لا يوجد حب بارد،
أي حب يمنح الدفء،
وإذا بَرُدَ
يستمر في منح الدفء

حب صيفي

قصائد ليندرجيكا تشيهالوفا*

ترجمتها عن التشيكية: بثينة أبو بكر

* نُشرت هذه القصائد في باب "ورشة العمل" للأدباء الناشئين في مجلة "الشهرية الأدبية" التشيكية (Literární měsíčník) في العدد رقم 101 عام 1983، لشاعرة شابة اسمها يندرݘيكا تشيهالوﭬا (Jindřiška Číhalová). ولدت تشيهالوﭬا عام 1956 في مورافا وتعمل حاليًا منظمة حفلات وسيدة أعمال حرة. لم تُنشر لها أعمال أخرى. أرسلتْ هذه القصائد إلى تحرير المجلة تخبرهم عن سبب رغبتها في النشر: "أكتبُ فقط لنفسي ولسعادتي، لكن ذات يوم شعرت برغبة في أن يقرأ  أحدهم قصائدي". أرسلتْ تشيهالوفا تسع قصائد للمجلة واختار المحررون ستة منها: تفهم، حب فارغ، شجرتان، الطريق، ليلة زفاف، يقظة.


تَفَهُّم

لا أحد يعرفني،
حتى أنا لا أعرفني.
السماء مليئة بالنجوم،
أراقب النجوم،
أَمْيلُ برأسي
أكثر وأكثر،
أرى نجومًا باردة
وهلالًا حادًا.

تتنازع برأسي
مائة فكرة صامتة،
يشعر عقلي بالاضطراب،
لا يريد الحديث عن خطيئته،
يتأرجح طويلًا
ويحاول أن يفهم
لانهائية السماء.

وتفهمًا لحجمه
وصغر شأني
حتى قدمي تشعر بالقشعريرة.

شجرتان

تقفان بثبات، الجذور بالأرض،
تتشابك الأفرع،
تتفاهمان بروعة،
جنبًا إلى جنب للأبد،
لا تلوم إحداهما الأخرى،
لا تحجب إحداهما الضوء عن الأخرى،
ترفعان الأفرع نحو الشمس،
تلقيان ظلًا باردًا،
والسحر الأعظم هنا،
أنهما تبدوان وكأنهما شجرة واحدة.

حب صيفي

جلستْ الفتاة على العشب،
واحتضنت ركبتيها،
هناك حيث تنتهي الكرمة النبيذية الصيفية،
كلمات باردة،
هذه نهاية المرح.
العقل الباطن ناعس،
لكنه يقدم النصيحة،
عندما يحل البرد،
ولا تُحصد الزهور.
فجأة
تسمع أصوات رقيقة.
تهمس الزهور:
"اقطفينا ذكرى
 لحب ميت،
بهدوء ضعينا هناك،
ولا تيأسي بسبب الحب الأول.
لا يوجد حب بارد،
أي حب يمنح الدفء،
وإذا بَرُدَ
يستمر في منح الدفء،
تبقى في داخلك شعلة
مضيئة".

الطريق

يمضي المرء وحده،
مع نفسه،
مع أفكاره،
التي تطارده
وتصطاده
كالوقت الذي ينظم
رحلات الصيد.

نمشي في طريق
مستوٍ ولكن مُرهِق،
نعرف نهايته،
ربما لهذا نهرب
عبر أزقة جانبية،
لا نريد عبورها،
وحدنا،
نخترق أجمة شائكة،
فتخترق بشرتنا،
تشفى الجروح
وتبقى الندوب
صغيرة وكبيرة،
مهدِدة ومتوسِلة،
لكن نلتقي أحيانًا شخصًا،
نلقي بأنفسنا عليه،
ثم نقول
الأمر يستحق عناء تلك الجروح
والتعرف على الطرق المختلفة
والحياة المزدوجة.

ليلة زفاف

ثوب زفاف أبيض،
قبل انبثاق النهار،
سيُلقى على كرسي أبيض.

سرير أبيض،
موجود بالفعل،
مع ملاءات بيضاء.
حجرة مطلية باللون الأبيض،
وقفل مغلق بالمفتاح،
ربما يعتقد أحدهم
أن مفتاح الباب الأبيض
مفقود.

على النافذة البيضاء ستارة بيضاء،
لم أعد أدري ما يجب أن أقول،
عندما يأتي حلم أبيض،
لو أنه فقط
هناك جسدان أبيضان أيضًا
وخلف النافذة ينتظرهما يوم أبيض
وربما مستقبل أبيض أيضًا.

يقظة

إنه الليل،
الشوارع هادئة،
خلف النوافذ بكاء،
فقط أرواح وحيدة،
تخطو الأحلام
بالشقة المحمومة،
ويلملم نفسه
قلب مثخن بالعاطفة،
تهيم العيون
فوق الأشياء المتجمدة،
تستجدي الابتسامة
مشهدًا من الأيام الماضية،
ابتسامة حزينة،
متألمة في وحدتها،
لحظة، حياة بأكملها
متسمرة على السياج،
الخوف من خذلان جديد
يحطم شعوري،
الشجاعة
تدفع القلب للوقوف مجددًا.
يغادر الليل
بامتداد حافة السكين،
يلمع الصباح
مثل بروش أمي القديم
ويغادر الليل،
يسقط المعطف من على الكتف،
يغادر
ويتركني منهكة
على عتبة الذكريات.