اختار الصحفي والناقد الإنجليزي روبرت مَكروم قائمتين لأفضل مائة عمل سردي وأفضل مائة عمل غير سردي باللغة الإنجليزية، وكتب مقالًا يخص كل عمل منهم. نترجم في هذه السلسلة بعض هذه المقالات.

رحلة الحاج لجون بونيان

مقال لروبرت مكروم

نُشر في الجارديان، سبتمبر 2013

ترجمة: أمير زكي

الترجمة خاصة بـ Boring Books

يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.


من طبعة 1680 للكتاب

تبدأ الرواية الإنجليزية من خلف الأسوار، في غياهب السجون. كاتبها الأول هو جون بونيان، المنشق البيوريتاني التي بدأ بكتابة العظات وانتهى بكتابة الأدب. يفتتح حكايته الرمزية الشهيرة، قصة كريستيان (المسيحي) بجملة بسيطة مشرقة تعطي تأثير الإلحاح الذي يجذبك في الألحان العظيمة: «وأنا أمضي في برية هذا العالم، وقعت عيني على مكان بعينه، كان وكرًا؛ استلقيت في المكان حتى غفوت: وأثناء نومي، راودني حلم».

الوكر هو السجن، كتب بونيان جل كتابه في سجن مقاطعة بدفورد، بعد أن اعتقل بسبب معتقداته خلال «الاضطهاد الكبير» بين عامي 1660-1690[1]. هو يشارك ثربانتس في تجربته مع السجن، ثربانتس الذي راودته فكرته عن رواية «دون كيخوته» خلال أسره. مثل العديد من الروايات الموجودة في القائمة، تمزج «رحلة الحاج» بين الحقيقة والخيال. إلى جانب كونها تسجيلًا لحلم بونيان، وهي الوسيلة السردية المعروفة، تعتبر أيضًا حكاية نموذجية – السعي المحفوف بالمخاطر. حج المسيحي يقوده إلى مستنقع اليأس، وسوق الأباطيل، وجبال الملذات، وسلسلة من المغامرات تشوق القارئ وتدفعه إلى قلب الصفحات. برفقة صاحبيه الطيبين «المخلص» و«الآمل»، يقهر العديد من الأعداء قبل أن يصل المدينة السماوية، ويذكر جملة ما زال صداها يتردد في التقليد الأدبي الإنجليزي: «هكذا عبر، ونفرت كل الأبواق من أجله على الجانب الآخر».

بالمصطلحات الهوليودية، تتضمن الرواية «ذروة» مثالية. تتضمن أيضًا شخصيات لا تنسى، من الحكيم الأرضي إلى لورد «كاره الخير»، وحتى «السيد الثابت على موقفه»، والسيد «الجسور في الحق».

بشكل أعمق، ولكونها ترميزًا لقمع الدولة، وصفها المؤرخ إ. ب. تومبسون كواحدة «من النصوص المؤسسة لحركة الطبقة العاملة الإنجليزية». جزء من مميزاتها الإنجليزية الفريدة هي الحس الفكاهي الحي الساحر الذي رسَّخ جاذبيته لدى أجيال من القراء.

«رحلة الحاج» هي العمل الإنجليزي الكلاسيكي المطلق، كتاب يجري طبعه باستمرار، منذ نشره وحتى يومنا الحالي، في طبعات بأرقام غير عادية. بخلاف الكتاب المقدس، لا يوجد كتاب باللغة الإنجليزية يناطح رائعة بونيان من جهة حجم القراء، أو حجم تأثيره على نطاق واسع من الكتاب، مثل وليام ثاكري وشارلوت برونتي ومارك توين وس. س لويس، وجون شتاينبك وحتى إينيد بلايتون.

تحدث هكلبيري فين نيابة عن العديد من القراء، حين كان يستعيد فترة تعليمه في الميسيسيبي وقال: «كانت توجد كتب أيضًا، أحدها كان (رحلة الحاج)، عن رجل ترك عائلته ولم يقل لماذا. قرأت قدرًا كبيرًا منه من آن لآخر. الآراء فيه مثيرة للاهتمام، ولكنها قاسية».

قصة الرجل الذي يسعى إلى الحقيقة، تمثل حبكة العديد من أنواع القصص، بداية من «شكوى بورتنوي»، وحتى «سمكري، خياط، عسكري، جاسوس». مثل معظم كتاب القائمة التي سأكتبها، بونيان لديه إحساس بإيقاعات اللغة اليومية، وشخصياته الرمزية تدب فيها الحياة من خلال الحوار الذي لا يخفق في دفع السرد للأمام. القصة مميزة، والتميز الآخر يتمثل في الوضوح والجمال البسيط في نثر بونيان. باجتماع الأسلوب والمحتوى، يكتمل هذا العمل الكلاسيكي الخالد.

ملاحظة على النص

«رحلة الحاج، من هذا العالم، إلى العالم الذي سيأتي»، نُشرت لأول مرة في هولبورن بلندن من خلال ناثانيل بوندر، (وهو منشق - على الكنيسة الإنجليزية الرسمية)، في بداية عام 1678 في نسخة مكونة من 191 صفحة. حقق الكتاب نجاحًا فوريًا. ظهرت طبعة ثانية قبل نهاية عام 1678، وضمت العديد من الفقرات الجديدة، وظهرت طبعة ثالثة عام 1678، والعديد من الطبعات اللاحقة قبل وفاة بونيان في أغسطس عام 1688. الجزء الثاني من «رحلة الحاج» نشر في عام 1684، ونُشرت طبعة ثانية عام 1686. في النهاية ضم النص الإنجليزي 108260 كلمة. لم يتوقف الكتاب أبدًا عن الطبع، وترجم إلى أكثر من 200 لغة.

الصلات الأدبية

رواية راشيل جويس «الحج المشكوك في أمره لهارولد فراي» والتي رشحت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر، كان مستلهمة من «رحلة الحاج»، البطل العادي للرواية «هارولد» يسير في إنجلترا كلها مرتديًا حذاء البحارة، حتى يصل لصديقه الذي يحتضر.


 اعتبرت الكنيسة والسلطة الإنجليزية البيوريتانيين من ضمن الخارجين عن إجماع الكنيسة.[1]