كنتُ طفلة عندما أخطأ مدرسي الأول في نطق اسمي مرتين.
وخزني ذلك كإبرة.
إبرة صغيرة في شحمة الأذن. وفجأة،
اتضحت رؤيتي
رأيتُ الشِّعر،
التخفي الأمثل.

لوليتا لشاناكو: ثلاث قصائد

ترجمها إلى العربية: مصعب السيد

عن الترجمة الإنجليزية لأني جيكا وهنري إزرائيلي

لوليتا لشاناكو شاعرة ألبانية وُلدت في عام 1968، درست الأدب في جامعة تيرانا وعملت كرئيسة تحرير للمجلة الأسبوعية «صوت الشباب». في عام 2009، حازت لوليتا على جائزة فالينسيا للشعراء الأوروبيين. لها ثمان مجموعات شعرية تُرجم منها أربعًا للإنجليزية.


لوليتلا لشاناكو

العلاج بالإبر

بين المتعلقات الشخصية داخل مقبرة صينية عمرها 2100 عام،
وجد علماء الآثار تسع إبرٍ تُستخدم للعلاج،
أربعًا ذهبية وخمسًا فضية.
منذ زمن وقبل معرفة السبب،
أدرك الأطباء القدامى أن الألم
يجب أن يُحارب بالألم.

الأمر بسيط: صفيف من الإبر يَخِز ذراعك
ليعمل قلبك ورئتاك بشكلٍ صحيح.
إبرٌ في قدميك تُهدئ الأرق والإجهاد.
إبرٌ بين عينيك تحارب العُقم.

قليلٌ من الألم هنا،
ويُحسَّ بالتأثير في مكان آخر
ذات مرة، غرس فريق من المستكشفين عَلَمًا في القطب الجنوبي،
إبرة في كعب الكرة الأرضية، في مكان مقفر.
ولكن قبل أن تتم المهمة
كانت قد اندلعت حربٌ عالمية.
أُحِسَّ بتأثير الإبرة في رأس العالم،
في الفص المسؤول عن الذاكرة قصيرة المدى.

عندما استخدمت روسيا أيديولوجيا كعلاجٍ بالإبر –إبرة فوق جبال الأورال–
أثر الأمر على البنكرياس والتحكم بالسكر في الدم:
دفعت أمريكا عشرة أضعاف المال من أجل الويسكي خلال فترة التحريم،
وفي مكاتب البريد، نسخ من رواية جيمس جويس «اللاأخلاقية» عوليس كانت مخزنة لتُحرق.

يعملُ الكونُ كجسدٍ واحد.
نجومٌ تُشكلُ صفوفًا من إبر
موجهة بعناية إلى ظهرٍ مُشعِرٍ عريض.
يُشَعرُ بتأثيرها في عملية الهضم،
كل يومٍ بداية جديدة.
كيف تستطيع أن تبدأ يومًا جديدًا
دون أن تمتص بالكلية بروتين البارحة؟

كنتُ طفلة عندما أخطأ مدرسي الأول في نطق اسمي مرتين.
وخزني ذلك كإبرة.
إبرة صغيرة في شحمة الأذن. وفجأة،
اتضحت رؤيتي
رأيتُ الشِّعر،
التخفي الأمثل.

يوم اثنين في سبعة أيام

(1)
ستكون أكثر أمانًا في المنتصف،[1]
المنتصف هو الأرض الأكثر أمانًا.
المفرش المطرز في منتصف الطاولة.
الطاولة في منتصف السجادة.
السجادة في منتصف الغرفة.
الغرفة في منتصف الشقة.
الشقة في منتصف العمارة.
العمارة في منتصف المدينة.
المدينة في منتصف الخريطة.
الخريطة في منتصف السبورة.
والسبورة في منتصف اللا مكان.

«لولا» تشبه الملاك.
لم تكبر جبهتها منذ كانت في الثامنة.
بقى مركز جاذبيتها بلا تغير.
وعلى الرغم من أنها تحب الحواف والزوايا
إلا أنها دائمًا ما تجد نفسها في منتصف الباص
حيث يسرع الناس نحو الأبواب في كلتا الناحيتين.

لم يذهب جيراني إلى المدرسة
ولم يسمعوا عن الإستطيقا
وبالكاد قرأوا شيئًا عن محور الأرض أو التناظر أو الحقيقة المطلقة.
ولكنهم بشكلٍ عفوي يتركون أنفسهم لينجرفوا نحو المنتصف
كرجل يضع رأسه على حجر امرأة،
امرأة بمقص، ستجعله أكثر هشاشة من ذي قبل
قبل أن ينتهي اليوم.

(2)
الدمى المكسورة كانت ألعابي:
حمير وحشية، عرائس صينية بزمبرك،
عربات آيس كريم مهداة لي كهدية عيد الميلاد من والدي.
ولكن ولا لعبة منها كانت تستحق أن يُحتفظ بها على حالها.
بدت كقطع من الكعك
لعقَ سكَّرها طفلٌ شقي
حتى كسرتها، فتحتها وأخرجت ما بداخلها،
التروس الصغيرة، البطاريات،
دون أن أعي أني كنت
أتمرن على فهمي للحرية.

عندما نظرت إلى لوحة حقيقية لأول مرة
تراجعت بضع خطوات بشكل عفوي
لأجد المكان الصحيح
الذي أستطيع منه أن أستكشف عمقها.
كان الأمر مختلفًا مع الناس:
بنيتهم،
أحببتهم،
ولكني كنت أتوقف قبل الحب الكامل بقليل.
لم يكن أحدٌ منهم طويلًا كالسقف الأزرق.
كما الحال في بيتٍ قيد البناء، كأن فوقهم ملاءة بلاستيكية بدلًا من السقف
في بداية الخريف الممطر لإدراكي.

لغز الصلوات

في عائلتي
كانت الصلوات تُتلى في سرية،
تُهمس بهدوء عبر الأنوف الملتهبة
أسفل الدُثر،
تسبقها تنهيدة وتتلوها أخرى
رفيعة ومعقمة كضمادة.

خارج البيت
كان هناك فقط سُلم
سُلم خشبي، مستند على الحائط
طول السنة،
جاهز للاستعمال لتصليح السقف
في أغسطس قبل المطر.
لم تصعده ملائكة
ولم تهبطه ملائكة
فقط رجال يعانون من عرق النسا.

كانوا يأملون أن يخطفوا لمحة منه
أن يعيدوا التفاوض على عقودهم
أو أن يؤخروا الآجال المحددة.

«يا رب، امنحني القوة»، كانوا يقولون،
إذ أنهم من نسل عيسو
وعليهم أن يتدبروا أمورهم بالنعمة الوحيدة
التي تبقت لهم من يعقوب،
نعمة السيف.

اعتُبرت الصلاة في بيتي
ضعفًا
كممارسة الحب.
وكممارسة الحب
كانت تتبعها
ليلة الجسد الطويلة الباردة.


[1] باللاتينية في الأصل.


​​الترجمة خاصة بـ Boring Books

يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا ما تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.