من الممكن أن يؤخذ القمر بالملاعق
او ككبسولةٍ كل ساعتين.
هو منومٌ جيد ومُسكن
كما أنه راحةٌ
للذين سممتهم الفلسفة.

أريد أن أشفي نفسي منك

قصائد لخايمي سابينس

ترجمها عن الأسبانية: مصعب السيد

خايمى سابينس كان شاعرًا وسياسيًّا محبوبًا في المكسيك، ولد عام 1926 وتُوفي عام 1999. كان والده، خوليو سابينس أحد المسؤولين عن حبه للشعر وربما عن تكوين شخصيته البسيطة واللطيفة والتي تعد من أسباب نجاحه في الحياة. بدأ دراسة الطب في عمر الـ19 ولكنه أدرك بعد وقتٍ قليل أنه ينتمي إلى الأدب. من أعماله "العلامة" 1951 و"آدم وحواء" 1953.


خايمي سابينس، عن cultural genial

أتمنى أن أشفي نفسي منك

أتمنى أن أشفي نفسي منك في بضعة أيام،
عليَّ أن أكف عن تدخينك، عن شربك، عن التفكير بك.
الأمر ممكن. باتباع الوصفات الأخلاقية بحذافيرها،
سأصف لنفسي الوقت، والزهد، والوحدة.

ما رأيك في أن أحبك لمدة أسبوع لا أكثر؟
ليست فترة طويلة، ولا قصيرة، بل كافية.
في أسبوع من الممكن أن تُجمَع كل كلمات الحب التي قيلت على وجه الأرض
وأن تُشعَل فيها النيران.
سأدفئك بنار الحب المحروق هذه،
وبالصمت أيضًا، لأن أفضل كلمات الحب تكون بين شخصين لا يقولان شيئًا.
من الضروري أيضًا حرق لغة المحب الملتوية المخربة تلك.
(تعرفين كيف أقول لكِ أحبك عندما أقول: "الجو حار"، "ناوليني الماء"،
"أتستطيعين القيادة؟"، "بدأت تظلم"...
في رفقة، من أصدقائي واصدقائك،
قلت لك "الوقت تأخر" وأنت كنتِ تعرفين أني أقول "أحبك").
سيتطلب الأمر أسبوعًا أخر لجمع حب الزمن بأكمله.
لأعطيك إياه. لتفعلي به ما يحلو لكِ:
احتفظي به،
عانقيه،
ارميه في القمامة.
فهو لا يصلح، وهذا أكيد.
فقط أريد أسبوعًا أخر لأفهم الأشياء.
لأن هذه الحال تشبه الخروج من مستشفى مجانين
للدخول إلى قبر.


القمر

من الممكن أن يؤخذ القمر بالملاعق
او ككبسولةٍ كل ساعتين.
هو منومٌ جيد ومُسكن
كما أنه راحةٌ
للذين سممتهم الفلسفة.

قطعة من القمر في الجيب
أفضل كثيرًا من قدم أرنب:
يساعدك في إيجاد من تحب،
وفي جعلك غنيًا دون أن يعلم أحد
وفي إبعادك عن الأطباء والعيادات. 

من الممكن أن يُعطى كحلوى للأطفال
عندما لا ينامون،
وبعض قطرات من القمر في أعين المسنين
تساعدهم على موت هادئ.

ضع ورقة طرية من القمر
أسفل وسادتك
وسترى ما ترغب في رؤيته.

احمل معك دومًا نسمة من هواء القمر
تحسبًا لغرقك،
وأعط مفتاح القمر
للمساجين والحزانى
وللمحكوم عليهم بالموت
وللمحكوم عليهم بالحياة
فلا منشط أفضل من القمر
في جرعات دقيقة ومحسوبة.


شيء عن موت الرائد سابينس

|

دعني أستريح،
وأريح عضلات قلبي
وأجعل روحي تغفو
لكي أقدر على الكلام
لكي أقدر على تذكر تلك الأيام،
الأطول في التاريخ.

بالكاد شفينا من الحسرة
نحن ضعفاء، وخائفون
ونصحو مرتين أو ثلاث خلال النوم القصير
لكي نراك في الليل ونعرف أنك تتنفس
يلزمنا أن نستيقظ لكي نكون أكثر انتباهًا
في هذا الكابوس المليء بالناس والضوضاء.

أنت الجذع المنيع ونحن الأغصان،
لهذا تهزنا ضربة الفأس تلك.
لم نتوقف أبدًا أمام موتك لنفكر في الموت
ولم نرك أبدًا سوى قويًا وسعيدًا.

لسنا متأكدين ولكن قريبًا
سيصل إشعار لا يمكن إيقافه،
نصل هارب من فم الرب
ليسقط ويسقط ويسقط ببطء.
وهنا سنرتجف من الخوف،
سنغرق في البكاء المتواصل،
سيشق الخوف حناجرنا.

بدأنا في المشي
ولن نتوقف أبدًا، بعد منتصف الليل،
في ممر المستشفى الصامت
حيث ثمة ممرضة مستيقظة كملاك.
انتظار موتك كان موتًا بطيئًا،
تَقَطّرك من ماسورة الموت،
كان موتًا على فترات.

لا ساعة أطول
من الساعة التي لم تكن تنام فيها،
ولا نفق من الهلع والبؤس أكثر سمكًا
من جسدك المسكين الجريح
الذي ملأته صرخاتك.

||

من البحر، من البحر أيضًا،
من قماش البحر الذي يلفنا،
من ضربات البحر ومن فمه،
من مهبله المظلم،
من قيئه،
من كآبته الخالصة العميقة،
يأتي الموت، الرب، السيول التي تضرب الستائر،
الليل، الريح.

من الأرض أيضًا،
من الجذور الحادة للبيوت،
من القدم العارية المدماة للأشجار،
من بعض الصخور القديمة التي لا تستطيع الحراك،
من البرك التي يرثى لحالها، من توابيت المياه،
من الجذوع المقطوعة حيث الآن ينام البرق،
من العشب، ظل فروع السماء،
يأتي الرب، الأكتع ذو المئة ذراع،
الكفيف ذو المئة عين،
حلوٌ، عاجزٌ.
(عليمٌ، مليء بالحب، الشيخ الأصم، بلا أبناء،
يسكب قلبه في كأس معدته).

من العظام أيضًا،
من ملح الدم كله،
من الحمض الأكثر وفاء،
من الروح الأكثر عمقًا وحقيقية،
من الطعام الأكثر حماسة،
من الكبد ومن النحيب،
يأتي موج الموت المتوتر،
عرق الأمل البارد،
ويأتي الرب ضاحكًا.

تمشي الكتب نحو المحرقة.
تُرفع الستارة: يظهر البحر.

(لست أنا مؤلف البحر.)

|||

وقع الذرة من يدي سبع مرات
قبل أن يجده جوعي،
مت ست آلاف مرة
وها أنا أبتسم كاليوم الأول.

لا أحد سيقول: لم أعرف عن الحياة أكثر من الثيران، ولا أقل من طيور السنونو.
دائمًا ما كنت الرجل،
الصديق الوفي للكلب،
الابن المنسي للرب،
أخ الرياح.

فليلعن الرب الدموع!
قلت ثم شرعت في البكاء.
كالنساء في المخاض.

أنا حافي القدمين، أحب أن أدوس المياه والأحجار،
أحب النساء، والزمن،
أحب أن أطأ العشب الذي سوف ينمو فوق مقبرتي
(هذا إن حظيت بواحدة ذات يوم)
أحب غصن الورد الشمعي
في الحديقة التي يزورها الليل.
أحب أجدادي المخلوقين من ورق الذرة
وأحب حذائي الفارغ
الذي ينتظرني كالغد.

فليلعن الرب الموت!، قلت،
وسلمت نفسي لكي أموت.
كحجر للنهر،
كرصاصة لطيران العصافير.


* الترجمة خاصة بـ Boring Books

** يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه