشيما هم من يغطون أخبار فريق (الشبوط) للبيسبول. لماذا تسأل؟"

"قصة طويلة. هل يمكنك تقديمي لشخص ما هناك؟"

"سهلة. ولكن ما الذي تنوي فعله، على أي حال؟ ستحصل على توقيع تاكاهاشي وتستخدمه لإغواء معجبة صغيرة من معجباته، أليس كذلك؟ الأمر سيكلفك".

"يا ليت الأمر بسيطًا وبريئًا هكذا".

"كان معك ذات مرة تلك السجائر الإيطالية النادرة، هل تتذكر؟ هذا ما أريده في المقابل".

"لحظة، تلك السجائر لا يمكن شراؤها. إنهم لا يملكونها في المتاجر المعفاة من الجمارك في الخارج!"

"أنت تعلم أنني مهووس بالسجائر منزوعة الفلتر. حملة مكافحة التدخين هذه الأيام – كلها مؤامرة من شركات الأدوية والوكالات الإعلانية...".

"تلك السجائر منحني إياها بيانيست حين كنتُ في إيطاليا. أعطاني علبة واحدة فقط!"

"كانت سجائر رائعة".

"يمكنني أن أدفع لك بدلًا من ذلك. لنقل عشرين ألف ين؟"

"أريد السجائر".

بأي وجهٍ يمكنني رفض شرطه؟

بدلًا من أن أتناول غدائي في فترة الاستراحة من الدوبلاج، أسرعت إلى مكتب السياحة التابع للحكومة الإيطالية لمقابلة مسؤولة علاقات عامة تُدعى كارلا. ساعدتني ذات مرة حين كنتُ أقوم على إعداد فيلم وثائقي عن تاريخ الأغنية الشعبية.

"سيبدو طلبي سخيفًا نوعًا ما، لكنني أريد نصيحتك بخصوص نوع سجائر معين".

كارلا ابنة عائلة فاحشة الثراء، لدرجة أنهم يملكون فريق كرة قدم خاص بهم. رتب والدها عملًا لها هنا، ليقوم بإجلائها من أرض عمليات الاختطاف السياسي إلى المدينة الأكثر أمانًا في العالم.

"يا للصدفةـ كنتُ سأتصل بك".

كان عطرها فوَّاحًا. لا شك أن رائحة جسدها كذلك. عرفتُ من قبل امرأتين إيطاليتين فقط. الاثنتين كانت لهما بشرة ناعمة. وأكساسهن شبيهة على نحوٍ ملحوظ بالكُسّ الياباني. ولكن هذا موضوع جانبي الآن.

"السجائر التي يدخنها البيانيست ماسيمو. كيف أتحصَّل على بعض منها؟"

"ماذا كان اسمها؟"

"لا أذكر. أذكر العلبة، مع ذلك. لم تكن ورقية، بل من تلك العلب الصغيرة المسطحة، مثل السيجاريلو، وكان شعارها فيل بشنب – أم كان فحل جاموس مائيًا؟"

"لم أرها من قبل".

"أنا بحاجة إلى بعض منها".

"تقول إن ماسيمو كان يدخنها؟"

"نعم".

"إذن ربما كانت مصنوعة بالطلب. ماسيمو من بيروجيا، وهي منطقة معزولة نوعًا ما. وبالتفكير في الأمر، فهم ينتجون هناك بعض منتجات التبغ الممتازة. أستطيع إرسال تلكس مبكرًا في الصباح".

"تعتقدين أننا قد نجدها؟"

"في ما يتعلق بإيطاليا، لا مستحيل بالنسبة لي. ربما باستثناء التسلل إلى منظمة الألوية الحمراء"، وضحكت كارلا، مما جعل ثدييها الهائلين ينهضان ويترجرجان. هي أطول مني برأس تقريبًا، وقد تشجعتُ مرة ورقصت معها رقصة بطيئة، وأوشكتُ على الاختناق.

"بالمناسبة، لديَّ طلب منكَ أيضًا! هل تذكر حين ذهبنا لتناول طبق خاص من بطارخ السلمون في ذلك المطعم في تسوكيجي؟"

"خلف مكتب شركة دينتسو الرئيسي".

"هذا هو. لقد قدموا لنا بعض الأسماك المجففة الصغيرة كمُقبِّلات. كنتُ أحتاج منها للتقديم في حفلتي القادمة".

"آه، ولكن هذه الأسماك لا يمكن شراؤها من أي مكان. أتذكر أنهم يجلبونها من منطقة نائية على ساحل اليابان، أو...".

"لهذا كنتُ سأتصل بك. أنا ببساطة يجب أن أحصل على بعض تلك الأسماك. وسأعتني أنا بموضوع السجائر هذا من أجلك".

بأي وجهٍ أرفض أيَّة شروط أو أتفاوض عليها؟

استمر المونتاج. كل المشاركين كانت عيونهم مُحتقَنة بالدم بعد العمل حتى ساعات الصباح الأولى لعدة ليالٍ متتالية. على الشاشة مقلب نفايات عملاق في كالكتا. تجول فيه كلابٌ وقطط وخنازير وجاموس وطيور وبشر. تحمل امرأتان أطفالهن إلى صدورهن، وتتشاجران على قشرة بطيخة نصف فاسدة. "كيف لأي إنسان أن يعيش هكذا؟" تمتم مهندس الصوت. رد الفني وهو يعابث لوحةَ التحكم: "إنني أتساءل ما إذا يعرفون أن هناك وضع أفضل". كنتُ أقوم على توجيه عملية الدوبلاج، وإجراء تعديلات طفيفة على السيناريو بينما نمضي قُدُمًا، غير أن الأمر الوحيد الذي يشغَل بالي كان سمكة مُجفَّفة صغيرة.

"كات-تشان، هذا أنا".

كانت كات-تشان يعمل لدى "دينتسو"، وكان مسؤولًا عن جناح شركة "سوميتومو" في معرض أوساكا. استقال قبل ستة أعوام وافتتح مطعمًا في تسوكيجي، خلف مكتب "دينتسو" مباشرةً. لا يعرف أحد بالضبط سببَ تخلِّيه عن وظيفته كمنسق فعاليات. يقول البعض إنه أٌجْبِر على الاستقالة بسبب مزاعم تحرش جنسي بمرؤوسيه من الذكور. ويدعي هو ببساطة أن عشقه للطبخ هو السبب، وسأكرر هذا كثيرًا: كان بالتأكيد يطبخ بعض الأطباق الرائعة. على سبيل المثال، طبق القواقع البحرية الذي يُعِده مع سلطة الكيوي كان من عالم آخر.

"أهلًا! عاش من شافك!"

"لديَّ معروف أطلبه منك".

"ليس على التليفون، لا تفعل ذلك. لازم تأتي إلى هنا وتريني وجهك".

"العام الماضي، في الربيع، كان عندك بعض الأسماك المجففة اللذيذة حقًا، هل تذكر؟ أسماك فضية صغيرة جدًا".

"بالتأكيد. من واساكا".

"مضبوط. هل ما زال عندك منها؟"

"لا".

"لا؟"

"هناك رجل عجوز واحد فقط يصطاد تلك الأسماك ويجهزها –إنه أسطورة في واكاسا– ويكاد يستحيل أن تتحصل عليها. لقد كانت رائعة، أليس كذلك؟ ولكَ أن تتخيل حجم الطلب عليها".

"تبًا. اللعنة".

"هل يجب أن تحصل عليها؟"

"نعم".

"ربما أمكنني أن آتيك ببعض منها".

"حقًا؟"

"ولكن اسمع. أريد شيئًا في المقابل".

"انتظر. انتظر لحظة. أنا لا، أنا لست...".

"ليست طيزك الحلوة هي ما أريد، يا أهبل. هل ما زلتَ ترى كين-بو، من وكالة أريكاوا؟"

"لم أعد أعمل في البرامج الموسيقية".

"إذن، ليس لك نفوذ كبير عند الوكالات الآن؟"

"ماذا تقول، وكالة صغيرة تافهة مثل أريكاوا؟ لا مشكلة. ماذا تريد؟"

"ابحث عن كين-بو واطلب منه أن يعيد مضربي للتنس. لقد أعرته مضربي الدنلوب ماكس 2000، ويرفض إعادته. سأسافر إلى مرتفعات إيزو بعد غد، وأريد أن آخذ هذا المضرب معي".

الكثير من السلع المادية. سجائر من بيروجيا، أسماك مجففة من واكاسا، مضارب تنس ماركة دنلوب – اليابان تمضي على طريق الخراب. انظر إلى كالكتا. امرأة متسولة، ذراعاها مغطاة بالقروح الناجمة عن بعض الأمراض الجلدية، تقف في الشمس اللاهبة عشر ساعات لتتحصل على بسكويتة فاسدة.

خرجت من غرفة المونتاج واندفعتُ صاعدًا إلى استوديو 3 في الطابق الرابع. كين-بو مدير شاب مثلي جنسيًا في وكالة أريكاوا للمواهب. كان يأتي للبروفـات هنا لإزعاج المنتجين، حتى حينما لا يكون مغنِّوه مشاركين في العروض.

تذمرتُ: "كنتُ أعرف أنني سأجدك هنا. أنت لم تتغير إطلاقًا، أليس كذلك؟"

"يااه! عدنا للعالم الحقيقي مرة أخرى، أليس كذلك؟"

"اسمع أيها المزعج الصغير، عندي رسالة لك. كات-تشان من تسوكيجي يريد استعادة مضربه. الليلة".

"يا إلهي، لا أصدق هذا".

"لا يهم ما تصدق، فقط أعد المضرب. سأقع في ورطة كبيرة إذا لم تفعل ذلك".

"انتظر لحظة. قلتُ مرارًا وتكرارًا: لقد أهداني هذا المضرب. يا إلهي".

"وأنا أقول لك أن تُعيده. تريد أن أتهجاها لك بصوت عالٍ؟"

"ما الذي يجعلك منفعلًا هكذا؟ ماذا حدث؟"

"شوف، تعرف أنني صديق مقرب لمنتج هذا العرض، أليس كذلك؟ أترى ما ألمِح إليه. لا تجعلني أقولها صراحة".

"يا إلهي. أوه، فليكن، ولكني أريد منك شيئًا في المقابل".

"لا تزدها أيها المزعج".

"تمام. على راحتك إذن. ليس لدينا أي مغنيين لائقين الآن على أي حال. لا أرى كيف يمكنك أن تجعل الأمر أكثر سوءًا".

"ياا".

"ويمكنك أن تشرح لكات-تشان أنه عندما يهدي شخصًا ما هدية، فلا ينبغي له أن يتوقع استعادتها".

"انتظر. أوكيه. تمام. ماذا تريد؟"

"هناك ملهى صغير في جينزا اسمه (بيزار). تعرفه؟"

"أعرفه. بكم تدين لهم؟"

 "لا، لا، ليس كذلك. يا ساتر. توجد مضيفة هناك اسمها ساكي".

"منذ متى تفضل النساء؟"

"على الجميع أن يكونوا في المقدمة في هذا المجال. أنت تعرف كذلك أن...".

"ليكن، ليكن، ماذا تريد؟"

"أريدك أن تخبرها أنني لن أستطيع الحضور غدًا".

"لك ذلك".

"ليس تليفونيًا، لن يجدي".

"لا؟"

"اذهب إلى ملهاها. تفضل، دعنا نرى، اشترِ بوكيه ورد بسبعة آلاف ين، اعطِه لها واهمس في أذنها (أرسلني كين-بو. هو لن يتمكن من الحضور غدًا، ويرسل إليكِ هذه الورود اعتذارًا)".

هل سينتهي هذا الأمر؟ ما الذي ستطلبه المضيفة ساكي هذه؟ وما الذي كنتُ أسعى إليه في البداية؟

عادةً ما أشتري الورود من كشك في الشارع. كان الوقت متأخرًا، لذا كلَّفني عشرين ألف ين من أجل بوكيه ورد محتـرم. أوقفتُ عملية الدوبلاج لساعةٍ. كانت تُمطر في جينزا. أضواء النيون ضبابية، ورائحة كعك أرز محترق مُعَلَّقة في الهواء. لم آكل شيئًا منذ سُلطانية النودلز التي تغديتُ بها. كنتُ دائخًا ومُشوَّش الذهن وعيناي تحرقانني بسبب أعمال الدوبلاج. شعرتُ كأنني مُتَسوِّل من كالكتا. أنا أكثر لحمًا منه، لكني أمدُ يدي، وأجرُّ نفسي في الشوارع يائسًا. حين يفشل المتسوِّل في الحصول على مال أو طعام، يسحب يده فقط. هو على الأقل لديه بعض الكرامة.

تقول المضيفة ساكي: "كين-بو يخاف مني". "كما ترى، أنا رائعة للغاية، وحين تغضب الجميلات، يخاف الناس. القبيحات يغضبن لكن الأمر يكون كوميديًا، أليس كذلك؟ قل له أن يكف عن جبنه ويتصل بي".

أقدم لها البوكيه، وآكل طبقًا من درنات القلقاس الصغيرة، وأجرع كأسًا من الشيفاز المخلوط بالماء، وبينما تنتشر النار في معدتي أسمع:

"يا يوشيهيكو! كيف تقول هذا؟"

أين سمعتُ هذا الاسم من قبل؟

"هل قال أحدهم يوشيهيكو للتو؟"

تتمتم ساكي ووجهها مدفون في بوكيه الورد: "هممم".

"تاكاهاشي يوشيهيكو؟ لاعب فريق ((لشبوط)؟"

"نعم".

"هو هنا؟"

"هناك، وراؤك".

"ماذا؟ هل يأتي إلى هنا كثيرًا؟"

"من آن لآخر، حين يكون في طوكيو. البنات يحبونه. لا يشرب كثيرًا، ولا يتسافل أبدًا أو أي شيء".

"عرِّفيني عليه. لو سمحتِ".

"أوه، أنت من المعجبين؟"

"يمكنني أن أعطيكِ بعض السجائر الإيطالية، أو بعض الأسماك الصغيرة من واكاسا، أو مضرب تنس. أي حاجة، فقط قدميني إليه أرجوكِ".

"إنه يسعد دائمًا بمقابلة المعجبين. مهمون بالنسبة له".

أنهض واضع يدي على صدري النابض، وأتبعها عبر الغرفة.

تاكاهاشي يوشيهكو عظيم.

قدَّمتُ نفسي وأعطيته كارتًا، وأخبرته أن إحدى صديقاتي من أشد المعجبات به، وأنني أعرف صعوبة الأمر وأعتذر عن طلبي، ولكن هل يمانع في التحدث معها عبر التليفون؟

ابتسم ووافق بمرح. دون قيد أو شرط، حتى الآن.

"كيومي. تعرفين من كان هذا، أليس كذلك؟ هذا كان تاكاهاشي يوشيهيكو. تدريبات الربيع ستبدأ قريبًا، لذا فإن مقابلته شخصيًا، أخشى أن الأمر صعب قليلًا، ولكن.. آلو؟ ما زلتِ معي؟"

"دقيقة، قلبي يدق. اعتقدتُ أنني سيُغمَى عليَّ!"

"يا كيومي، أنتِ لا تعرفين ما مررتُ به.. لقد.. لقد كنتُ...".

تجمعت الدموع في عيني.

"أستطيع أن أتخيَّل. ظننتك أدركتَ أنني كنت فقط أمزح. شكرًا لك، رغم ذلك، فعلًا".

"كنتِ تمزحين؟"

"اسمع، لقد كنتُ متوترة بشدة ولم أستطع قول أي شيء على الإطلاق. ممكن تقول له يكسب كأس بطولة القاعدة هذا العام؟ هلا أخبرته بذلك من أجلي؟"

"بالتأكيد، ولكن... كنتِ تمزحين فقط؟"

"في ما يتعلق بتقديمي له، نعم. لكن لا تقلق. سأشهد لصالحك".

كان تاكاهاشي جالسًا على طاولة مع بعض لاعبي البيسبول الآخرين وبعض المضيفات. يتحادثون ويضحكون، تمامًا كما كان قبل أن أُقاطعه.

بعد نحو شهر، بعد أن سحبتْ خصمتي دعواها ضدي، وبينما كانت قضية طلاقي على وشك البدء، تلقيتُ طردًا هدية من سكر موسكوفادو قادمًا من أوكيناوا. الراسل كان تاكاهاشي يوشيهيكو. قررتُ أنا وكيومي حضور مباراة فريق الشبوط حين يبدأ الموسم. أكاد أسمعُنا بالفعل ونحن نهتف في انسجام: "اركض يا تاكاهاشي!"