أحيانًا، تحتاج إلى سماء شاسعة
كي تجد، في قلبك، هذا 
الوتد الصغير، المضيء،
الذي لا يوصف،
للحرية.

ترجمة: دعاء شاهين

ديفيد وايت شاعر أيرلندي، يغلب على شعره نزعة روحانية، وقد قال عن أشعاره وفلسفته إنها تركز على «الطبيعة الجدلية للواقع». تصدر كتابه «The Heart Aroused: Poetry and the Preservation of the Soul in Corporate America» قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة عام 1994.


ديفيد وايت عن موقع On Being

في البدء

أحياناً، تتصاعد البساطة 
مثل برعم نار 
من الحرير الأبيض لجلدك.

كنت هناك في البداية
وقد سمعت القصة، سمعت الكلمات القاسية 
والرقيقة تخبرك إلى أين كان يجب أن تذهب.
المنفى ليس سهلًا أبدًا، والرحلة
نفسها تترك مذاقًا مرًا. لكن حينها،
عندما سمعت هذا الصوت، كان عليك أن تمضي.
لم تستطع الجلوس بجانب النار، لم تستطع أن تعيش
قريبًا جدًا من اللهب الحي لهذا التعاطف
كان يتوجب عليك الخروج إلى العالم، وأن تجعله خاصًا بك
حتى تستطيع أن تعود وهذا اللهب في صوتك، لتقول أنصت..
هذا الدفء، هذا النور غير المحتمل، هذا الحب المخيف..
كل هذا هنا، كل هذا هنا.

ظلامٌ عذب

عندما تكون عيناك متعبتين
يكون العالم متعبًا أيضًا.

عندما تغيب رؤيتك
لا يمكن لأي شيء في العالم أن يعثر عليك. 

قد حان وقت الخوض في الظلام
حيث الليل له أعين تتعرف على نفسها. 

هناك، يمكن أن تكون متأكدًا
بأنك لست بعيدًا عن الحب
سيكون الظلام رحمك
الليلة.

سيمنحك الليل أفقًا
أبعد مما تستطيع رؤيته.

يجب أن تتعلم شيئًا واحدًا.
خُلق العالم كي يكون حرًا بداخلنا.

تخلّ عن كل العوالم الأخرى
باستثناء العالم الذي تنتمي إليه.

أحيانًا، تحتاج إلى الظلام والحبس الحلو في عزلتك
كي تتعلم

أن أي شيء أو أي شخص لا يجعلك حيًّا
هو صغير جدًا بالنسبة إليك.

الرحلة

فوق الجبال،
يلتفت الأوز صوب النور مجددًا

راسمًا ظلاله السوداء
على السماء المفتوحة.

أحيانًا يجب أن
يُنقش كل شيء
عبر السماء

حتى تجد السطر الواحد
المكتوب بالفعل داخلك.

أحيانًا، تحتاج إلى سماء شاسعة
كي تجد، في قلبك، هذا
الوتد الصغير، المضيء،
الذي لا يوصف،
للحرية.

أحيانًا، بعظام العصي السوداء
المتبقية بعد خمود النار
يكتب أحدهم شيئًا جديدًا في رماد حياتك.

أنت لا تغادر
أنت تصل.

أحيانًا

أحيانًا إذا تحركت بحرص
عبر الغابة

وكنت تتنفس
مثل شخصيات القصص القديمة

القادرة على أن تخطو
فوق سطح متلألئ من الأوراق الجافة
دون صوت

ستصل إلى مكان
مهمته الوحيدة

هي إرباكك بطلبات صغيرة
لكن مخيفة

طلبات ولدت من العدم
لكن في هذا المكان،
تبدأ بأخذك إلى كل اتجاه.

طلب بالتوقف عما تفعله الآن،
وأن تكف عما تؤول إليه،

أسئلةٌ
قد تصنع حياة
أو تفككها

أسئلةٌ كانت تنتظرك بصبر
أسئلةٌ لا يحق لها أن ترحل.

بئر الحزن

هؤلاء الذين لن ينزلقوا إلى أسفل
السطح الساكن لبئر الحزن،

متجهين لأسفل عبر مياهه السوداء
إلى المكان الذي نعجز فيه عن التنفس،

لن يعرفوا أبدًا المصدر الذي ننهل منه
المياه السرية، نقية، وباردة

ولن يجدوا في الظلام
العملات المعدنية المستديرة والصغيرة،
التي ألقاها هؤلاء الذين تمنوا شيئًا مختلفًا. 

المكان البري القديم

بعد الأرض الطيبة
حيث يدرك الجسد نفسه بأنه حقيقي
والرحلة المجنونة
التي يمنح فيها نفسه للعالم،
نهب أنفسنا لإيقاع الحب
تاركين النَفَس يعرف طريقه إلى البيت.
وبعد أول سقوط تام،
وآخر تخل، والنَفَس الهادئ
الذي نذهب إليه كي نستريح،
سنعود مجددًا لنجده
ونشعر بالجسد مرحبًا به،
الجسد محمولًا،

أيادي العالم القوية
المياه، السير عند الفجر
والحركة المحمودة، التي كدنا أن ننساها،
للالتفاف كي ننام مع الظلام.
المكان البري القديم المتجاوز لكل عار.

البحر

الجذب قوي جدًا لدرجة لا تجعلنا نصدق
أن المد الجاذب يقصدنا نحن
أعني الهدية، البحر،
المكان الذي تلتقي عنده كل الأنهار.

من السهل أن ننسى،
كيف أن عمق التلقي العظيم
لا تروضه احتياجاتنا
هو فقط يحتاج إلى ما ينساب في الطريق إليه.

من السهل أن نشعر بأننا بعيدون للغاية
وأن الجسد قديم جدًا،
لدرجة قد تجعله لا يحتمل حتى اللمس

لكن كيف هو
شعور تصاعد المد
من الخدَر بداخلنا
صوب المكان الذي نذهب إليه
لنغتسل من قلقنا على المال
ووهم تصدر المقدمة
والحزن على تأخرنا،
لتصعد أطرافنا يافعةً
من هذا العمق؟

كيف يكون هذا الشعور
حتى في هذا الزمن
الذي نذهب فيه إلى العمل مع الآخرين
متحركين أسفل الطريق
بين آلاف السابحين عكس التيار
وكأنهم ينمون صوب الوصول
شاعرين بتيارات الرغبة القوية
تحمل الوقت صوب الغد؟

الغد يُرَى اليوم، لذاته،
البحر حيث تلتقي كل الأنهار، غير مقيدة،
غير متكسرة لآلاف الأميال،
سطح صمت عظيم،
حركة لحظة تُرِكَت لحالها، لنجد أنفسنا هائمين بأمان وسط مجهولنا،
المد الكبير،
تلقينا العظيم
وهديتنا
غير المنطوقة، المتقدة، الخفية،
التي نتذكرها بصعوبة،
للشوق الحقيقي.

افتح

خطوة صغيرة لتتذكر
كيف أفضت الحياة
إلى لحظة التردد هذه.

كيف أن الباب إلى العالم الأعمق،
يُفتح
تاركًا الجسد يهوى أخيرًا
صوب الأحزان القليلة
التي يمكن أن يقول عنها إنها تخصه.

أجل، أعلم. تشتعل أجنحتنا
في رحلة طيراننا إلى الأسفل
نصل إلى الأرض خائفين
ألا نتمكن من التحليق مجددًا أبدًا.

لكننا كنا نعرف دومًا أن
السماء ستكون مكانًا يائسًا.
كل ما رغبت فيه يومًا، يأتي
في لحظة واحدة مهيبة
ليحييك.

يتجسد حضورك الكامل فقط في السكون
والحب الذي لا يطلب شيئًا.
السكون الذي تستلقي فيه على الأرض
فلا يُعثر عليك مطلقًا.

ليس كافيًا

لم يكن كافيًا أبدًا. الركاب الثلاثة
يصلون ومعهم هدايا. المرأة تُحضِر الطعام.
والطفل ينظر بعيني الإعجاب.

شيء آخر قد أُثير. يسمع، دون تفسير،
صوت شخص كان يعرفه.
يسحب الستائر. لا أحد.
في الليل، يفتح أعماقه
وأحلامه. لن يظهر.
يلتفت إلى هذا الجزء القديم من نفسه،
الذي عرفه منذ أن كان صبيًا. ذَهَبَ.
يُفتح الباب وسط رياح الليل
وعلى طاولة البلوط، ملحوظة:
«أنا جدير بالثقة. لكنك لست كذلك».

يتذكر كل شيء قدر إمكانه. وجهه.
يديه. الطريقة التي ينهض بها وكأنه يهم بالكلام.
يبدأ النسيان في سحب كفنه الطويل.
لديه لحظة واحدة قبل الذعر.
صوته مستعد كي ينقض على الموت
كاشفًا عن مخالبه السرية. ساعته.
مكانه. صوته بحسه الجديد.
حيوان محاصر بالسرية.
ثم، ينهض أحدهم، ويغلق الباب،
ويبدأ بالكلام.


الترجمة خاصة بـ Boring Books.

تحتفظ المترجمة بحقها في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتها دون إذن منها.