الثقافة أقدم أداة لتحقيق المساواة
في البدء كانت الكلمة وكانت «لا»: عن المساواتية الجندرية التي جعلتنا بشرًا
مقال كاميلا باور
ترجمة سلسبيل صلاح
نشر في مدى مصر 8 سبتمبر 2022
«لا يقتصر الأمر على حملة #أنا_أيضًا، ولا على التحرش الجنسي فقط. هذا حراك ضد البطريركية. انقضى التاريخ المدون طوال العشرة آلاف سنة الماضية. هذا الحراك قادم، وحقيقي، انتبهوا، ستحكم النساء المجتمع». هذا ما قاله ستيف بانون، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للشؤون الاستراتيجية في عشاء حفل جولدن جلوبز في فبراير 2018، حيث ارتدى الممثلون ملابس سوداء للاحتجاج على العنف الجنسي ضد النساء. لا يرجح أن يكون بانون قد راجع معلوماته عن الأنثروبولوجيا والأركيولوجيا ليتفوه برقم العشرة آلاف عام هذا، لكن كلامه أتى في سياق جدال حديث عن دورة حياة البطريركية و«تاريخها الطبيعي».
بعد شهر من حديث بانون، أعاد ديفيد جريبر وديفيد وينجرو، وهما أستاذان جامعيان يساريان، كتابة «سردية التاريخ الإنساني». وهاجما الأسطورة القائلة إن البشر حظوا بالمساواة والحرية في عصر جماعات الجمع والالتقاط، ثم أدى اكتشاف الزراعة إلى انعدام العدالة الاجتماعية (والبطريركية على طريقة بانون). يظهر اليمين البديل في الوقت نفسه ليضع حدودًا للبطريركية كظاهرة تاريخية، بينما يؤمن الأناركيون أنها تمتد لتتصل بأصولنا القديمة.
ما يقلق أنني أعتقد أن بانون محق، في كلا الأمرين: في رأيه عن القوة القادمة لمعاداة البطريركية، وتقييمه بأن الهيمنة الذكورية تاريخ حديث، لا طبيعة بشرية كما نعتقد. أساء الأساتذة الأناركيون فهم ذلك لأنهم لم يراعوا الأدوار الاجتماعية حين حللوا تاريخ المساواة.
تتمثل الأسباب الأساسية التي تجعل جريبر ووينجرو غير مؤهلين للحديث عن الأصول البشرية في أنهما لا يضعان سياقًا للتطور، ولا يفكران في الجنس والنوع الاجتماعي، كما أنهما يعيشان خارج إفريقيا، وهي القارة التي تطورنا فيها كبشر معاصرين.
لنكن واضحين: بانون وترامب عدوّان، فهما ممثلا «البطريركية»، وهما الخطر الجلي والحاضر على كوكبنا. لقد عقدت العزم على فعل كل ما يمكنني لتحويل كلمات بانون إلى حقيقة. وهذا ما يعطي أهمية للقول إن أساتذة جامعة لندن يقوضون فهمنا الحالي لـ«البطريركية» الناشئة حديثًا في تاريخنا، وضآلة مساهمتها في تطورنا لنصبح على ما نحن عليه الآن.
أود تقديم دليلًا على أن المساواتية الجندرية كانت جوهرية في تطور أسلافنا متحدثي اللغات. وأتساءل إذا ما كان الوضع سيختلف لو كانت أجسادنا وعقولنا المعاصرة قد تطورت خلال فترة طويلة من ازدهارها. هل كان سيساعدنا لو جعلنا الانتقاء الطبيعي والجنسي مهيئين لنكون أفرادًا أصحاء وسعداء في وضع تسوده المساواتية؟ إذا كان الأمر كذلك، ليس السؤال الجوهري الذي يجب طرحه إذن هو «كيف أصبحنا غير متساويين؟ بل «كيف كنا متساويين أصلاً؟».
الأجساد والعقول المساواتية
لنبدأ بالظواهر البيولوجية. لعل أبرز السمات لطبيعتنا المساواتية هي تصميم أعيننا. نحن النوع الوحيد، بين 200 نوع من الرئيسيات، الذين طورنا أعين ممدودة بخلفية بيضاء نقية وبؤبؤ داكن. تعرف أعيننا بـ«الأعين المتعاونة»، إذ تدعو أي إنسان نتفاعل معه ليرى بسهولة ما الذي ننظر إليه. بينما تملك القردة العليا في المقابل أعين دائرية داكنة، تُصعب معرفة ما ينظرون إليه. يمكنهم رصد الحيوانات الأخرى بينما تتحرك، لكنهم يحجبون أفكارهم عن الآخرين، تمامًا مثلما يرتدي رجال المافيا نظارات الشمس. وهذا يناسب عالم الرئيسيات القائم على المنافسة الميكافيلية.
لكن أعيننا مهيئة لقراءة الأفكار بالتبادل، أو ما يسمى البين-ذاتية، وقد تخلى أقرب أسلافنا عن هذه السمة. يمثل النظر في عيني بعضنا البعض أمرًا طبيعيًا تمامًا كما هو الحال بالنسبة لنا منذ أمد بعيد، وكذلك التساؤل: «هل ترى ما أرى؟» و«هل تفكر فيما أفكر فيه؟» على الجانب الآخر، يؤخذ التحديق في عين الرئيسيات الأخرى كتهديد. ويخبرنا هذا على الفور أننا تطورنا بشكل مختلف تمامًا عن أقرب أسلافنا من الرئيسيات.
تقدم الكاتبة الداروينية النسوية سارة هردي في كتاب «الأمهات والآخرين»، أهم كتاب نشر عن التطور البشري في هذا القرن، دليلًا دامغًا على طريقة حدوث هذا التطور وسببه وتوقيته، كما تقدم أطروحة واضحة. نحن نجالس الأطفال في المجتمعات البشرية كافة، وتسعد الأمهات بأن تعهد مهمة رعاية أطفالهن مؤقتًا لآخرين. يعتبر الصيادون وجامعو الثمار الأفارقة أبرز من مارس هذا الشكل الجماعي للعناية بالطفل، مما يثبت أن هذا كان نظامًا روتينيًا في تراثنا. على العكس تمامًا، لا تسمح أمهات القردة العليا -الشمبانزي والغوريلا والبونوبو وإنسان الغاب- بترك أطفالها لأحد. نظرًا لاحتمالية تعرض الرضع للأذى، فيصبحن شديدي التملك والحماية، ولا يجرؤن على المجازفة.
يسري هذا بالتحديد على القردة العليا. أما القرود فيتصرفون بشكل مختلف، إذ يكونون مستعدين لترك رضيع مع قريب موثوق فيه. كانت أمهات القردة في العالم القديم تعيش غالبًا مع أقارب من العائلة، فيما لا يتوفر ذلك للقردة العليا. هذا يعني أن أمهات القردة العليا ليس لديها أي قريب يمكن الوثوق فيه. ينبئنا ذلك بشيء محدد عن الظروف الاجتماعية التي تطورنا فيها. لا بد أن أسلافنا الإناث عشن بالقرب من قريبات يوثق فيهن، والمؤتمنات في المقام الأول هن جدات الطفل ﻷمه. استُخدمت «فرضية الجدة» لتفسير حياتنا ما بعد الإنجابية الطويلة أو ما يسمى أيضًا بتطور انقطاع الطمث.
تستكشف سارة كيف شكلت الرعاية الأبوية المتعددة تطور الطبيعة السيكولوجية الفريدة لأنواعنا. بينما قد تبدأ رعاية الطفل التعاونية بعلاقة الأم والابنة، يتطور تعميق العلاقات مع الحفيد حتى يشمل العمات والأخوات والبنات الأكبر وأقارب آخرين موثوق بهم. وتقول سارة إنه بدءًا من اللحظة التي تسمح فيها الأمهات للآخرين بحمل أطفالهن، تنشأ ضغوط الاختيار من أجل تأسيس أنماط جديدة من قراءة الأفكار. ويترتب على ذلك ظهور ردود فعل مبتكرة -مثل تبادل النظرات والمناغاة والإطعام من الفم إلى الفم- ما يتيح توطيد الروابط في هذه العلاقة الثلاثية المتعددة بين الأم والطفل والمساعد الجديد، وفي الوقت نفسه، رصد نوايا كل طرف تجاه الآخر. بعد ساعات قليلة من الولادة، قد يحمل الطفل الذي ولد في تجمع للصيادين وجامعي الثمار الأفارقة عدد كبير من الأقارب والأصدقاء من كلا الجنسين.
حجم عقولنا الاستثنائي هو أبرز سمة في تشريحنا تميزنا عن القردة المتطورة. ورغم أن الأم البشرية والأم من فصيلة الشمبانزي يملكان تقريبًا نفس وزن الجسم، إلا أن البشر البالغين حاليًا يملكون عقولًا تزيد بثلاثة أضعاف تقريبًا عن حجم عقول الشمبانزي. إن أنسجة المخ شديدة التطلب في ما يتعلق باحتياجها للطاقة، وأمهات القردة العليا مقيدة بكمية الطاقة التي يمكنها توفيرها لأبناءها، إذ يقمن بالمهمة بأكملها بمفردها، وبالتالي لا يمكن أن تتوسع عقول القردة المتطورة أكثر مما يعرف بنظرية «حد جراي» أو الحد الرمادي (600 سم مكعب). حطم أسلافنا هذه الحدود منذ ما يقرب من مليون أو مليون ونصف سنة مضت مع ظهور الإنسان المنتصب (هومو إريكتوس)، الذين امتلكوا عقولًا تزيد عن ضعف حجم عقل شمبانزي اليوم. يدل ذلك على أن رعاية الأطفال التعاونية كانت بالفعل جزءًا من مجتمع الإنسان المنتصب، مع ميزات مصاحبة لتطور العيون التعاونية والبين-ذاتية الناشئة.
يمكننا تتبع درجة المساواتية في مجتمعات أحفاد الإنسان المنتصب، من خلال قياس حجم عقول في هؤلاء البشر الأوائل باستخدام السجل اﻷحفوري. منذ 600,000 – 700,000 سنة مضت، بدأنا نرى زيادة في حجم قحف في الإنسان الحديث ثلاثة أضعاف حجم قحف الشمبانزي الحالي. منذ نصف مليون عام، زاد حجم المخ بسرعة كبيرة، بالنسبة للأفارقة (أسلاف الإنسان المعاصر) والآسيويين (أسلاف الإنسان البدائي). ما نجد عنه أدلة في السجل الأحفوري هو ماديًا طاقة أكبر للإناث ونسلهن، ما يوحي بحتمية وجود بعد جندري في الاستراتيجيات التي أتاحت حدوث ذلك.
كان من شأن أي ميل للهيمنة الذكورية والسيطرة الإستراتيجية على الإناث أن يعيق هذه الزيادة غير المسبوقة في حجم المخ. وفي حين أنه كان لا بد من وجود درجات متباينة من الهيمنة أو المساواتية بين المجموعات البشرية، يمكننا أن نكون على ثقة من أن تلك المجتمعات التي ظلت فيها هيمنة الذكور والصراع الجنسي ومخاطر قتل الأطفال مرتفعة لم يكونوا السلف الذي تطورنا منه. كان أجدادنا بين الذين وجدوا بشكل ما حلًا لمشكلة سيطرة ذكور القردة العليا، ووضعوا الذكور في نظام يدعم وجود هذه الذرية الاستثنائية صاحبة المخ كبير الحجم.
الذكاء الميكافيلي
أحد الأسئلة الرئيسية هو: ما الذي قاد لزيادة حجم العقل؟ إن العقول رائعة لو كان بمقدورنا تحمل تبعات امتلاكها. لكن هذه الزيادة الكبيرة في حجم العقل غاية الندرة في التطور بسبب تبعاتها. ما غاية وجود هذه العقول كبيرة الحجم؟ تمثل نظرية العقل الاجتماعي أحد الفرضيات الرئيسية لتفسير الظاهرة. تربط النظرية حجم العقل، وخاصة حجم القشرة المخية الحديثة، في أنواع الرئيسيات كافة بمستوى التعقيد الاجتماعي، أي شبكة العلاقات التي يحتاج أي فرد للتعامل معها. يُقاس ذلك بمتوسط حجم المجموعات لأي نوع معين، أو حجم الائتلافات والمجاميع داخل المجموعات الإجتماعية. تركز إحدى نظريات «العقل الاجتماعي» خاصة على أحجام المجموعات النسائية باعتبارها الأكثر حسمًا في دفع تطور الذكاء.
تسمى الفكرة الأصلية التي تنحدر منها نظرية العقل الاجتماعي الذكاء الميكافيلي. أدت هذه الفكرة إلى تحويل التركيز في فهم تطور الذكاء من التكنولوجيا والبحث عن المؤن إلى العلاقات الاجتماعية. الذكاء الميكافيلي فكرة خفية ترى أن الحيوانات في مجموعات اجتماعية معقدة تتنافس وفقًا لشروط تطورية تصبح من خلالها أمهر في التعاون وأقدر على التفاوض على التحالفات. لذا، ووفقًا لهذا المنظور النظري، فالزيادة الكبيرة في حجم المخ في ترتيب الرئيسيات، بدءًا من القرود وحتى القردة العليا، ومن القردة العليا وحتى أشباه البشر (الهومينيني)، ناتجة عن زيادة التعقيدات السياسية والقدرة على خلق تحالفات.
يصعب تفسير المساواتية باستخدام نظرية داروين المبنية على المنافسة. رأى أندرو وايتن، أحد مبتكري نظرية الذكاء الميكافيلي وتلميذه ديفيد إردال، أن الذكاء الميكافيلي يمكنه توليد بعض الاختلافات بين تراتبيات الهيمنة على طريقة الرئيسيات والمساواتية المعروفة عند الصيادين وجامعي الثمار.
عند نقطة معينة، تتجاوز القدرة على العمل ضمن التحالفات قدرة أي فرد، مهما بلغت قوته، في السيطرة على الآخرين. إذا حاول المسيطر (لنفترض أنه ذكرًا) السيطرة، سيواجه تحالفًا مقاومًا يمكن لأفراده أن يواجهوه معًا. بمجرد الوصول لهذه النقطة، تصبح الاستراتيجية الرشيدة هنا هي ألا يحاول السيطرة على الآخرين، بل استخدام التحالفات حتى يقاوم الخضوع هو نفسه للهيمنة. أطلق وايت وإردال على هذه الحالة اسم «الهيمنة المضادة»، واستخدما المصطلح لوصف ما يوجد عادة في مجتمعات الصيادين وجامعي الثمار الإفريقية: المشاركة الجبرية*، والتعامل بطريقة «لا تعبث معي»، واستخدام الدعابة كوسيلة لتسوية الخلافات، واستحالة الإكراه طالما أنه لا يوجد شخص بعينه يتولى المسؤولية. رأى كلاهما أن الهيمنة المضادة جزءًا جوهريًا في تطور سيكولوجية البشر، فبالرغم من نزوع الأفراد للمنافسة ومحاولة الفوز بحصة أكبر حين تسنح الفرصة، لكنهم في مواجهة مطالب الآخرين يستسلمون ويقبلون بالحصص المتساوية.
ركز وايتن وإردال على تقاسم الطعام باعتباره الجانب الأكثر وضوحًا في مساواتية الصيادين وجامعي الثمار. لكن ما هو وضع الجنس في هذا التصور؟ لاحظ وايت وإردال ميل الصيادين وجامعي الثمار إلى العلاقة الأحادية مع شريك واحدة، أو العلاقة الأحادية المتسلسلة، وهو ما يتناقض مع تعدد الزوجات بين المزارعين أصحاب الأملاك والرعاة. لكن مجددًا، نحن في حاجة للعودة إلى تركيبنا الحيوي لنرى السمات الأساسية في الفسيولوجيا الإنجابية لدينا، والتي أدت لمساواتية إنجابية -الشكل الأكثر أهمية للمساواتية من منظور تطوري. فقد طورت النساء فسيولوجيا جنسية يمكن وصفها بفرض المساواة وتضييع الوقت.. وبالنسبة للذكر المهيمن الذي يحاول إدارة حرملك من النساء، فإن هذا كارثي.
طورت النساء فسيولوجيا جنسية يمكن وصفها بفرض المساواة في الفرص الإنجابية على الرجال ومضيعة للوقت على فرصهم الجنسية الأخرى. لماذا؟ لأن الأنثى الهومينيني إذا كانت في حاجة حقيقية للمزيد من الطاقة لذريتها الجائعة، ستمنح ثمار ذريتها إلى ذكور سيتواجدون حولها ويقدمون شيئًا مفيدًا لهذه الذرية. مؤشراتنا الإنجابية تصعب حياة الذكور الذين يرغبون في اكتشاف الأنثى الخصبة، والاستئثار بلحظة الخصوبة، ثم الانتقال للمرأة التالية (استراتيجية كلاسيكية يتبعها الذكور المهيمنين من القردة العاقلة). لدينا إباضة خفية وغير متوقعة، ولا يستطيع الرجل أن يعرف على وجه التحديد موعد إباضة شريكته. كما أن النساء منفتحات جنسيًا، أكثر بكثير من أي فصيل في الرئيسيات، ربما طوال دورة الإباضة. والأثر الإجمالي لذلك هو تشتيت معلومات الذكور حول موعد خصوبة النساء بالضبط.
ثمة كارثة تقع للذكر الذي يحاول السيطرة على حرملك من النساء، ففي الوقت الذي يحاول فيه الذكر تخمين احتمالية خصوبة امرأة في دورة الإباضة، سيكون عليه البقاء بجانبها، وتضييع فرص أخرى. وسيوجد ذكور آخرين في الوقت نفسه لأجل النساء الأخريات المنفتحات جنسيًا. الانفتاح الجنسي المستمر ينشر الفرص الإنجابية حول العديد من الذكور، وبالتالي تجري المساواة من منظور تطوري.
تحمل نساء قبيلة باياكا في غابات الكونغو شعارًا يعبر بقوة عن مقاومتهن لتودد الذكور إليهن: «قضيب واحد، امرأة واحدة!» ويمثل ذلك صرختهن الطقسية المعلنة أمام محاولة أي رجل لتشكيل حرملك. تطلب المرأة الصائدة وجامعة الثمار رجلًا واحدًا بشكل أساسي، لدعم احتياجاتها من الطاقة والاستثمار في ذرية غالية.
في مجتمعات الزراعة والرعي، يمكن لبعض الرجال حشد الموارد مثل حيازة أعداد كبيرة من الماشية أو مساحات واسعة من الأرض، ما يتيح لهم الحصول على أكثر من زوجة، وتشكل هذه الزوجات وأولادهن لاحقًا القوة العاملة للزوج. هذا يعني بالتبعية أن رجالًا آخرين يضيعون فرص الإنجاب. لكن بالعودة سريعًا لمجتمع الصيادين وجامعي الثمار، هؤلاء الرجال الذين يستهلكون كل ما يصيدونه ويجمعونه في نفس اليوم، يتعذر عليهم حشد الموارد والجمع بين النساء نظرًا لصعوبة الاستقرار.
اعتماد الرمزية واللغة على المساواتية
حتى الآن، زعمت أن سمات تكويننا الحيوي وتاريخ حياتنا وفسيولوجيا التطور لدينا تقدم دليلًا على وجود ماضٍ قائم على المساواتية في تطورنا: حجم عقولنا الكبير، وعيوننا المتعاونة، وانقطاع الطمث، والبين-ذاتية، والهيمنة المضادة الميكافيلية. ويدعم ذلك كله تطور الفسيولوجيا الجنسية للمرأة، مما يزيد من تكافؤ فرص الإنجاب بين الرجال، مقارنة بأبناء عمومتهم من القردة العليا.
سأطرح الآن حجتي حيث أرى أن استخدام الرموز ولغة الحوار لا يمكن أن ينشأ إلا على أساس المساواتية. نشر الأنثربولوجي الأمريكي الرائد مارشال سالينز، منذ ما يزيد عن 50 عامًا، مقارنة كاشفة بين الرئيسيات غير البشرية من ناحية، والصيادين وجامعي الثمار من ناحية أخرى. أشار سالينز إلى المساواتية باعتبارها اختلاف جوهري، إذ رأى الثقافة على أنها «أقدم أداة لتحقيق المساواة». وقال إنه بين الحيوانات القادرة على التواصل الرمزي: «يمكن للضعفاء التواطؤ يشكل جماعي لإسقاط القوي». يمكننا عكس إتجاه السببية هنا، حيث بسبب أنه يمكن للأفراد الأضعف بين البشر الميكافيليين والمناهضين للهيمنة أن يتواطؤوا للإطاحة بالأقوياء، نحن حيوانات قادرة على التواصل الرمزي.
تحت هذه الظروف وحسب، يُرجح أن تنشأ اللغة. إذ لا يحتاج الأقوياء إلى الكلمات، فلديهم وسائل مادية مباشرة للإقناع. لنستمع إلى جريبر، فيما يناقش جهل أصحاب السلطة في إدارة الدولة وافتقادهم للخيال. تنطبق كلماته تمامًا كذلك على الأصول التطورية في اللغة باعتبارها جوهر الإبداع البشري:
«إذا كانت لديك سلطة لضرب الناس على رؤوسهم وقتما تشاء، فلن يكون عليك أن تزعج نفسك كثيرًا بتخيل ما يظنون أنه يجري، ومن ثم، لن تفعل ذلك، بوجه عام. ومن هنا، تكون الطريقةُ المعتمدة لتبسيط الترتيبات الاجتماعية، لتجاهل التفاعل المعقّد بصورة لا تُصدّق للمنظورات، والمشاعر، والاستبصارات، والرغبات، والتفاهمات المشتركة التي تشكّل الحياة الإنسانية حقًا، أن تضع قاعدةً وتهدّد بمهاجمة كل من ينتهكها».**
تتطلب اللغة لكونها وسيلة الاستكشاف المتبادلة لعقول بعضنا -ويقول عنها جريبر إنها «التفاعل المعقّد بصورة لا تُصدّق للمنظورات، والمشاعر، والاستبصارات، والرغبات، والتفاهمات المشتركة»- مساحة آمنة لا تتسم بالعنف وفترة من الوقت كي تؤدي دورها. وتعبر المحادثة، باعتبارها عملية توافقية بالضرورة، عن النقيض الجوهري لعلاقات الهيمنة التي تستعمل العصا الغليظة. وتعتمد كذلك على بلوغ أقصى قدرات البين-ذاتية في النظر لعيون الآخرين. تمثل مصفوفة العلاقات المبنية على المساواة بشكل جوهري السبب الوحيد المعقول لتطور اللغة.
يربط جريبر بحسه الأناركي بين القواعد التعسفية وسلطة الدولة البيروقراطية المعتدية التي لا تعطي أدنى اهتمام لما يفكر فيه رعاياها طالما أن بإمكانها استخدام العنف والإفلات من العقاب. لكن أول قاعدة ابتكرها الإنسان لم تأت طبعًا من عقول الأفراد المسيطرين. يكفي ذوي القوة الاستفادة القصوى من مبدأ «القوة هي الحق».
تتبع القواعد والمحظورات التي لوحظت في مجتمعات الصيد والجمع ديناميكية أخرى، ﻷن لا توجد إمكانية للإكراه. ربما تظهر القواعد للوهلة الأولى بوصفها مجموعات عشوائية من التقاليد الغريبة التي لا تتبع منطقًا محددًا. لنأخذ على سبيل المثال مفهوم «الإيكيلا» في قبيلة الباياكا. لقد وجدت هذه الفكرة القديمة في حوض الكونغو بين مجموعات متنوعة من الصيادين وجامعي الثمار في الغابة. وتتضمن هذه الكلمة غير القابلة للترجمة المحرمات من الطعام، وحظ الصيد، والاحترام للحيوانات، ودم الحيض، والخصوبة، والقمر. في رأي الأنثربولوجي جيروم لويس، يقدم مفهوم الإيكيلا مسارًا استرشاديًا للأفراد أثناء نموهم حتى ينقل لهم ثقافتهم.
تلك مساواتية كاملة لأن هذه القواعد لا تقع على عاتق شخص واحد ذو نفوذ، تقع على الغابة كلها. مسلمات «الإيكيلا» هي المشاركة الصحيحة، والتكافل، والاحترام بين الأفراد مهما اختلفت أعمارهم أو أجناسهم، والاحترام بين البشر والحيوانات، وكل ما توفره الغابة. يمكننا القول إن هذا لم يكن يتخيله بعض الذكور المهيمنين، لأنه لكي يحافظ الرجل على «إيكيلا» (تقريبًا، حظه في الصيد)، لا ينبغي أن يمارس الجنس قبل الصيد. تحافظ المرأة على قوتها أو «إيكيلا» عندما تذهب إلى القمر، وهذا هو الحيض. وعلى كل من يشاركها كوخها اتباع نفس الشعائر وتجنب نفس المحرمات.
«الإيكيلا» نظام قانوني قديم ومنظم ذاتيًا، ربما يعد صدى نظرية الانفجار الكبير لكن في الثقافة البشرية البدائية. كما يمثل القاعدة التي أدعي أنها القاعدة الأصلية والأساسية المناهضة للاغتصاب، «لا تعني لا» وجسد المرأة مقدس إذا قالت ذلك. وإليكم قصتي في كيفية ظهور هذه القاعدة منذ البداية.
في البدء كانت الكلمة وكانت لا
تطورت أجساد النساء على مدى ما يزيد على مليون عام لصالح مبدأ «امرأة واحدة، قضيب واحد»، ولمكافأة الذكور الذين كانوا مستعدين للمشاركة والاستثمار بدلًا من الذكور الذين سعوا للمنافسة للحصول على المزيد من النساء على حساب فكرة الاستثمار. لكن كلما صرنا أكثر ميكافيلية في استراتيجيتنا، تبعنا في ذلك الذكور المسيطرين المحتملين (ذكور الألفا). ربما تعكس الزيادة النهائية الكبيرة في حجم العقل البشري، والتي حدثت بظهور الإنسان المعاصر، سباق تسلح للاستراتيجيات المكيافيلية بين الجنسين.
بزيادة حجم المخ، احتاجت الأمهات مساهمات دورية يمكن الاعتماد عليها من الشركاء الذكور. في مجتمعات الصيد وجمع الثمار الإفريقية أصبح هذا نمطًا ثابتًا عرفه الأنثروبولوجيين باسم «مهر العروس». إذ تعتمد إمكانية ممارسة الرجل للجنس على نجاحه في توفير الطرائد الذي يحصل عليها لعائلة عروسه -بشكل أساسي لحماته التي هي رئيسه الفعلي. وبالتالي يستحيل على أي رجل، في المجتمعات التي تعيش فيها النساء مع أمهاتهن، أن يفرض سيطرته بالتحكم في توزيع الطعام.
تكمن مشكلة الإناث المعاصرات الأوائل، اللواتي تعرضن للضغط الأقصى بسبب زيادة حجم الدماغ، في الذكور الذين حاولوا الحصول على الجنس دون دفع المهر. وللتعامل مع هذا الخطر، قامت أمهات تلك الذرية النفيسة بتوسيع تحالفاتهن مع كل أفراد الذكور المناهضين للسيطرة. سيتولى الرجال أقارب الأمهات (الإخوة أو الأخوال) إعالة أولئك الإناث. كذلك، فإن الرجال الراغبين في الاستثمار في النسل سيكون لديهم مصالح تتعارض مباشرة مع الذكور الراغبين في السيطرة الذين قوضوا جهودهم الإنجابية. مما يجعل المجتمع بأسره يمثل تحالفًا ضد فرد راغب في السيطرة. يصف عالم الأنثروبولوجيا التطوري كريستوفر بوم ذلك بأنه «هيمنة عكسية»، وهي دينامية سياسية أسست لأول مرة مجتمعًا منظمًا أخلاقيًا.
لذا، يقع الفعل الجماعي -الأخلاقي- الذي يتصف بالهيمنة العكسية حين يحاول الذكر المسيطر اختطاف أنثى محتملة الخصوبة. هل يمكننا وصف ذلك بمزيد من التفصيل من حيث السلوكيات الفعلية؟
إن استراتيجية الذكر المسيطر هي العثور على أنثى خصبة ومرافقتها، قبل الانتقال إلى الأنثى التي تليها. لكن كيف يحدد الذكور الأنثى الخصبة مع الأخذ في الاعتبار أن الإباضة أصبحت خفية عبر التطور البشري؟ توجد سمة واحدة للدورة الإنجابية البشرية يصعب إخفاؤها: الحيض. مع غياب أي إشارة على الإباضة، أصبح الحيض علامة بارزة بقوة للذكور على أن الإناث على وشك الخصوبة.
تشكل الأنثى الحائض هدفًا واضحًا للذكر المسيطر. يحرسها ويمارس معها الجنس حتى تحبل، ثم ينتقل للأنثى التالية. في خيمات الصيادين وجامعي الثمار الرحل، تكون النساء في سن الإنجاب، إما حوامل أو مرضعات أغلب الوقت، مما يجعل الحيض حدثًا نادرًا نسبيًا. يقوض الحيض رعاية اﻷطفال التعاونية، إذ ينذر ظهوره بتحفيز رغبة الذكور في المنافسة للوصول لأنثى خصبة، وينذر بإشعال المنافسة بين الإناث كذلك لأن الأم الحبلى أو المرضعة تخاطر بفقدان دعم الذكر لصالح الأنثى التي تحيض.
لدى الأمهات استجابتين محتملتين لهذه المشكلة. باللجوء إلى منطق الإباضة الخفية، قد يحاولن إخفاء حدوث الطمث حتى لا يعرف الذكور. لكن نظرًا لأن للإشارة قيمة اقتصادية محتملة متمثلة في جذب انتباه الذكور، تقدم الإناث على فعل العكس، وهو استعراض للإعلان عن الخصوبة الوشيكة. حين تحيض عضوة في تحالف ما، ينضم التحالف بأسره إلى تلك الأنثى ﻹبراز إشاراتها من أجل جذب الذكور. تتجه بعض الإناث في التحالفات إلى استخدام مواد ملونة بالأحمر كمواد تجميل لإبراز تلك اﻹشارات. وهذا ما يعد نموذج ائتلافات التجميل النسائية لنشأة الفنون والثقافة الرمزية.
عبر إنشاء تحالف تجميلي للمقاومة، تردع الإناث الذكور المسيطرين من خلال الالتفاف حول الأنثى الحائض ومنع أي فرد من الاقتراب منها. وبهذا أرسين أولى محرمات العالم المتعلقة بدم الحيض أو الدم المتخيل جماعيَا، ونطقن بأولى كلماته: لا!
هذا العرض التجميلي يشجع الذكور المستثمرين المستعدين للذهاب إلى الصيد وإحضار المؤن إلى التحالف النسائي بأسره. تضمن الإناث المزينات اللواتي يقدمن عرضًا كبيرًا للتضامن ضد الذكور المسيطرين حصول المستثمرين من الذكور على مكافآت اللياقة البدنية. من مصلحة المستثمرين من الذكور أن يختاروا الإناث المنتميات إلى ائتلافات طقوس التجميل، لأنهم حينئذ يقلصون منافسة الذكور الراغبين في السيطرة.
يظهر لنا التحالف التجميلي للنساء (FCC) نموذجًا بدائيًا لنظام أخلاقي ترسيه طقوس البلوغ والمحرمات والمحظورات التي تحيط بالحيض في العديد من التحليلات الإثنوغرافية. قاعدة «الإيكيلا» التي جرت مناقشتها سابقًا مثال كلاسيكي على ذلك.
كما أن استراتيجية هذا التحالف تمثل أيضًا النموذج الأولي للعمل الرمزي، مع اتفاق جماعي أن «الدماء» الزائفة أو المتخيلة تحل محل الدماء الحقيقية. رغم أن الاستراتيجية ثورية على مستوى الأخلاق والرمزية والاقتصاد، إلا أنها تظهر كتكيف تطوري مدفوع باختيار الذكور الجنسي من النساء المشاركات في الطقوس. بناء على هذا الأساس، من خلال الهيمنة الجندرية العكسية، تظهر عادة مهر العروس عند الصيادين وجامعي الثمار، مما يوفر فرص متساوية تقريبًا للنجاح الإنجابي لجميع الصيادين.
وختامًا، يفسر نموذج التحالف التجميلي للنساء (FCC) ما وجدناه كأقدم مادة رمزية في السجل الأثري. عندما قُدمت النظرية لأول مرة في منتصف التسعينيات، توقعت أن تتكون أول وسائط رمزية في العالم من مستحضرات تجميل ذات لون أحمر الذي هو لون الدم، وتوقعت أن يكون مكان وجودها وزمانه في إفريقيا، قبل ارتقاء أنواعنا وأثنائه، التي ارتبطت بزيادة حجم المخ. ويحدد هذا تسجيل الصبغة منذ 6 – 7 آلاف سنة، خاصة المتعلقة بالنمو السريع للمخ في الـ300 سنة الأخيرة.
تأكدت هذه التوقعات النظرية بقوة. تسود سجل العصر الحجري الأوسط الإفريقي أكاسيد الحديد ذات اللون الأحمر الدموي، أي مغرات حمراء. هذه الصبغات هي أول مواد معمرة مستخرجة ومعالجة ومعروضة ومستخدمة في التصميم. يعود تاريخها إلى ما لا يقل عن 300 ألف سنة في سجل شرقي إفريقيا وجنوبها، ويصل عمرها تقريبُا إلى نصف مليون سنة. وقد عثروا عليها منذ زمن البشر المعاصرين في كل موقع في جنوبي إفريقيا وفي كل كهف صخري حتى أصبحت السمة المميزة للإنسان الحديث أثناء انتقاله من إفريقيا حول العالم، وهي توجد بكميات وفيرة في كل من العصر الحجري القديم الأعلى في أوروبا، وفي أستراليا منذ دخل الإنسان الحديث إلى تلك القارات لأول مرة.
الغموض الجندري جوهر الأفكار الدينية المبكرة
في حقبة #أنا_أيضًا، يصعب على الرجال الاستماع إلى نساء يقلن لا. في ضوء هذه الفسيولوجية الجنسية التي صممها التطور للحفاظ على اهتمام الرجال على نحو مستمر، يجب على النساء العمل بجد لإبطال إشارات الجذب. وإذا كن يرغبن في إبعاد الرجال ودفعهم للصيد، سيتعين عليهن العمل بجد حقيقي من أجل ذلك.
الهمس بأن «الوقت غير مناسب الآن عزيزي» لن يفلح. إنهن بحاجة لإثارة الضجيج، والأغنيات الفظة، وتشكيلات الرقص المقاتلة لجذب انتباه الرجال: أي يحتجن لطقوس. لكن العامل الحاسم هو انقلاب الواقع الرمزي. إذا كان الذكور يبحثون عن رفيقة، أنثى من نوع الملائم، غيّرن ذلك، وتصرفن بشكل جماعي وقلن: «نحن في الحقيقة ذكورًا، ولسنا بشرًا، بل حيوانات»، بإشارة مفادها «الجنس الخاطيء، والنوع الخاطيء، والتوقيت الخاطيء». كوني عضوة في الائتلاف المطلي جسده باللون الأحمر وحاكي السلوك الوحشي للحيوانات التي تريد أن يصطاد الرجال طرائد لها.
يمكننا الآن أن نرى لماذا تتخذ طقوس بلوغ الصيادين وجامعي الثمار هذا النمط. تعد رقصة «ثور كالاهاري إيلاند» واحدة من أقدم الطقوس الحية في العالم. تتحرك نساء القبيلة عاريات اﻷرداف بينما ترقصن رقصة لعوب مقلدين تزاوج الظباء. يسمح للرجال بالمشاهدة لكن لا يمكنهم الاقتراب من الكوخ الذي تقطنه الفتاة الحائضة المعزولة. تصبح الفتاة مماثلة «ثور إيلاند» التي تتزاوج معه النساء الراقصات إيمائيًا.
في احتفالية «مايتوكو» لقبيلة هادزا، ترتدي الفتيات زي الصيادين، وتمثلن قصة الأم الرئيسة التي اصطادت حمار وحشي وقطعت قضيبه وربطته بجسدها. ما يبدو للوهلة الأولى غير مبرر صار الآن مفهومًا بوصفه قاعدة النساء الخارقة للمحرمات: جنس خاطيء ونوع خاطيء. يوضح هذا كيف بدت المفاهيم الدينية الأولى.
السر المسكوت عنه.. المساواتية الجندرية هي ما جعلتنا بشرًا
حتى لو كنت لا تصدق هذه القصة بالتحديد وترغب في استبدالها بتفسير آخر للمغرة الحمراء، وأصل القاعدة الخارقة، فلا يزال الدليل البيولوجي والسيكولوجي على أن أسلافنا مروا بمرحلة طويلة من المساواتية باقية. لولا ذلك، لما وُجد البشر المعاصرون الذين يتحدثون اللغة، لربما تطورنا إلى هومينيني (بشراناوية) بعقول أصغر وعيون مستديرة، واستخدمنا نظام محادثة بدائي للتواصل، واختلف شكل الكوكب كليًا.
هل يهم ذلك؟ هل يهم أن النساء نظمن أنفسهن كجنس تطوري وحطمن «الحد الرمادي» لحجم المخ؟ هل يهم أن الاستراتيجيات السياسية النسائية خلقت ثقافة بشرية رمزية؟ أن المقاومة جوهرية في كوننا بشرًا؟ هل يجب أن نحكي لأولادنا قصة تراثنا الحجري القديم الذي قام على المساواة الجندرية -السر المسكوت عنه؟ وكيف منح أسلافنا الأفارقة مستقبل استثنائي؟ أعتقد أن الإجابة أجل، ذلك مهم، إذا كنا نطمح إلى مستقبل ممتد بقدر ما يمتد ماضي أسلافنا الصيادين وجامعي الثمار.
هوامش المترجمة:
* المشاركة الجبرية هو عرف اجتماعي يُجبر الفرد مالك المصادر المرغوب فيها بإلحاح (مثل اللحوم) على مشاركة الطعام مع أفراد المجموعة (بما في ذلك الأفراد قليلي المساهمة الذين نادرا ما يذهبون إلى الصيد).
** ترجمة أحمد حسان، نقلاً عن كتاب «اﻷناركية والثورة واﻹنسان»، دار المحروسة، 2016.