ثمة ورد أزرق ينام بطمأنينة طفل في آنيته الزجاجية، ماء ينداح في مكان ما. أنا أيضًا أشعر بطمأنينة مثل طمأنينة الورد الأزرق النائم.
Happy New Year
قصة لرجائي موسى
تحدثت إلى صديقتي، بدت مشغولة بأمر ما. في العادة هي مشغولة بأمر ما. لم تعر كلامي أهمية، على الرغم من أني كنت أعتقد بأنها ستغضب عندما أحدثها في هذه المسألة. لذا ترددت كثيرًا وظللت أقلب الأمر على أكثر من وجه.
لم يبزغ لي وجهها حتى الآن. كنت محاصرًا بهتافات ونداءات غريبة. في منتصف الغرفة، كانت الإضاءة مبهرة، المائدة نظيفة ومرتبة، ثمة ورد أزرق ينام بطمأنينة طفل في آنيته الزجاجية، ماء ينداح في مكان ما. أنا أيضًا أشعر بطمأنينة مثل طمأنينة الورد الأزرق النائم.
قلت لها: لقد اختفت قطعة النرد من فوق المائدة. قطعة النرد، هل تذكرينها، لقد جلبتها من أجل حظك. قطعة نرد مصنوعة من خشب الزان حجمها 80 سنتيمترًا مكعبًا. ماذا أفعل بقطعة نرد من خشب الزان بحجم 80 سنتيمترًا مكعبًا؟
قالت: ابحث عنها جيدًا. ربما نقلتها إلى مكان آخر.
قلت: لم أجدها في أي مكان. بحثت عنها في كل الأماكن. أنا لم أحركها من موقعها على الإطلاق. منذ أن وضعتها يدك على المائدة (يداك طائران يحلقان فوق هواء المائدة، هل تذكرين؟)
قالت: لا أحد يأتي شقتك منذ زمن. ربما أنت من أخفيتها.
لماذا أخفى قطعة نرد رائعة بهذا الشكل. لا يمكن إخفاء قطعة بمثل هذا الحجم. كانت أكبر من احتمالات المائدة. ربما عندما انقطع التيار الكهربائي، وتسللت إلى المطبخ بحثًا عن شمعة، نسيت القهوة على النار، زحفت قطعة النرد إلى المطبخ لكي تحمل الشمعة عني، أو تأخذ التوابل اللازمة لجلب الحظ. لا يجب عليَّ الانتظار أكثر من هذا، سوف أباغت النهار قبل صدوره بتمزيق أوراقي الخاصة في العاصمة، عند الفجر، في منتصف العاصمة تمامًا سأشعل أوراقًا قذرة. عليكم أن تغلقوا أنوفكم وشبابيك منازلكم الفارغة، الميتة، عليكم أن تسدوا كل الطرق التي يمكن أن يعبرها الدخان، عطلوا كل الأسانسيرات، التي تسبح في مياهكم الآسنة، صعودًا وهبوطًا، كتمرين جنسي فاجع. قطعة النرد تبحث عنى، تلهث ورائي، تتعقبني. تركت بيتي ورائي، معلقًا في ذاكرة رطبة...آه البلل طال شيئًا مني. الشارع يقودني إلى سلم للمشاة، بعده سأجد المترو هائمًا وحده في منتصف الليل، يبحث عن شيء ما. قبيل منتصف الليل، أعرف أنك ستفكر أنى في منتصف الحزن.... ههههههه لن أضحك منك. الحزن مستدير، أعني بيضاوي، لا لا ربما حالة هيولية. عند درج السلم، أوقفني رجل يتربع الشارع وقال لي: "احملني لو كنت طالع". قلت له: "سأحملك حتى لو لم أكن". لم يكن رجلًا، كان نصف رجل، بدون قدمين، مجرد صدر وفخذين وذراعين قويين. حملته على كتفي كأنه طفل كبير الحجم. هل يمكن أن يكون قد شُطِر إلى نصفين. هذا اليوم يوم مقدس. اليوم التقيت بشخص مشطور.
قلت له: رايح فين؟
قال: المترو، نازل على وسط البلد.
قلت: دا طريقي.
قال: طيب شلنى لغاية المترو.
حملته إلى عربة المترو. رائحة عطرة لا أحتملها. أكره العطور. أحب ماء الليمون. شخص ترك مقعده فور دخولنا، أومأ لي بأن أضعه مكانه، فاستجبت للإيماءة. رأيت طفلًا على الكرسي المجاور يخفى ضحكة رائعة، فغمزت له بعيني فردني بتكشيرة من حاجبيه فكتمت بدوري ضحكة صبيانية. بعد محطة وجدتني أجلس قبالة هذا النصف.
- نازل التحرير؟
- أكيد.
- هتقضى ليلة رأس السنة مع مين؟
- مع آخرين.
- هههههههه فكرتك هتقضيها فعلا مع آخرين.
- ههههههههههههه
في يده اليسرى، ساعة بمينا زرقاء وعقارب سوداء تلمع. أسمع صوت تكتكة. أحس بنظرتي إلى الساعة.
- رخيصة. هي بس شكلها حلو
أومأت بالموافقة.
- أنا مش بحب الساعات.
- ولا أنا بس.
خرجنا من محطة التحرير، كنت أحمله على كتفي. فكرت بصورة القديس الذي حمل المسيح. ظهر المسيح لقديس ما، لا أذكر اسمه، (الحبكة دائمًا تتكرر مع أشخاص كثيرين، مرة بيشوى ومرة موسى الأسود ومرة خريستوفورس، ضحكت عندما كتبت اسم خريستوفورس، هل كريستوفر، يبدو أنه قبطان أو مستكشف، بحثت عنه، فعرفت أن اسمه القديم، روبروبس، وهذا يعنى الذي لا قيمة له، أو عديم الفائدة. هل من أجل اسمه فقط جاء إليه المسيح لكي يجعل له قيمة وفائدة، فمنحه اسمًا جديدًا! على هيئة طفل ضائع في صحراء أو في مياه. وقال له "احملني" فحمله الرجل. بعد فترة من الزمن صار الطفل ثقلًا، ولكن الرجل لم يتبرم ولم يتذمر، بل صبر على هذا الثقل، ولكنه كان متعجبًا، كيف لطفل هذا الثقل! وفيما هو يفكر في الأمر، سمع صوتًا يقول له: "إنها الحقيقة. لأنك تحمل من حمل خطايا العالم". أحس بأن الطفل يعود إلى خفته ويذهب أكثر نحو الخفة، فجأة أحس بأن الطفل يتلاشى من فوق كتفيه، فرفع عينيه إلى فوق، فرأى المسيح يصعد نحو غيمة، فمجَّد اسم الرب). صار يمازحني أكثر: "ممكن أدخن؟"
قلت: هتحرق راسي.
فور خروجنا من محطة التحرير وجدته يقفز فوق سطح سيارة ويرقص. كانت السيارات تسير ببطء، فاليوم احتفال. الناس تنظر إليه وتصفق وتصفر وأنا أتابعه عن كثب. قرب ميدان طلعت حرب، انزلق بمهارة عن سطح السيارة وراح نحو التمثال. دار دورتين حول التمثال، وقال: "تعال نقعد هنا". ظهرنا للتمثال ولشارع صبري أبو علم، وجهنا إلى شارع محمود بسيوني. كان يتصبب عرقًا. أخرج زجاجة براندي من صدريته وبدأ يشرب.
- تشرب؟
- لا هدخن بس.
كنت أفكر، لم أنا هنا؟ لماذا جلست إلى هذا الكائن؟ هل سأقضى رأس السنة هنا، بجوار هذا المشطور؟ تذكرت الفسكونت المشطور، كان فسكونت كالفينو مشطورًا رأسيًا بعكس مشطوري أنا أو فسكونتي أنا. هل أسميه فسكونتي؟ كأني في انتظار معجزة. ربما ينشطر التمثال. رفعت نظري، ما زال واقفًا بلامبالاة كما هو. أغنيات تأتى من كل مكان. أصوات تأتى من النادي اليوناني. فكرت أصعد إلى هناك ولكنى تراجعت خشية أن ألتقى بها مع صديقها الجديد. نظرت إلى نوافذ النادي، بالداخل، ظلال تتحرك في خفة. هل يرقصان الآن؟ كم الساعة الآن؟
- الساعة 12
- بالظبط؟
- العقارب كلها فوق بعض. هابى نيو يير
ضحكت وقلت:
- هابى نيو يير
* القصة خاصة بـ Boring Books
** يحتفظ الكاتب بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بقصته دون إذن منه
One Reply to “رجائي موسى: Happy New Year (قصة قصيرة)”
I enjoyed reading this short story
The magical realism in the half man added a mesmerising aspect
the language is captivating also
i d like to know more about how he spent the
new year night and did he see his ex