«تخلّ»، هكذا قلتِ لي في حلم،
ولكن عندما حملت الرياح صوتك إلي،
كنتُ قد عبرتُ باب التثاؤب
تجاه حزن الصحو الحتمي الصغير.

ميكائيل دى لارا كو شاعر ومترجم من الفلبين، ولد عام 1983، ويُعد واحدًا من أبرز الشعراء المعاصرين في الفلبين. فازت قصائده وترجماته بالعديد من الجوائز، من بينها أربع جوائز بالانكا، وترشيحين لجائزة الكتاب الوطني.

ترجمة: مصعب السيد


تفصيلة من لوحة «قرنفل، زنبق، زنبق، ورد» (1886) للفنان الأمريكي جون سينجر سارجنت.

المنكوبون

ليس بإمكان الشعر عن زهور الزنبق أن يوقف الدبابات
وكذلك الشعر عن الدبابات.
هذا لا خلاف عليه.
إليك كيف يحدث الأمر تقريبًا.
تجلس إلى مكتبك
لتكتب قصيدة عن الزنبق، بينما تُفرغ خزينة من رصاص 9 ملليمترات،
في صدر أم في زامبوانجا، اسمها هاميرا.
أجلس إلى مكتبي لأكتب قصيدة عن الدبابات
بينما يحطم حفار في أمباتوان عظام سبعة وخمسين.
أحاول أن أبحث عن كلمة بديلة لـ«جسد».
الشعر هو
ألا تنفد منك الكلمات أبدًا.
وإليك كيف يحدث الأمر تقريبًا؛
أجد كلمة بديلة لـ«جسد»
بينما تظل هاميرا ميتة.
كان ابنها معها عندما أُطلق عليها الرصاص.
لم أنتبه لاسمه.
لا أعرف إن مات.
ربما وضع زهرات زنبق على قبر أمه.
ربما دُفن جوارها.
كلمة واحدة تكفي لقول زنبق.
ثمة ما يكفي من الجمال في الأزهار.
أريد أن أجد جمالًا في المعاناة.
أريد أن أفشل.

قصيدة صعُب عليّ كتابة أول سطورها

لطالما أردت أن أبدأ قصيدة
بـ«لطالما أردت أن أبدأ».
والآن فعلت. لذا من الأفضل أن أنهيها هنا،
ولكن العالم يتمدد
رجوعًا إلى بداياته المعتمة،
والفضاء، مدركًا لزواله الآتي،
يغني عن الاحتمالات.
يغني: أنا على وشك الفناء.
كل شيء يفنى تقريبًا
وعاجلًا أم آجلًا
لن يكون بحوزتنا سوى الوقت.
ذلك إن عشنا كل هذا.
قبل ذلك بقليل
سترسو لهجاتنا على رمال النسيان الرمادية،
وستبدأ كل كلماتنا الحزينة في تكرار نفسها
كأن الصوت لم يستحل سكونًا،
كأن كل شيء لم يُقل من قبل.
دعني أخبرك بنكتة: أنا رجل مؤمن.
أو طفل، أو شجرة،
أو شيء حي سيغدو يومًا ما شيئًا ميتًا.
ما علاقة الإيمان بهذا؟ أعرف،
هذا ليس مضحكًا. لا شيء يبعث على الضحك في الموت،
في كيف تنزف الحركة لتصبح آلية،
ثم كيف تستسلم الآلية لمحدوديتها الساذجة.
كيف ندعم الإنتروبيا بمولدنا.
أترى؟ أنا فقط أردت البدء، والآن أدندن اللازمة الشبحية للنهايات الوشيكة.
في تلك الأغنية عن الاحتمالات،
أحدهم يلقي بزجاجة فارغة نحو السماء. أنا أراك،
أنت تتخيلها وهي تبطئ قبل الوصول إلى أعلى نقطة،
وتأخذ الجاذبية في عين الاعتبار، عمل مرهق. توقف.
لا تفعل ذلك. لنذهب. دعنا لا نكن في الجوار عندما تتحطم.
دعنا لا ننتظر النهاية.

عن حتمية الحزن

دعوني أخبركم عن الشوق
دعوني أفترض أن لدي شيء جديد لأقوله عنه،
دعوني أفترض أن هذه الغرفة العارية
بحوائطها المتلهفة للساعات،
لديها شيء جديد لتقوله عن الغياب.
في مكان ما
صوت مضغ تفاحة،
صور لزهور عباد شمس باهتة فوق لحاف،
نافذة تطل على منظر طبيعي
به شجرة وحيدة.
وأنتِ تجلسين أسفلها.
«تخلّ»، هكذا قلتِ لي في حلم،
ولكن عندما حملت الرياح صوتك إلي،
كنتُ قد عبرتُ باب التثاؤب
تجاه حزن الصحو الحتمي الصغير.
أتمنى لو كان باستطاعتي أن أضمك الآن
ولكن هذا سطرٌ لا مكان له في قصيدة
حاله حال ضوء القمر المتورم الليلة،
أو كلمة الغياب،
أو أنتِ،
أو الشوق.
دعوني أخبركم عن الشوق.
في بلد بعيد
يجلس عاشقان على مقعد
والحمامات تحط جوارهم بلا خوف.
تضع يدها على ركبته
وتقول له
أخبرني بأكثر شيء حقيقي تعرفه.
أنا أغلق عيني الآن.
وأنتِ
بعيدة جدًا.


الترجمة خاصة بـBoring Books.

تحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.