كيف قرأت جيمس جويس؟

مقال للكاتب والروائي عادل عصمت

نُشِر في مجلة «ميريت الثقافية»، عدد مايو 2019

تم النشر بإذن من الكاتب

يحتفظ الكاتب بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.

***

James Joyce, circa 1922

يقدم صنع الله ابراهيم روايته الأولى «تلك الرائحة» بهذه الجملة: «أنا نتاج هذا الجنس وهذه البلاد وهذه الحياة ولسوف أعبر عن نفسي كما أنا. ستيفن ديدالوس، يوليسيس». في تلك الفترة المبكرة من منتصف السبعينيات التي قرأت فيها هذه الرواية في طبعة محدودة بغلاف أخضر عن دار «كتابات معاصرة»، لم أكن أعرف من هو ستيفن ديدالوس؟ لكن العبارة ظلت ترافقني كأنها علامة على حياة غامضة عليَّ فهمها، خاصة أن الرواية التي أفلتت من الرقيب، كانت مكتوبة بطريقة مختلفة عن طريقة الكتابة الواقعية ليوسف إدريس الذي قدم الرواية للقراء، معلنًا موهبة كاتبها.

قرأت «تلك الرائحة» عدة مرات. كانت عملًا شيقًا مثل كل الأعمال المهربة والممنوعة من السلطات. فقد صودرت طبعتها الأولى، وهذه طبعة نقية مما يمكن للرقيب أن يعترض عليه. كنت أقرأ رواية غير مكتملة، وكان أمرًا شيقًا، أن يخمن المرء: أين تدخل مقص الرقيب، وما هي الأجزاء التي تم حذفها؟ في كل مرة أقرأ هذه الرواية يظل السؤال قائمًا. سوف أعرف الأماكن التي تم حذفها. ربما هي فصول عن التعذيب في سجون الستينيات، ربما صفحات عن نقد السلطة السياسية أو بحث في الطرق التي قادت إلى «النكسة». لكن الغريب أنني عندما قرأت الطبعة الثانية التي نشرت في منتصف الثمانينيات، عرفت من مقدمة صنع الله ابراهيم أن ما تدخل الرقيب لكي يحذفه هو «البذاءة» ومشهد الاستمناء الذي اعترض عليه «يحيي حقي» ووصفه بأنه انحطاط في الذوق. الدهشة بالغة من أن يثير هذا المشهد الصغير اعتراض الرقيب، وليس الخبرة الأساسية في الرواية التي كانت أدعى للاعتراض. كان الرقيب يدافع عن الأخلاق العامة التي يدافع عنها مجتمع محافظ بطبيعة الحال، ولم يهمه أن تنعكس صورة السلطة السياسية باعتبارها سلطة تسجن البشر بسبب أفكارهم وتقتلهم تحت التعذيب، وتخرب حياتهم بعد الخروج من السجن.

بطل الرواية شاب صغير يخرج بعد خمس سنوات من السجن السياسي بكل عزلته عن محيطه الشعبي وعنف سجانيه. عاطل. حياته نثار فارغ من حركة في نفس المكان، معلقة بشيء واحد: انتظار العسكري كل مساء لكي يتمم عليه ويتأكد أنه موجود في نفس المكان، من غروب الشمس حتى شروقها. لم يهم الرقابة الحياة المخربة التي أنتجها السجن بل اعترضت على البذاءة.

***

بعد ذلك بسنوات عرفت من هو «ستيفن ديدالوس»، وتابعت أطيافه المختلفة في مؤلفات جيمس جويس: جابرييل كونروي في قصة «الموتى»، وريتشارد روان في مسرحية «المنفيون». كان ستيفن مختلفًا، عن بطل «تلك الرائحة». منذ الأيام الأولى له في المدرسة الداخلية في طفولته، يترجم ما يظهر أمامه من ظواهر بطريقته الخاصة، محاولًا أن يتعرف على نفسه وموضعه في الحياة الواسعة التي تشعره بالضآلة والضعف. كان يحاول أن يفهم.

في الصفحة البيضاء في كتاب الجغرافيا، كتب ذات يوم:

«ستيفن ديدالوس،

قسم الحساب،

مدرسة كلونجوز الثانوية،

مدينة سالينز،

مقاطعة كلدار،

أيرلندا،

أوربا،

العالم،

الكون».

أحيانا يقرأ هذه السطور من أسفل إلى أعلى، من الكون حتى يصل إلى ستيفن ديدالوس، يعذبه ألا يعرف معنى السياسة ولا أين ينتهي الكون. يشعر بغرابة كل شيء حوله.

حياته صورة للكيفية التي ينشأ بها فنان في مجتمع منقسم، يبحث عن نفسه وعن مكانه في العالم، معذب بأسئلته حول علاقة الدين بالسياسة ودور الأدب، وكيفيه النهوض والتحرر من سيطرة الإنجليز. في قلب تلك المتاهة الكل يتنازع «ستيفن» وهو يتابع بدأب خيالاته الخفية، فيسمع صوت أبيه وأساتذته يحثانه على أن يكون جنتلمانًا وكاثوليكيًا طيبًا، وحين افتُتحت صالة الرياضة سمع صوتًا آخر يحثه أن يكون قويًا ورجلًا مكتمل الصحة، وحين بدأت حركة اليقظة القومية الأيرلندية يأمره صوت آخر أن يكون مخلصًا لبلده ويساعد على رفع لغتها وتقاليدها. وتحت هذا التنازع كان ينمو باتجاه غايته المجهولة، فتبدو أحيانًا هذه النداءات جوفاء في أذنيه. كان يتجه إلى مصيره الخاص الذي سيكون عليه أن يحدده لنفسه بدقة. لا يُملَى عليه من قبل الدين أو المجتمع أو الأسرة أو أي قضية أخرى مهما كانت: «أن يعاين حقيقة التجربة ويصنع في مصهر روحه الضمير الذي لم يتشكل بعد لأمته».

يكره ستيفن أفكار حركة القومية الأيرلندية ويرى بعث اللغة الأيرلندية القديمة عبثًا، ويقول إن أيرلندا خنزيرة تأكل أبناءها. هذا الطريق سوف يجعله عاجزًا عن أن يعبر عن جنسه وبلاده وحياته، لأنه سيكون خادمًا لشيء غير حريته التي يحققها له الخلق الفني. الحرية اختيار فردي. فكرة الاختيار هي الفكرة الأهم في حياة «ستيفن ديدالوس». سيكون نصيبه أن يتجنب أي أنظمة اجتماعية أو دينية، وكما يقول كان مقدرًا له أن يتعلم حكمته الخاصة بعيدًا عن الآخرين أو يتعلم حكمة الآخرين بنفسه وهو يتجول بين شراك الدنيا.

في المشاهد الأولى من «عوليس» نراه وقد استأجر قلعة قديمة يقيم فيها مع صديقه طالب الطب وشاب انجليزي جاء إلى دبلن ليدرس الفلكور الأيرلندي، ونتعرف على سخريته من وضع بلاده ويصف فنها بأنه «مرآة مشروخة لخادمة»، ونتعرف على وجعه من جراء الانفصال عن الأسرة. كان قد عاد من أوربا بعد عام، بسبب مرض والدته، وقبل موتها طلبت منه أن يركع ويصلي من أجلها، لكنه يرفض. تموت الأم، ويتهمه صديقه بالجحود، وبأنه كان يمكن أن يصلي –حتى لو كان غير مؤمن- إذعانًا لأمرها، لأنها كانت على وشك الموت: «أنت لم تركع لتصلي من أجلها، وهي على فراش الموت، عندما طلبت منك ذلك، لماذا؟» «لقد عارضت رغبتها الأخيرة، وهي تلفظ آخر أنفاسها، ومع ذلك تعبس في وجهي لأنني لا أنتحب مثل الندابات الخرس».

ستيفن لا يتنازل عن حريته، كما يراها، مهما كان. كان يطلب من نفسه أن يواجه مصيره ويختبر مبادئه حتى لو أدى ذلك إلى ألم فوق طاقة البشر. يخبره «بوك ماليجان» بأن العمة تقول عنه إنه قتل أمه. يصمت ويتمعن في الحرف المنتسل لكم سترته الأسود اللامع، ويفكر بأن الألم أبلى قلبه وليس بعد بألم الحب. ويتذكرها في أحلامه تأتيه صامتة وجسدها الزاوي داخل أكفانها، وتنحني فوقه، عيونها الزجاجية من أعماق الموت تحدق فيه، لتنزع روحه وتلويها، وهو  يتوسل: لا يا أماه، اتركيني في حالي ودعيني أعيش، ويرتعد من عويل روحه.

رفضه للصلاة من أجل أمه هو رفض أن «يمثل» حبه في نفس «التمثلات» الاجتماعية التي خلقت هذا الحياة العفنة. يرفض أن يأخذ حبه أشكالًا اجتماعية أفرغت الحب من محتواه: «الطاعة»، «الصلاة». لا يريد أن يجسد حبه بالطريقة التي تجعله تابعًا وتحرمه من الحرية. قرر أن يكون حرًا، حتى لو أدى ذلك إلى عذاب لا يمكنه تحمله.

إنه تقريبًا نفس موقف «ريتشارد روان» في مسرحية «المنفيون» عندما تطلب منه زوجته أن يحميها من الغواية ويمنعها من الذهاب إلى بيت صديقه. تقول: إن طلبت مني ألا أذهب لن أذهب. لكنه يرفض. لها أن تختار ما تشاء، ليس له سلطان عليها، غير اختيارها ورغبتها. لكنه يشقى لأنه ليس بطلًا كما يقول، ويصر على تجريد الحب من أي شكل إلا من كونه اختيارًا حرًا، حتى لو طاردته الشياطين وهو يسير على شاطئ البحيرة في الصباح. قرر أن يمضى إلى النهاية ويدفع الثمن. أن يحرر حبه من التمثلات الاجتماعية لكي يبرق خاليًا من أي شيء إلا من كونه حبًا خالصًا.

كان قد أدرك أن أحدًا لن يفهمه في بلاده، وغدا وحيدًا بشكل مطلق. عليه أن يبحث عن أب يعد له أجنحة من الريش ليطير من هنا.

***

قرأت رواية «صورة الفنان في شبابه» لجيمس جويس من ترجمة ماهر البطوطي وطبعة «دار الأداب» ببيروت، في بداية الثمانينيات. في ذلك الوقت، كنا على أبواب عالم جديد. لم تكن السنوات بكل عاديتها ورسوخها، قد كرَّت عامًا بعد عام، مع نفس السلطة السياسية والأوضاع الاجتماعية، كأننا نعيش «أبدًا» لن ينقضي. لم يكن كل ذلك قد جاء. كان وقت ترقب الصبا والتطلع إلى المستقبل، تمثله تلك اللمحة من كلام صلاح جاهين في فيلم عودة الابن الضال:

«نبص قدامنا

على شمس أحلامنا

نلقاها بتشق السحاب الغميق».

في ذلك الوقت كانت أصداء تمرد جيل السبعينيات لا تزال تحيطنا، وطريقتهم في تطويل شعورهم، وفي ارتداء القمصان المشجرة والبنطلونات الضيقة والأحذية ذات الكعب. علامات باهتة كانت تتواري لكي تحل محلها ملابس الجينز من ناحية والجلباب الأبيض من ناحية الأخرى، ربما لأنه كان "صيحة" أكثر منه تمردًا، هو الذي جعل الأمر على هذا النحو، وكانت الجامعة لا تزال تنبض بآخر نَفَس في المطالبة بحل القضية الوطنية والاجتماعية، وفي بلادنا، مثل أيرلندا، أي فنان أو كاتب لا بد أن يكون له موقف سياسي، لا بد أن ينغمس أدبه في هذا الهم. كل حرية تطلبها لا بد أن تكون حرية سياسية، فأنت كفرد لن تعيش حريتك في عزلة، بل سوف تعيشها في مجتمع، وبالتالي كل كتاب لا بد أن يناقض الوضع السياسي، من زاوية ما، حتى قصص الحب لا بد أن يكون لها طعم «قصة حب» ليوسف إدريس. كان الأمر مثل القناعة الداخلية متسرب إلى الأعماق.

رواية «صورة الفنان في شبابه» كانت مناسبة لسن العشرين، خاصة أن قراءتي لها واكبت أفلامًا مثل «عودة الابن الضال» ثم «إسكندرية ليه»، وهي أفلام تقدم صورة للشباب المتمرد. الصورة في كتاب جويس أقرب ما تكون إلى الوضع الحقيقي، فكأنه كان يحكي عني. القصص الأخرى لم تكن واقعًا رغم جاذبيتها وحبي لها؛ أقصد أنها قصص تحدث لناس آخرين. هذه القصة –صورة الفنان- بالذات تحدث لي. تحمل الطريقة المثلى للتعبير عن ذواتنا، في تلك السن. كان هذا الكتاب يتحدث عني أكثر مما تتحدث بقية الكتب والأفلام، ربما كانت فترة البحث عن الذات. من أنت؟ ما الذي يحدث في كيانك؟ ألقت «صورة الفنان» على حياتي ضوءًا والأهم أنها حررت نظرتي من الطابع السياسي، الذي طبع فكرة الحرية، في بلادنا.

أثناء قراءتي للأدب العربي الحديث كنت أبحث عن روح مشابهة، وقد قرأت «تلك الرائحة» في طبعتها الجديدة بهذه الرغبة. لكن الأمر لم يكن على هذا النحو من العمق والدقة اللذين وصف بهما «جويس» النمو في «صورة الفنان»، حتى ممارسة الاستمناء في تلك الرائحة تبدت لي ذات طابع سياسي، كأنها اعتراض على وضع الراوي المقيد بعد الخروج من السجن، أما في صورة الفنان فكانت خطيئة ستيفن أمرًا خاصًا بالنمو، ليس له إلا تلك الدلالة الأخلاقية الخاصة بكل منا والحس القديم بالنجس، والهروب من عذاب الرب.

في تلك الفترة ظهرت رواية «قدر الغرف المقبضة» لعبد الحكيم قاسم، وانتظرت أن أجد فيها مثلما وجدت في «صورة الفنان» خاصة أنها اختارت تفصيلة واحدة: البيوت، وسارت معها حتى النهاية، لكني لم أجد فيها ذلك الحس الفردي.

أحببت الطريقة المختلفة التي كتبت بها الرواية المصرية الحديثة، وكان أقربها إلى قلبي رواية عبد الحكيم قاسم، لكنه كان يتحدث عن السجن الكبير والصغير والبيوت التي نعيش فيها قهرنا، والظلمة التي تغلف حياتنا المقبضة، ولم تفارقني كلمة «قدَر» في العنوان كعلامة على نمط التفكير، كأنها دليل على وضع لا مناص منه ولا حل له.

أخذت فترة طويلة حتى تصالحت مع فكرة أن «صورة الفنان» تعبر عني أكثر من تلك الرويات التي أحببتها، والتي كانت تجتهد لكي تنقل خبرة مغايرة. قرأت «الصورة» مرة أخرى وأخذت أنتبه إلى ما فيها من كثافة وفهم للإنسان، كان الكتاب يتحدث عن النشوء، لم يكن جويس يكتب كليشيهات بل حقائق. نظر في قلب ستيفن وكتب فكأنه قد نظر داخل قلوبنا. وظهر لي أن كتابتنا مغموسة بالقضايا الكبرى والمصير، لا أحد غيره يمكنه أن يسمو بمعاناة طفل دفعه زميله في المدرسة في حفرة عطنة في دورة المياه ويجعل منها رمزًا لما هو عفن وكريه حتى لو مثلت بلاده. كان جويس يتجهز لكي يقول لنا إن الأمور الصغيرة هي الكبيرة، وإن الفرد هو الإنسانية.

***

«ستيفن ديدالوس» وأطيافه مغرمون بفك الشفرات وفهم المعاني الخفية للظواهر، لا بالحكم عليها. في قصة الموتي، رأى «جابرييل كونروي» زوجته تميل على الدرابزين تنصت إلى لحن بعيد. في وقفتها جمال وغموض، كأنها رمز لشيء ما. سأل نفسه: إلام ترمز امرأة تقف على الدرج في الظل، تنصت إلى موسيقى نائية؟ حاول أن يفهم معنى وقفتها وفكر أنه لو كان رسامًا لرسمها وأدرك المعنى. «ستيفن» في «صورة الفنان» يتابع الرموز منذ طفولته. يحاول أن يقرأ ما ترمز إليه ابتسامة القس الساخرة، ويتذكر أنه سمع والده يقول إنه يمكن تمييز الجزويتي من طراز ملابسه، ويمضي بعيدًا ليكتشف مشابهة بين عقلية والده وعقلية القس الباسم حسن الملبس. وفي زيارته لمدينة كورك بصحبة والده يقرأ كلمة «جنين» منقوشة عدة مرات على مدرجات كلية الطب. يوقظ الرمز المفاجئ دماءه، وتبعث الكلمة المنقوشة على المدرج أمامه رؤيا كاملة عن حياة طلبة الطب في عصر والده. ذات يوم يحكي له صديقه عن عودته في الليل وحيدًا، بعد مشاهدة مباراة في كرة القدم، وفي الطريق عرج على كوخ لكي يشرب، فدعته امرأة شابه إلى فراشها، لكنه لم يتمكن من تلبية رغبتها. ظلت صورة هذه المرأة تتداخل مع صور أخرى لنساء ريفيات وتشكل رمزًا، ثم أدرك في النهاية أنها نموذج لعنصرهن وعنصره: «روح خفاشية تستيقظ على وعي بنفسها في ظلمة وسرية وعزلة».

أما الرمز الخاص باسمه فلم يغب عنه، كان ابن ديدالوس المعلم والصانع الماهر الذي صنع له أجنحة لكي يفر من السجن، أدرك هذا عندما ضربت العزلة سياجًا حوله واستعد للرحيل عن أيرلندا، ورأى رجلًا على هيئة الصقر يطير تجاه الشمس، واعتبر ذلك نبوءة عن الغاية التي عليه أن يخدمها والتي كان يتتبعها خلال ضباب طفولته وشبابه، إنها رمز الفنان في مصنعه، يعيد خلق المادة الأرضية الهزيلة ويخلق منها كيانًا جديدًا محلقًا لا يمكن إمساكه ويحظى بالخلود.

لكنه ربما قد طار أبعد مما ينبغي، وكان نصيبه أن تذيب حرارة الشمس شمع الأجنحة، فيسقط في البحر، ولا ينتبه أحد إليه، يواصل الفلاح حرثه لأرضه والسفينة سيرها في البحر، والصياد صيده للسمك، مثلما صُور الأمر في لوحة «بروجل» وقصيدة «أودن».

***

حلمت منذ سنوات أن أكتب قصة بعنوان: «جنازة جيمس جويس». مستلهمًا كلمة زوجته التي قالت إن «جيم» ترك ظله على كل من حوله. بطلة القصة «لوسيا» ابنة «جويس» التي أصيبت بمرض نفسي واضطر أن يدخلها المصحة بعد أن أنكر مرضها فترة. تدور القصة في ذهن «لوسيا» وهي ترافق الجثمان إلى مقبرته في زيوريخ في الثالث عشر من يناير 1941، تسير صامتة والثلج يتساقط بغزارة وهي تستعيد المعاناة التي عاناها، والحياة الصعبة التي عاشها وتسأل عن المعنى، نفس السؤال الذي سأله جابرييل ماركيز ذات يوم: «أي سر هذا الذي يجعل مجرد الرغبة في رواية القصص تتحول إلى هوى يمكن لكائن بشري أن يموت من أجله، أن يموت جوعًا، أو بردًا، أو من أي شيء آخر لمجرد عمل هذا الشيء الذي لا يمكن رؤيته أو لمسه، وهو شيء في نهاية المطاف، إذا ما أمعنا النظر، لا ينفع في أي شيء؟»


اقرأ المزيد: رواية عوليس في 18 تغريدة