يظهر البابا رولف بوصفه ملعونًا، وعتيقًا وعلَّم نفسه بنفسه مثل مؤلفه، يصلي باللغة اليونانية، ويمارس التنجيم ويُدَخِّن في مكتبه. جرى وصفه عند وفاته، بأنه "مخلوق غير مفهوم"

هادريان السابع لفردريك رولف (1904)

مقال روبرت مكروم

ترجمة هويدا أحمد

عن كتاب "أفضل مئة رواية في اللغة الإنجليزية" الصادر عن كتب مملة بالتعاون مع دار هن للنشر والتوزيع


من غلاف رواية "هادريان السابع"

يُعَدّ فريدريك رولف، الذي أطلق على نفسه أيضًا اسم "بارون كورفو" (وأحيانًا يكتب اسمه الكامل فريدريك ويليام سيرافينو أوستن لويس ماري رولف)، أحد أغرب الكائنات في حوض أسماك لأدب الإدواردي الغربي. تحفته، "هادريان السابع"، تُمَثِّل عصره المتباهي وغريب الأطوار والمهووس بشكل عجيب، والبعض يقول عليه عصر مجنون، بالإضافة إلى أنها، كما أوجز د. هـ. لورانس "كتاب لرجل شيطاني". 

رولف (يُلفظ "روف") الذي ولد في لندن عام 1860، هو ابن صانع آلات البيانو. نشأ مثلي الجنس مع ميل بيدوفيلي، في مناخ ثقافي داعر تَرَبَّى فيه العديد من الأدباء في أواخر العصر الفيكتوري، ولا سيما أوسكار وايلد وأوبري بيردسلي صاحب الدورية الأدبية النصفية المعروفة باسم "الكتاب الأصفر"، وكذلك الإدوارديين مثل هـ. هـ. مونرو المعروف باسمه المستعار (ساكي) وماكس بيربوم.

لمدة 10 سنوات، كان رولف مدير مدرسة محلية وكان يُعَد ليصبح كاهنًا كاثوليكيًا. أثبت انتقاله إلى مذهب كنيسة روما عام 1886 نقص نضجه وعطبه. وأفسدت شخصيته غريبة الأطوار ولسانه الحاد فترة بلوغه، وأدت إلى فصله من الكهنوت ليس مرة واحدة بل مرتين. بعد ذلك، عاش حياة الكفاف كصحفي ورسام ومصور. 

في سن الأربعين بدأ الكتابة بجدية، إذ عاش على شفا الفقر لسنوات مع الحفاظ على نمط حياة غريب الأطوار، مرتديًا نظارة فضية وقفازين من الجليسرين (في السرير)، بينما يكتب على ضوء مصباح زجاجي صغير على مكتبه، ويدخن بشراهة كشيطان. تشاجر رولف تقريبًا مع الجميع، وانتهى به الأمر، وهو على شفا البؤس، إلى أن يعيش في جندول مفتوح في البندقية، وعلى حد تعبيره، "بلا مأوى وغالبًا ما كنت أتضور جوعًا... لا أسعى سوى للبقاء على قيد الحياة بعيدًا عن السرطانات والجرذان".

"هادريان السابع"، رواية رولف الأولى (التي تُنسب أحيانًا إلى الاسم المستعار بارون كورفو)، هي "حكاية" تعكس حياة كاتبها وعمله. وهي تروي قصة جورج آرثر روز، الكاتب الفاشل والكاهن البسيط، الذي يصبح البابا المنتخب، عبر تقلبات كنسية غريبة لكنها شبه منطقية. ويعلن أن "البابا الإنجليزي السابق كان هادريان الرابع. والبابا الإنجليزي الحالي هو هادريان السابع. ومن دواعي سرورنا، وما إلى ذلك، أن نأمر وفقًا لرغبتنا". 

يشرع البابا الجديد في برنامج للإصلاح، لكن عهد هادريان الذي استمر عامًا واحدًا انتهى عندما اغتيل على يد أسكتلندي يكره البابا، وكان ذلك تنبؤًا بمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1981.

يمتد جو الإبداع الذي يتغلغل في هذا الخيال المسلي إلى مفردات رولف المصطنعة للغاية، والتي تعيد إلى ذاكرتي الغلو اللفظي الواضح الذي يستخدمه ويل سلف، باستخدامه لكلمات مثل Snarp، diaphotick، noluntary، tolutiloquent، purrothrixine، xanthine، وفي الصفحة الافتتاحية prooimion.[1] 

يظهر البابا رولف بوصفه ملعونًا، وعتيقًا وعلَّم نفسه بنفسه مثل مؤلفه، يصلي باللغة اليونانية، ويمارس التنجيم ويُدَخِّن في مكتبه. جرى وصفه عند وفاته، بأنه "مخلوق غير مفهوم"، ويختتم رولف مؤلفه بسطر قد يكون مرثية خاصة به: "صلوا من أجل راحة روحه. لقد كان مُتعَبًا للغاية".

توفي فريدريك رولف فجأة في البندقية في 25 أكتوبر 1913.

ملاحظة عن النص

نشرت دار نشر "شاتو آند ويندوس" رواية "هادريان السابع" في لندن عام 1904. (ظهرت الطبعة الأمريكية الأولى من دار نشر "كنوبف" عام 1925). وجاء في صفحة العنوان أن الكتاب من تأليف الأب رولف، وهو اختصار لاسم المؤلف يشير إلى أنه كان كاهنًا كاثوليكيًا.

ربما نُسِيَت هذه الرواية الغريبة وكذا المؤلف الغريب لولا التدخل الرائع لـلكاتب أ.ج. أ. سايمونس، التي ساعد كتابه التجريبي في السيرة الذاتية "البحث عن كورفو"، الذي صدر عام 1934، في حماية سمعة رولف. جرى تصوير جنون الارتياب الإبداعي الحاد المصاب به كورفو/ رولف لاحقًا في رواية "سكيبتون البشع"، وهي رواية باميلا هانسفورد جونسون، وفي عام 1968 في مسرحية بيتر لوك الناجحة "هادريان السابع"، بطولة أليك مكوين.

إن موضوع الكاتب الجائع الذي يجد الأصالة في الزهد القسري والعزلة هو موضوع فرعي في هذه السلسلة. يتكرر أيضًا في أعمال جورج أورويل، ولا سيما في رواية "دع الزنبقة تطير"، التي كان من الممكن أن يخرج بطلها، جوردون كومستوك، من صفحات روايات رولف، دون طرح أي أسئلة.


 [1] كلمات بلا معنى، ولكنها قريبة من كلمات ذات معاني، مثلًا noluntary قريبة من voluntary، أي "طوعًا".