ذات يوم منذ عدة سنوات كان يطالع مجلة في المحل، وتعثر في مراجعة لواحد من كتبي. عرف أنه يخصني بسبب الصورة الملحقة بالمراجعة، وبعد ذلك لم أعد مجرد زبون آخر بالنسبة لأوجي. صرت شخصًا مميزًا.
قصة كريسماس لأوجي رين
قصة لبول أوستر
ترجمة: أحمد تامر
نشرت صباح كريسماس 1990 في جريدة النيويورك تايمز، لاحقًا أصبحت سيناريو فيلم "دخان" 1995.
سمعت هذه القصة من أوجي رين. وبما أن أوجي لا يظهر فيها كثيرًا، على الأقل ليس كما يود أن يفعل، فقد طلب مني ألّا أستخدم اسمه الحقيقي. فيما عدا ذلك، المسألة المتعلقة بالمحفظة المفقودة والسيدة العمياء وعشاء الكريسماس هي بالضبط كما حكاها لي.
أنا وأوجي نعرف بعضنا منذ ما يقرب من إحدى عشرة سنة الآن. يعمل خلف الكاونتر لمحل سجائر في شارع كورت وسط بروكلين، وبما أنه المحل الوحيد الذي لديه علب السيجار الصغير ماركة داتش الذي أحب تدخينه، أذهب إلى هناك باستمرار تقريبًا. لفترة طويلة، لم أعط بالًا لأوجي رين. كان الرجل الغريب الصغير الذي يرتدي سويتشيرت بغطاء رأس ويبيع لي السيجار والمجلات، الشيطاني، الأدَرْجِي الذي لديه دائمًا شيئًا مرحًا ليقوله عن الطقس أو فريق الميتس أو السياسيين في واشنطن.
لكن ذات يوم منذ عدة سنوات كان يطالع مجلة في المحل، وتعثر في مراجعة لواحد من كتبي. عرف أنه يخصني بسبب الصورة الملحقة بالمراجعة، وبعد ذلك لم أعد مجرد زبون آخر بالنسبة لأوجي. صرت شخصًا مميزًا. معظم الأشخاص لا يستطيعون أن يبدوا اهتمامًا أقل بالكتب والكتّاب، لكن تبين أن أوجي يعتبر نفسه فنانًا. الآن وقد اكتشف سر هويتي اتخذني كحليف، كمحل ثقة، كرفيق سلاح. كي أكون صادقًا، وجدت ذلك محرجًا بالأحرى. ثم، وبشكل حتمي بالكاد، أتت اللحظة التي أخبرني فيها إن كنت أرغب في أن ألقي نظرة على صوره الفوتوغرافية. وبالأخذ في الاعتبار حماسته ونيته الطيبة، لم يبد أنني قد أخذله بأية طريقة.
يعلم الله ما كنت أتوقعه. على الأقل، لم يكن ما أراني إياه أوجي في اليوم التالي. في غرفة صغيرة بلا نوافذ في مؤخرة المحل، فتح كرتونة وسحب منها اثنا عشر ألبومًا متطابقًا من الصور؛ كان يقف عند زاوية شارعي أتلانتيك وكلينتون تحديدًا الساعة السابعة، ويأخذ لقطة واحدة ملونة لنفس المشهد بالضبط. بلغ المشروع الآن أكثر من أربعة آلاف صورة. كل ألبوم يمثل سنة مختلفة، وكل الصور كانت موضوعة بتسلسل، من 1 يناير حتى 31 ديسمبر، والتاريخ مسجل بعناية تحت كل واحدة.
ما إن قلبت في الألبومات وبدأت في دراسة أعمال أوجي، لم أعرف فيم أفكر. انطباعي الأول كان أنها أغرب وأكثر شيء محيّر رأيته على الإطلاق. كل الصور متطابقة. كل المشروع كان انقضاضًا خدِرًا من التكرار، نفس الشارع ونفس المباني مرارًا وتكرارًا، هذيان صارم من الصور الغزيرة. لم أستطع أن أفكر في أي شيء أقوله لأوجي، لذا واصلت تقليب الصفحات، مُومِئًا برأسي في تقدير مختلق. أوجي نفسه بدا مطمئنًا، يشاهدني بابتسامة عريضة على وجهه، لكن بعد أن وجد أنني قد أستمر هكذا لعدة دقائق، قاطعني فجأة قائلًا: "إنك تقلب الصور بسرعة، لن تفهمها أبدًا إن لم تبطئ".
كان محقًا، بالتأكيد. إن لم تأخذ وقتك كي تنظر، لن ترى شيئًا. أخذت ألبومًا آخر وأجبرت نفسي على المشاهدة بتأنٍ. انتبهت أكثر للتفاصيل، ملاحظًا التحولات في الطقس، مترقبًا التغيرات في زوايا الإضاءة كلما اقترب موسم. في النهاية كنت قادرًا على تحديد اختلاف غير ملحوظ في تدفق حركة المرور، لأتوقع إيقاع بقية الأيام (الفوضى في صباحات أيام العمل، الهدوء النسبي لنهايات الأسبوع، التباين بين أيام السبت والأحد). ثم، شيئًا فشيئًا، استطعت أن أتعرف على وجوه الناس في الخلفية، العابرين في طريقهم إلى العمل، نفس الأشخاص في نفس المكان كل صباح، يعيشون لحظة من حيواتهم في مجال الكاميرا الخاصة بأوجي.
ما أن تعرفت عليهم، بدأت في دراسة الأوضاع التي يتخذونها، الطريقة التي يحملون بها أنفسهم من نهارٍ إلى الذي يليه، محاولًا اكتشاف مزاجهم من تلك المؤشرات السطحية، كما لو أني أستطيع تخيل قصص منها، كما لو أنني أستطيع النفاذ إلى الدراما الخفية المحبوسة بداخل أجسادهم. أخذت ألبومًا آخر، لم أعد أشعر بالملل، لم أعد متحيرًا كما كنت في البداية. أدركت، أوجي كان يصور الزمن؛ كل من الزمن الطبيعي والزمن البشري، وكان يفعل ذلك بأن يتمركز في ركن واحد صغير من العالم ويريد أن يكون ملكه، استمر أوجي بالابتسام بمتعة. ثم، كما لو كان يقرأ أفكاري، بدأ يتلو مقطعًا من شكسبير "غدًا وغدًا وغدًا"، تمتم من تحت أنفاسه، "يزحف الزمن بخطاه الحقيره"[1]. فهمت حينها أنه كان يعرف بالتحديد ما يقوم به.
كان ذلك منذ ألفي صورة مضت. منذ ذلك اليوم، تناقشنا أنا وأوجي عدة مرات بخصوص عمله، لكن الأسبوع الماضي فقط عرفت كيف حصل على الكاميرا الخاصة به وبدأ بأخذ صوره في المقام الأول. كان هذا موضوع القصة التي أخبرني بها، وما زلت أعاني كي أدرك المراد منها.
في وقت سابق من ذلك الأسبوع، اتصل بي شخص من النيويورك تايمز وسألني إن كنت أريد أن أكتب قصة قصيرة لتنشر في الجريدة صباح الكريسماس. اندفعت في البداية لأقول لا، لكن الرجل كان شديد اللطف والمثابرة، بنهاية المحادثة أخبرته أنني سأحاول. مع ذلك، في اللحظة التي أغلقت فيها الهاتف، سقطت في حالة من الذعر الشديد. ما الذي أعرفه عن الكريسماس؟ سألت نفسي. ما الذي أعرفه عن كتابة قصص قصيرة بالتكليف؟
أمضيت الأيام التالية في يأس، أحارب أشباح ديكينز، وأ. هنري وأساتذة روح موسم الكريسماس. عبارة "قصة الكريسماس" ذاتها كانت ذات صلة غير سارة بالنسبة لي، تستدعي التدفقات المريعة لأنهار الخمر والعسل النفاقية. حتى في أفضل حالاتها، قصص الكريسماس لم تكن أكثر من أحلام لتلبية رغبة، قصص خرافية للراشدين، وسأكون ملعونًا إن سمحت لنفسي أن أكتب شيئًا كهذا في أي وقت. ومع ذلك، كيف يمكن لأي شخص أن يعتزم كتابة قصة كريسماس غير سنتمنتالية؟ سيكون هذا بمثابة تعارض في الشروط، استحالة، أحجية خالصة. على المرء فقط أن يتخيل حصان سبق بدون أرجل، أو عصفور بلا جناحات.
لم أصل لشيء. في الخميس خرجت من أجل تمشية طويلة، آملًا أن الهواء سيجعل ذهني صافيًا. فقط بعد الظهر، توقفت في متجر السجائر لأتزود بالمؤن، وكان أوجي هناك، يقف خلف الكاونتر كعادته. سألني عن أحوالي. وبدون أن أقصد حقًا، وجدت نفسي أفضي بهمومي له. "قصة كريسماس؟" قال بعد أن انتهيت. "هل هذا كل شيء؟ إن دعوتني للغداء، يا صديقي، سأخبرك بأفضل قصة عيد ميلاد ستسمعها على الإطلاق. وأضمن لك أن كل كلمة فيها حقيقية".
قطعنا الحي متجهين إلى مطعم جاك، أطعمة معلبة محشورة وهائلة الحجم وسندوتشات بسطرمة جيدة وصور لفريق دودجرز القديم معلقة على الحائط. وجدنا طاولة في الخلف، طلبنا طعامنا، ثم بدأ أوجي قصته.
قال: "كان ذلك في صيف عام اثنين وسبعين، أتى ولد ذات صباح وشرع يسرق الأشياء من المتجر. لا بد أنه كان في التاسعة عشرة أو العشرين، لم أر في حياتي سارق متاجر أكثر إثارة للشفقة. وقف بجوار رف صحف بامتداد الجدار البعيد ودس كتب في معطفه. وقتها كان هذا الركن مكتظًا، لذا لم أره في البداية. لكن ما أن لاحظت ما كان بصدده، بدأت بالصياح. هرب كالبرق، وخلال الوقت الذي استطعت فيه أن أنفذ من خلف الكاونتر، كان هو قد قطع بالفعل شارع أتلانتيك. طاردته مسافة نصف مربع سكني، ثم استسلمت بعدها. سقط شيئًا منه خلال الطريق، ولأنني لم أكن أشعر بالرغبة في الجري مجددًا، انحنيت لأرى ما الذي أسقطه.
"تبين أنها محفظته. لم يكن بداخلها مال، فقط رخصته مع ثلاث أو أربع صور. أظن أنه كان بامكاني إبلاغ الشرطة ما سيؤدي في حبسه. معي الاسم والعنوان من الرخصة، لكن شعرت نوعًا ما بالأسف له. كان مجرد حثالة تافه صغير، وما أن نظرت إلى تلك الصور في محفظته، لم أستطع أن أبقى غاضبًا منه. روبرت جودوين. كان ذلك اسمه. أتذكر، في واحدة من الصور، أنه كان يقف ويده حول والدته أو جدته. في أخرى كان في عمر التاسعة أو العاشرة يجلس مرتديًا طقم بيسبول وعلى وجهه ابتسامة كبيرة. لم يكن لدي الجرأة. خمنت أنه لا بد أنه صار حثالة الآن. فتى مسكين من بروكلين لم تسر الأمور معه على ما يرام (أو بدون أن تحدث الكثير من الأشياء) ومن يهتم بصحيفتين حقيرتين على أي حال؟
"لذا تمسكت بالمحفظة. كل حين يأتيني إلحاح أن أرسلها إليه، لكني ظللت أماطل ولم أقم بشيء حيال ذلك. ثم تحل أجواء عيد الميلاد في الأنحاء وأنا عالق بلا شيء أقوم به. في العادة يدعوني مديري لأقضي معه اليوم، لكن هذه السنة ذهب وعائلته إلى فلوريدا لزيارة أقارب. لذا أجلس في الشقة ذلك الصباح شاعرًا بالأسف قليلًا على نفسي، ثم أرى محفظة روبرت جودوين مستلقية هناك على رفٍ في المطبخ. قررت بحق الجحيم، لم لا أقوم بشيء لطيف لمرة، ارتديت معطفي وذهبت لأعيد المحفظة بنفسي.
"كان العنوان هناك في بويرم هيل، في مكانٍ ما بمنطقة المشاريع. كنت أتجمد ذلك اليوم، وأتذكر أني تهت أكثر من مرة محاولًا أن أجد المنزل الصحيح. بدا كل شيء متشابهًا في ذلك المكان، تظل تذهب في نفس الأماكن معتقدًا أنك في مكانٍ آخر. وصلت أخيرًا إلى الشقة التي أبحث عنها ورننت الجرس. لم يحدث شيء. أظن أنه لا أحد هناك، لكن أجرب مجددًا لأتأكد. أنتظر أكثر، فقط عندما أوشك على الاستسلام، أسمع شخصًا متجهًا إلى الباب. يسأل صوت امرأة عجوز من هناك، وأقول إني أبحث عن روبرت جودوين. "هل هذا أنت يا روبرت؟" تقول العجوز، ثم تفتح ما يقرب من خمسة عشر قفلًا لتفتح الباب.
"لا بد أنها في الثمانينيات على الأقل، ربما التسعينيات، وأول شيء ألحظه فيها أنها ضريرة. قالت: "كنت أعلم أنك ستأتي يا روبرت، أعلم أنك لن تنسى جدتك إيثيل في الكريسماس". ثم فتحت ذراعيها كما لو أنها ستحتضنني.
"لم يكن لدي وقت كافي للتفكير، أنت فاهم. كان علي أن أقول شيئًا بسرعة، وقبل أن أعرف ما الذي يحدث، استطعت سماع الكلمات تخرج من فمي. قلت: "هذا صحيح يا تيتة إيثيل، جئت لرؤيتك في الكريسماس". لا تسألني لم قمت بذلك. ليس لدي أي فكرة. ربما لم أرد أن أحبطها أو ما إلى ذلك، لا أعلم. لقد مضت الأمور على هذا النحو، ثم كانت هذه العجوز تحتضنني هكذا فجأة أمام بابها، وكنت أحتضنها.
"لم أقل بالتحديد إني حفيدها. بأي شكل من الأشكال، على الأقل، لكن هنا كانت الورطة. لم أكن أحاول أن أخدعها، مع ذلك. كان الأمر كلعبة قررنا لعبها -دون مناقشة قواعدها. أعني، أن المرأة تعلم أني لست حفيدها روبرت. كانت عجوزًا خرفة، لكن لم يذهب عقلها كفاية لئلا تميز بين غريبٍ وآخر من لحمها ودمها. لكن التمثيلية جعلتها سعيدة، ولأني ليس لدي شيء أفضل أقوم به على أي حال، كنت سعيدًا لأجاريها.
"لذا دخلنا الشقة لنمضي اليوم سويًا. كان المكان مكب نفايات حقيقي، قد أضيف أكثر، لكن ما الذي تتوقعه من امرأة عمياء تهتم بتوضيب شقتها؟ كل مرة كانت تسألني عن أحوالي، كنت أكذب؛ أخبرتها أني وجدت وظيفة جيدة في متجر سجائر، أخبرتها أني على وشك الزواج، أخبرتها مائة قصة جميلة، ومثلت أنها صدقت كل واحدة منها. "هذا جيد يا روبرت" كانت تقول، وهي تومئ برأسها وتبتسم، "كنت أعلم أن الأمور ستسير معك على ما يرام".
بعد ذلك، بدأت أجوع. لم يبد أن هناك طعامًا كافيًا في المنزل، لذا ذهبت إلى متجر في الجوار وأحضرت أشياء مختلفة. فرخة نصف مطهية، شربة خضار، عبوة من سلطة البطاطس، كيكة شيكولاتة، كل أنواع الأشياء. إيثيل لديها زجاجتي نبيذ مخبأتين في غرفة نومها، وهكذا تمكنا سويًا تحضير عشاء كريسماس محترم. سكرنا قليلًا من النبيذ، أتذكر، وبعد الوجبة كنا نجلس في غرفة المعيشة، حيث كانت الكراسي أكثر راحة. احتجت التبول، لذا استأذنت وذهبت إلى الحمام في نهاية الرواق. حيث أخذت الأمور منعطفًا آخر، كان الأمر طائشًا بما يكفي لأقوم برقصتي الصغيرة كحفيد إيثيل، لكن ما حصل لاحقًا كان جنونًا بحق، ولم أسامح نفسي عليه أبدًا.
ذهبت إلى الحمام، ووقفت مقابل الجدار بجوار الدش، ورأيت كومة من ست أو سبع كاميرات. كاميرات 35 ملم جديدة تمامًا، في علبها، صناعة فائقة الجودة. فكرت أن هذا هو عمل روبرت الحقيقي، مخزن لسطواته الأخيرة. لم ألتقط صورة في حياتي، ولم أسرق شيئًا في حياتي، لكن اللحظة التي رأيت فيها الكاميرات موضوعة هناك في الحمام، قررت أني أريد واحدة لنفسي. هكذا. وبدون حتى أن أتريث لأفكر في الأمر، طوقت واحدة من العلب تحت ذراعي وعدت إلى غرفة المعيشة.
"لا أظن أني غبت أكثر من ثلاث دقائق، لكن خلال ذلك الوقت نامت الجدة إيثيل على كرسيها. بسبب الكثير من الكيانتي[2] على ما أظن. ذهبت إلى المطبخ لغسل الأطباق، ونامت هي رغم الضجة، تشخر كالأطفال. لم تبد أي جدوى من إزعاجها؛ لذا رحلت. لم أستطع حتى كتابة ورقة لتوديعها، نظرًا لأنها كانت عمياء وما إلى ذلك، لذا رحلت فقط. وضعت محفظة حفيدها على الطاولة، حملت الكاميرا مجددًا، ثم خرجت من الشقة. وهذه نهاية القصة".
سألت: "هل عدت لرؤيتها أبدًا؟"
قال: "مرة، بعد ثلاث أو أربعة أشهر. شعرت بسوء لسرقة الكاميرا، لم أكن قد استخدمتها بعد. في النهاية قررت إعادتها، لكن إيثيل لم تعد هناك. لا أعرف ما حدث لها، لكن شخص ما أخبرني أنه انتقل إلى الشقة ولم يخبرني أين ذهبت".
"ماتت على الأرجح".
"نعم، غالبًا".
"مما يعني أنها أمضت الكريسماس الأخير لها معك".
"أظن ذلك. لم أفكر في الأمر هكذا أبدًا".
"كان تصرفًا حسنًا يا أوجي. لطيف ما فعلته لها".
"لقد كذبت عليها، ثم سرقت منها. لا أعرف كيف تدعو ذلك تصرفًا حسنًا".
"جعلتها سعيدة. والكاميرا مسروقة على أي حال. ليس كأنها كانت ملك الشخص الذي سرقتها منه".
"أي شيء من أجل الفن، صح؟ يا بول؟"
"لم أكن لأقول ذلك. لكن على الأقل ستستخدم الكاميرا لشيء جيد".
"والآن لديك قصة الكريسماس، أليس كذلك؟"
"نعم" قلت. "أظن ذلك".
توقفت للحظة، أتأمل أوجي وابتسامة لئيمة تنتشر عبر وجهه. لم أستطع التأكد، لكن نظرة عينيه لحظتها كانت شديدة الغموض، مليئة ببريق بهجة داخلية، حتى أنها جعلتني أظن أنه اخترع كل ذلك. كنت على وشك سؤاله إن كان يخدعني، لكن أدركت أنه لن يخبرني أبدًا. خدعني لأصدقه، وذلك أهم شيء. لا توجد قصة غير حقيقية طالما صدقها شخص واحد".
قلت: "ممتاز يا أوجي، شكرًا لكونك مفيدًا للغاية".
"أي وقت" أجاب، وهو ينظر لي بذلك النور المهووس في عينيه. "بعد كل شيء، إن لم تستطع مشاركة أصدقائك أسرارك أي صديق تكون؟"
"أعتقد أني مدين لك".
"لا لست كذلك. فقط أكتبها كما حكتها لك ولن تدين لي بشيء".
"عدا الغداء"
"صحيح، عدا الغداء" أرُد ابتسامته بابتسامة، ثم أنادي النادل وأطلب الفاتورة.
[1] مقطع من مسرحية مكبث، يقتبسه أوغي بشكل غير دقيق من الذاكرة والأصل: "ﻏﺪًﺍ، ﻏًﺪﺍ، ﻏﺪًﺍ
ﻭﻛﻞ ﻏﺪ ﻳﺰﺣﻒ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮﺓ ﻳﻮﻣﺎً إﺛﺮ ﻳﻮم" ترجمة ﺟﺒﺮﺍ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺟﺒﺮﺍ .
[2] نبيذ ايطالي
* الترجمة خاصة بـ Boring Books
** يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه