عجيب! تقودني روحي إلى صحراء، إلى صحراء نفسي، لم أكن أظن أن روحي صحراء، لكن يبدو أن الأمر كذلك؛ صحراء قاحلة، مغبَّرة لا ماء فيها.

كارل يونج: مقتطفات من الدفاتر السوداء

ترجمة وتقديم: أحمد الزناتي


في سنة 1913 شرع عالم النفس السويسري الأشهر كارل جوستاف يونج في تجربة ذاتية فريدة من نوعها أطلقَ عليها «مواجهتي مع اللا وعي»؛ وقصدَ بها إبراز تفاعله الشخصي مع تخيّلاته النابعة من عالم اللاشعور في حالة اليقظة، دوّنها بكل تفاصيلها مع مجموعة من الرسوم الفريدة في مجموعة من الدفاتر يُشار إليها باسم الدفاتر السوداء. تلقي هذه الدفاتر الضوء على عوالم يونج الباطنية ومحاولاته لتجسيد رؤاه وعلاقتها بحياته العامة والخاصة، وقد صدر العمل للمرة الأولى في أكتوبر من السنة الماضية في سبعة مجلدات أنيقة عن دار «W. W. Norton & Company»، وعُني بتحريرها وتصديرها د. سونو شامداساني، الذي سبق وأن حرّر الكتاب الأحمر.

في سنة 1935 كتبَ يونج: «عندما تدنو من سنّ الخامسة والثلاثين تبلغ نقطة تبدأ عندها الأشياء في التحوّل، إنها لحظة الشعور بجانب الظلّ من الحياة، وفي الهبوط ناحية الموت. من الواضح أن دانتي قد عثر على هذه النقطة، ومن المؤكد أن من اطلعوا على هكذا تكلّم زارادشت سيعلمون أن نيتشه قد عثر عليها أيضًا».

وجه الاختلاف أنَّه بينما أعلن زرادشت موت الله (وفقًا للتعبير الشعبي الدارج على ألسنة العامَّة في اعتقادي) أعلن يونج ولادة الله من جديد في الروح. الشائق في الأمر أن يونج حافظ على «الإخلاص للحدث»، وإلى نفي اعتبار أن ما يكتبه مجرد خيالات وأوهام. أطلق يونج على هذه العملية مصطلح «الخيال النشط» والمقصود به أسلوب يمكن للمرء عبره أن يدخل عن قصد وتعمد في حالة تماس مع العقل الباطن (اللا وعي)، مثله مثل أسلوب التفكير البوذي عند طائفة الزِّن أو يوجا التانترا أو الرياضيات الروحية الجيزويتية أو السَكْرَة الصوفية عند العارفين المسلمين، وهو يذكِّرنا بشروحات د. هنري كوربان لفكرة الخيال الخلَّاق عند محيي الدين بن عربي باعتباره الوسيط السحري بين الفكر والوجود. لم يملَّ يونج على مدار مذكراته من التأكيد على عبارة واحدة: «اللا وعي يعرف» (The unconscious knows). نشأت نقطة التحول هاته عبر استكشاف الخيال البصري الذي دوّنه ورسمه يونج في الدفاتر السوداء، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الدفاتر ليست مذكرات شخصية، بل هي بالأحرى سجلات لتجربة ذاتية فريدة أطلق عليها يونج «مواجهته مع روحه» و«مواجهته" مع اللاوعي» كما أشرتُ في البداية. ومن قلب الأخيولات التي دوّنها يونج بين سنتي 1913 و1916 نبتت فكرة مسودة الكتاب الأحمر (ليبر نوفوس)، الذي سيكون العمل الأهمّ في حياته. 

أقدّم في السطور التالية فقرات مُترجمة من دفاتر يونج السوداء، التي تُنشر للمرة الأولى منذ كتابتها قبل ما يزيد عن قرنٍ كامل.


12 نوفمبر 1913

روحي! روحي! أين أنتِ؟ هل تسمعينني؟ أنا أتكلم، أناديكِ.. هل أنتِ هنا؟ ها قد عُدتُ، ها أنا ذا مجددًا. نفضتُ تراب الأراضي عن قدمَي، وعدتُ إليكِ ثانية، عدتُ إليكِ من جديد، أنا معكِ. بعد سنوات طويلة من التجوال الطويل. عُدتُ إليكِ مجددًا. هل أخبركِ بما رأيتُ وشهدتُ وثملتُ. أم تراكِ لا تريدين سماع شيء عن صخب الحياة والعالم؟ ولكن ينبغي أن تعلمي شيئًا واحدًا، أن الدرس الوحيد الذي تعلّمته هو «ينبغي للمرء أن يعيش الحياة». هذه الحياة هي الطريق، الطريق الذي طال انتظاره للوصول إلى ذلك الشيء المُبهم الغامض، الشيء الذي نُطلق عليه «الإلهي».

ليس هناك طريق آخر، الطرق الأخرى كلها ضالّة. عثرتُ على الطريق الصحيح ودلّني الطريق إليكِ، إلى روحي. عدتُ إليكِ معتدل المزاج، رائقًا. هل ما زلتِ تعرفينني؟ تُرى كم دام الانفصال؟ لقد اختلفَ كل شيء. كيف وجدتكِ اليوم؟ كم كانت رحلتي عجيبة. ما الكلمات التي ينبغي أن أستخدمها عن الطرق المُلتوية التي هَدَتني للوصول إليكِ. 

أعطني يدك! آه يا روحي المنسية! كم يصير الفرحُ مفعمًا بالدفء عند رؤيتكِ من جديد، [أنتِ] أيتها الروح المنسية منذ زمن بعيد، أنتِ أيتها المُنكَرة منذ زمن بعيد! الحياة هي من أعادتني إليكِ، دعيني، إذن، أشكر الحياة على كل الأوقات الحُلوة والأوقات المرّة التي عشتها، أشكرها على كل الأفراح والأتراح، أشكرها على كل أمل وعلى كل خيبة أمل. 

كانت جميعها محطات على الطريق نحوك.

روحي: لقد عثرتُ عليكِ مجددًا. أودُّ أن.. لا، بل أعتزم البقاء معكِ. ينبغي على رحلتي أن تستمرَّ معكِ. سأتجوّل معكِ، سأعرجُ إلى وَحدَتي، لكن لن أكون وحيدًا مثلما كنتُ في الماضي شرِهًا، نافد الصبر، بل ممتلئًا بشجاعةٍ سارّة وبببهجةٍ هادئة. 

14 نوفمبر 1913

أنا مرهق يا روحي. أضع رأسي على كتفكِ، طالت سنوات تجوالي، كنتُ أبحث عن نفسي خارج نفسي. والآن مررتُ بالأحداث كلها ووجدتكِ أنتِ خلف سفاسف الأمور، ولأنني خلال ضلالاتي في البحث عن سفاسف الأمور اكتشفتُ الإنسانية والعالَم. وجدتُ الحقيقة في صدور الأشرار، ووجدتكِ أنتِ يا روحي مجددًا، وجدتكِ أولًا في الصور التي تطويها قلوب البشر، ثم وجدتكِ في الحقيقة. كيف حالكِ؟ وجدتك في اللحظة التي آمنتُ فيها أنكِ ذهبتِ بعيدًا عني، في اللحظة التي أجبرتني فيها السماء على الاستسلام معصوب العينيْن وأجبرتني على أن أفقد نفسي، وعندها قفزتُ متجاوزًا الأعمدة الذهبية لأجدكِ مرة أخرى. سبق وأن أعلنتِ عن نفسكِ في الأحلام، الأحلام التي كنتُ أراها مغلفة بالظَلام الحالك، وحاولتُ أن أستوعبَ مغزاها بطريقتي الساذجة. أنتِ تعرفين تلك الأحلام، وتعرفين كيف احترقَتْ داخل روحي وحثّتني إلى اجتراح الأفعال الجسورة، وهي التي دفعتني إلى حثّ الخطى لبلوغ القمم، نعم، بل حتى لتجاوز القمم، أن أسمو فوق نفسي.  

روحي: اصفحي عني، فقلبي مثقل حتى الثمالة، فأنا قادمٌ من رحلة تجوال بعيد، تجوّلت أحد عشر عامًا، حتى أني نسيتُ أن لي روحًا أستطيع أن أقول عنها إنها روحي، لم أكن أنتمى إلى نفسي. روحي: أين كنتِ طَوال هذه الفترة؟ فيمَ احتميتِ ومن منحكِ ملاذًا آمنًا حيث لم تقض من شدة الجوع؟ من كان يدفع أجرتكِ؟ آخ، ينبغي أن أجعلك تتكلمين من خلالي، أن يكون كلامي وشخصي رمزًا لكِ! كيف يُمكنني فكّ شفرتكِ؟ من أنتِ أيتها الطفلة؟ تعلمين أنني استخدمتُ هذه الصورة في أحلامي؛ صورة فتاة صغيرة (ووجدتكِ مرة أخرى فقط من خلال روح امرأة). أنا أبعد ما أكون عن التفسير الطفولي، لأنني يجب أن أقدَّر الصورة التي تسخدمينها. كيف أجرؤ على تخمين هذا؟ ماذا أعرف من غموضك؟ انظري: ها أنا ذا أحمل جُرحًا لم يندمل بعد.

28 نوفمبر 1913

تصدّني مقاومة داخلية عن مقاربة تدوين هذا الدفتر. أحطُّ من قيمته من دون توقّف، لكن شيئًا ما يجبرني على الغوص فيه، وتحديدًا على الغوص داخل أعماق نفسي. لماذا؟ لأنها مسكونة برغبة في  أن تتبع هذا الطريق. عجيب! تقودني روحي إلى صحراء، إلى صحراء نفسي، لم أكن أظن أن روحي صحراء، لكن يبدو أن الأمر كذلك؛ صحراء قاحلة، مغبَّرة لا ماء فيها. تقودني روحي إلى رمالٍ ساخنة، فتخوض ببطء من دون هدف مرئي تنشد بلوغه، كما يبدو أنه لم يكن مناص من سلوك هذا الطريق. ربما كنتُ لأتمرّد ضد هذه الأفكار، ولكني بما أنني أعلم، أنكِ يا روحي، تعرفين أفضل مما أعرف، فإني أتبعكِ. 

11 ديسمبر 1913

وبعد صراعٍ شاق قطعتُ شوطًا من الطريق. كم كان النضال عسيرًا!  لقد وقعتُ في أجمة من الشك والارتباك والازدراء. لم ينقذني من الظلام إلا حبّ أولئك الذين منحتُهم حبي. لم يساعدني الإيمان ولم تساعدني العقيدة الجامدة، لم يساعدني سوى الشيء النابض بالحيوية، لم يساعدني سوى علاقة المحبّة، محبة الذين وهبنا إليهم حُبنا. لكن هذا النضال أكسبني بصيرةً ثاقبة: بصيرة أن أكون بمفردي في صحبة روحي التي هي عندي أثمَن ما في الوجود، وتحتّمَ عليَّ أن أتخلّى عما هو أدني قيمة، متنازلًا عنه، وهو البَشَري، إلى بني البشر. وكانت هذه الانعطافة الحادّة جديدة بالنسبة إليَّ، لكن ضرورتَها المُلحّة نشبَتْ أظافرها داخل روحي.

جئتكِ بيدين فارغتين يا روحي. ماذا تريدين أن تسمعي؟ إذا أتيتِ إلى صديق، هل ستأخذينه بمجيئكِ؟

كنت أعلم أنه لم يكن ينبغي أن يكون الأمر كذلك. لكن يبدو لي أنني فقير، خالي الوفاض، أود الجلوس بالقرب منك وأن أشعر على الأقل بأنفاس حضورك المتحرك. طريقي هو الرمال الساخنة. طوال اليوم، ممر رملي. ربما يعيل صبري أحيانًا، وفي مرّة  يئستُ من نفسي كما تعلمين.

«تتكلم وكأنك طفل يشكو لأمه، لستُ أمّك».

لا أريد أن أشكو، لكن دعيني أقول لك إن طريقي طويل ومغبر. أنتِ بالنسبة إليَّ مثل شجرة وارفة الظلال في الصحراء الجافة، أود أن أتفيأ  بظلك.

«أنت تنشد المتعة. أين ذهب صبرك؟ لم يحن وقتكَ بعد. هل نسيت لماذا خرجتَ إلى الصحراء؟»

إيماني ضعيف وابيضّتْ عيناي من وهج شمس الصحراء الحارقة. تسلخني حرارتها مثل رصاص مصبوب، وقد بلغ بي العطش مبلغه، ولا أجرؤ على التفكير في طريقٍ بلا نهاية،  ناهيك عن أنني  لا أبصرُ شيئًا أمامي.

«أنت تتحدث كما لو أنك لم تتعلم شيئًا بعد. ألا يمكنك الانتظار؟ هل ينبغي أن يقع كل شيء بين يديك بعد أن يكون قد طابَ واستوى؟ صحيح أنك ممتلئ، وصحيح أنكَ مفعم بالأهداف والرغبات. ولكن، هل ما زلت تجهل حتى الآن أن الطريق إلى الحقيقة مُعبّد فقط لمن يفتقرون إلى كل رغبة؟ هل ما زلت تجهل أن نعمة الشبع تحلّ على الزاهدين، لا على الجشعين».

أعلم أن كل هذه هي أفكاري أيضًا. لكني بالكاد أعيش وفقًا لذلك. 

«أخبرني إذن، كيف تظن أن في مقدور أفكاركَ أن تساعدكَ».

أعترف أن ما عندي من أفكار كثير، لا قليل، لكني لا أعيش على ضوئها، برغم أنني أتوقّع منها أن تكون داعمةً وناجعة.  أود دائمًا الإشارة إلى حقيقة أنني إنسان، مجرد إنسان ضعيف، إنسان لا يبذل قصارى جهده. 

«هل هذا ما تعتقد أنه يعني أن تكون إنسانًا؟»

قاسية أنتِ يا روحي، لكن قسوتكِ في محلّها. كم نفتقر إلى مهارة العيش الحكيم، علينا أن ننمو مثل شجرة لا تعرف القانون الذي يسيّرُها (أن نعيش مثل زنابق الحقل). نربط أنفسنا بالرغبات، ونجهل أن الرغبة هي حد، نعم، الرغبة هي استبعاد الحياة، وكمُّ الأنانية الطفولية قصيرة النظر كامنة في الرغبة! نعتقد أنه يمكننا أن نضيء الظلام بقصد، إلا أننا بفعلنا نطفيء النور بأيدينا.

«كيف نفترض أننا نريد أن نعرف مقدمًا من أين سيأتينا النور؟»

اسمحي لي أن أتقدم إليك بشكوى واحدة: أعاني من الازدراء، من الاستخفاف بي.

«هل تفكر قليلًا في نفسك؟»

لا أعتقد ذلك.

«أعرني سمعك إذن. أنت لا تفكر بي كثيرًا. هل ما زلت ترفض الاعتراف أنك تؤلّف كتابًا لترضي غرورك، لا لتتحدّث معي؟»

يا روحي: حقيقتكِ صعبة. أريد أن ألقي بغروري بين يديكِ، فالغرور يعمي البصيرة. 

22 ديسمبر 1913

ما الذي أنا مُقدمٌ على كتابته؟ كل شيء أمامي غارق في ظلام دامس. لا شكل، لا نور ولا ظلام. إنها البوابة إلى الظلام. كل من يدخل إلى هنا ينبغي له أن يتلمّس طريقه خطوة بخطوة، أن يتلمّس طريقه من حجرٍ إلى حجر، لا فكرة واضحة تشرق أمامه، ينبغي على المرء أن يجرّب عيّنات من كل شيء، من الغثّ والسمين بالقدر نفسه من الحب والتقدير، لأنه في عالم الظلام تُعلّق قيمنا، حيث يصير الجبل هو أصغر الأشياء، وحبّة الرمل تحوي عوالم كاملة بداخلها. يجب أن تُسقِطَ عنك كل أحكام القيمة مثلما تسقط عنك كل أحكام المنطق، حتى ذوقك الشخصي ينبغي أن تتركه وأنت تجتاز البوابة. اطرحْ معرفتك وراء ظهركَ، واقبَلْ كل شيء، اطرحْ غروركَ وراء ظهرك حتى وإن استند على أساس متين. 

مَن يدخل هنا عليه أن يدخل فقيرًا جاهلًا، لأن ما نسميه المعرفة في عالمنا العادي هو الجهل بعينه، وما نسميه الرؤية هو العمى بعينه، وما نسميه السمع هو الصمم بعينه، وما نسميه الشعور هو البلادة.

ادخل من تلك البوابة فقيرًا معدمًا، مثيرًا للشفقة، ادخلْ متواضعًا، جاهلًا. لكن حتى في فقرك وجهلك وتواضعك لا تكن جشعًا ولا متغطرسًا ولا تتوقع خبزًا ولا حجارة. اطرح عنكَ كل رجاء أو أمل. 

8 يناير 1914

لكن طريق الحياة تقودنا إلى ما هو أبعد من ذلك، حتى إلى ما وراء القوانين التي كانت تلفّها القداسة. الطريق موحشة، محفوفة بالعذابات السرية. حقول الشباب ماثلة وراء ظهري، والمروج الخصبة المُبهجة، والتلال وغابات الربيع الخضراء. لكن ثمة جبال مقفرة تسدّ طريقي، تحول بيني وبين المضيّ قدمًا، ليس هناك إلا وادٍ ضيق يسمح لي بالدخول، لكنه سبيل ضيّق واقع بين تلين صخريين مرتفعيْن، أمشي بقدمٍ عارية مجروحة على الصخور الحادة. 

18 يناير 1914

كلمات! كلمات! لا تتفوّه بكثير من الكلمات. الزمْ الصمتَ وأرهف السمع. هل اعترفتَ بجنونك؟ بل هل ستعترف به؟

هل لاحظتَ أنك تؤوي جنونك؟ هل لاحظت أن كل قواعد حياتكَ غارقة تمامًا في غياهب الجنون؟

ألا تريد أن تتعرف على جنونك وترحب به ترحيبًا وديًا؟ طالما أردتَ أن تقبل نفسكَ على ما هي عليه. لذا تقبل الجنون أيضًا. دعْ نور جنونك يخرج فيشرق عليك فجأة. لا ينبغي احتقار الجنون ولا الخوف منه، ولكن ينبغي أن تمنح جنونك الحياة.

أوه! كلماتكِ، يا روحي، ثقيلة الوطأة، والمهمة المنوطة بي صعبة.

18 مارس 1914

قرأتُ عدة مرات عند نيتشه عبارة «العزلة المُطلقة». تلك هي العبارة الماثلة أمامي. يا روحي: هل تسمعين هذا التعبير؟ 

«أنا أستمع وأفكّر».

بم تفكرين؟

«أفكّر في أسباب العزلة».

وما رأيكِ في أسبابها؟

«هناك كثير من الأسباب، بعضها عندك، وبعضها عند غيرك».

اسمحي لي أن أعرف.

«كل ما عليك أن تقدمه هو الحب».

في حالتي قوّة الحب ضعيفة للغاية، لم يبق عندي الكثير، ينضب معيني من الحب. كل شيء ينقلب ضدي.

«لماذا لا تبذل العطاء؟»

يبدو لي أنني أعطيت ما يكفي.

يمكنكِ أن ترَى أنني أبذل المحاولة، أحاول أن أعطيكِ أكبر قدر ممكن. أعلم أنه ليس كثيرًا. لا أعرف أين البقية. هل هذا المد والجزر الحالي مقصود في الواقع؟ هل يجب أن أشعر بالعزلة؟

«إنكَ تحسب الأمور بالورقة والقلم، لكني سأمد إليكَ يد العون وأمسك بكَ».


الترجمة خاصة بـBoring Books.

يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذنه منه.