أنا أُدرك التاريخ جيدًا. أسماء كثيرة محفورة في التاريخ
لكن أسماءنا ليست بينها.
ثلاثة قصائد لريتشارد سايكن
ترجمة: وفاء قاسم
"كان وصف العالم أسهل من العثور على مكان فيه".
-ريتشارد سايكن
ريتشارد سايكن شاعر ورسام ومخرج أفلام أمريكي. فاز كتابه Crush بجائزة Yale Series of Younger Poets لعام 2004، وجائزة Lambda Literary Award، وجائزة Thom Gunn Award، وكان من بين المرشحين النهائيين لجائزة National Book Critics Circle Award.
تتميز أشعار سايكن بالانفعال العاطفي والسرد المجزأ. غالبًا ما تكون قصائده أقرب إلى المونولوجات الداخلية أو الأحلام المحمومة التي يعبر عنها من خلال كتابات هي مزيج بين الأسلوب الاعترافي والحس السيريالي السينمائي، مما يطمس الخط الفاصل بين الواقع والخيال. تحمل العديد من قصائده شعورًا بالفوضى وعدم اليقين والهلاك الوشيك.

وحش صغير
1
للشواء طيلة الليل حفلة. في حديقة المحكمة رقصة.
يئن الراديو بنغمة تنبئنا بما يدور في خلد الليل. وإنه ليفكر في الحب.
يفكر في طعننا حتى الموت
وترك جثثنا تتعفن في مكب النفايات
يا لها من لمسة لطيفة! لطخات في الليل وقبلات بطعم الويسكي للجميع.
الليلة ترى رجلًا على الطريق السريع يأكل فطيرة الفاكهة بسكين
ينحت حدود وجه حبيبته في جدران النُزل، أحبه وأريد أن أكون هو. الآن لم تعد يداي مجرد ملحقات لجسدي.
2
أخبرني أحدهم ذات مرة أن تبريراتنا هي اعتراف منا بالهزيمة.
أوقن أنك تتذكر يا عزيزي، فقد دار بيننا حديثًا عبر الهاتف.
3
يقولون إن التاريخ يعيد نفسه.
التاريخ يلقي بظلاله على البدايات وعلى سطح المكتب
وفي الدُرج بين الجوارب وعلى أحرفه المستترة.
التاريخ رجل ضئيل في بدلة بنية
يحاول تخطيط غرفة ليس بداخلها.
أنا أُدرك التاريخ جيدًا. أسماء كثيرة محفورة في التاريخ
لكن أسماءنا ليست بينها.
4
كانت عيناه خضراء
لذلك أردت أن أرشده لغرفة نومي
خضراء زينتها أوراق خريفية صفراء على سطح بركة يمكن للمرء أن يغرق في تلك العيون.
في دقات قلبه
و الطريقة التي يتكور بها على نفسه بدافع الخجل أو العار أو رغبة منه في ألا يعكر صفو من حوله.
كان بإمكان الجميع تتبع حركات عضلاته
كم بدونا بهيميين
وجلده بالكاد يحتويه.
أردت أن آخذه إلى المنزل
وأذيه وأن تخترق يدي أحشاءه وأن يندفع جسدي كسيارة محمومة في جسده
مثل اختبار حوادث الاصطدام
أردت أن أكون مرغوبًا
ولكم كان يبدو فاتنًا عندما قبلته وعيناه مغمضتان، وكنت أُرسل إلى جنته فقط عندما يخفق بداخلي.
يمكن للمرء أن يغرق في تلك العيون
لذلك فقد حان الصيف، لذلك فهذا انتحار
لذلك نحن نِيَام ونتقاتل في قاع المسبح.
5
لم ندرك الألم الكليل
إلا عندما تجاوزنا نصف حكايتنا
ذلك الألم القديم مخيط المعصمين بأصابعه الدبقة
بعيدًا كل البعد عن الهلاك،
انهمر من تحتنا وكانت الأرضية أسفل أقدامنا بالكاد قد جفت.
في انعكاسنا في المرايا وعلى نوافذ المتاجر
شاهدنا وجوهًا علتها شفاه مزمومة ولم نجد في عيوننا بوابات الخلاص التي أملنا أن نجدها
بل كانت مجرد عيون.
التأمت جروحه وأثخنت الندبات جلده قليلًا
ندبات كقضبان قطار على طول ذراعيه وجسده القابع تحت قميصه
6
ما زلنا نتحسس أجسادنا في الظلام، على السُلم الخلفي وداخل السيارات المتوقفة
بينما تتلألأ الثلوج على الطرقات من حولنا
و تضبب أنفاسنا زجاجًأ أشحبه الصقيع
ولكن كثيرًا ما كان يغلبني السُهَاد وتُستنزف منه التهويدات.
لكن يا ويح قلبي إذا انجلت الغواية عن كل غاوٍ
إلا عن صبي نحيل يحمل مسدسًا
وسيارة سريعة وزجاجة حبوب.
7
ماذا تريد؟ أريد حصاد زرعي.
حاول شرح حياة هي عبارة عن أشلاء لنوبات من
اجْتَرَاعَ الطين وابتلاع الزجاج ورائحة الدماء على مفاصل اليد الأربعة.
نربط حذاءنا بكلتا يدينا
ولكننا عاجزون عن أن نلكم أنفسنا لنستيقظ وكل ما يمكنني فعله
هو الوقوف على الرصيف والاعتذار
عن الدماء في فمك النازف يا ليته كان دمي.
فشلت في إقناع الصبي بقتلي لكنني تدثرت بمعطفه أبد الدهر.
ثلج ومطر متسخ
السكاكين في المطبخ تُرنم
تهويدةً للدماء، لكننا يا طريد العدالة مفترق طرق،
وتلك ها هنا خريطة لقلبي، المنظر الطبيعي لما بعد القسوة والذي هو بالطبع حديقة وحنان
والحنان غرفة ومحبٌ يهمس ”ضُمني بقوة تساوي عنف ذلك الصقيع“.
لم نلمس النجوم،
ولم تمسنا المغفرة، وذلك يأخذنا
إلى ذراعي المُحارب والرقة التي تتجلى
لا في غياب العنف بل بالرغم من فيضه.
غرق البستان والسماء تستعر بالنيران.
والضوء الذهبي يسطع على
زجاج كل نافذة. سأهب قلبي لك ولتصنع منه مكانًا
كدليلٍ على حبٍ هو أبعد من مجرد نَهم.
ألم تر أنني سأمنح النجوم أسماءً لأجلك؟
وأنني سآخذك إليها؟
أو أنك ستذوب تحت لساني كمكعب سكر؟
قرأنا غلاف الكتاب ونعلم ما سيحدث
الحقول احترقت، الأرض دُمرت
ارتحل الأحبة
محطمين على الأرض اليباب. وكل شيء ذهب مع الريح.
لتُترك مهزومًا. كل الأصدقاء رحلوا.
وداعًا
وداعًا. ولِتكفّ عيني أدمعي.
عسى أن ألقاكم
في الجنة.
لكن ابتهال من الأحلام يتجلى
هناك في مكان ما في البرزخ
شهرزاد
اروِ لي حلمًا ننتشل فيه جثثًا من البحيرة
ونكسوها لباسًا دافئًا.
كيف دجا الليل ولم يفارقنا السهاد،
ترمح الجياد
إلى أن تنسى أنها جياد.
الأمر ليس تشبيهًا لشجرة تنتهي جذورها في نقطة ما،
بل هو أقرب لأغنية تدوي في سيارة الشرطة.
كيف طوينا السجادة لنرقص، وكانت الأيام
حمراء قانية، وفي كل مرة لثمت شفتيك كانت هناك تفاحة أخرى تُقطع
أترى الوهج خلف زجاج النافذة؟ إنه وقت الظهيرة، ذلك يعني
أن لا عزاء لنا الآن.
اروِ لي كيف سيدمرنا كل هذا،
كيف سيكون الحب هلاكًا لنا.
تلك هي أجسادنا سكنها النور
قل لي إن إحساسنا لن يتبلد أبدًا
* الترجمة خاصة بـ Boring Books
** تحتفظ المترجمة بحقها في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتها دون إذن منها