نظرية الدويندى وعمله

محاضرة ألقاها الشاعر اﻷسباني فيدريكو جارثيا لوركا في هافانا بكوبا وبوينوس آيرس باﻷرجنتين

ترجمة: أحمد حسان

الترجمة خاصة بـ Boring Books

يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه


لوركا عن موقع poetry foundation

سيداتي وسادتي:

منذ عام 1918، حين التحقتُ بنُزُل الطلبة بمدريد، وحتى عام 1928، حين غادرته، بانتهاء دراستي للفلسفة والآداب، في ذلك الصالون المهذّب، حيث تأتي الأرستقراطية الإسبانية القديمة لتُصحِّح طيشها على البلاﭼات الفرنسية، استمعتُ إلى ما يُقارب الألف محاضرة.

كنتُ أضجرُ كثيرًا، لرغبتي في الشمس والهواء، حتى أنني عند الخروج كنتُ أُحسُّ بأنني مُغطّى برمادٍ خفيف يوشك أن يتحوّل إلى أشواكٍ مزعجة.

لا. لا أودُّ أن تدخل القاعة ذبابةُ الضجر الفظيعة تلك التي تلضُم كل الرؤوس بخيطٍ رفيع من النعاس وتضع في عيون المستمعين مجموعات دقيقةٍ من أطراف الإبر.

ببساطةٍ، فإنني بالرنين الذي ليس له في صوتي الشعري أضواءٌ خشبية، ولا انعطافاتُ أفيونٍ، ولا ماعزٌ سرعان ما تصبح نِصالَ مفارقاتٍ، سأرى أن كنتُ أستطيع أن أعطيكم درسًا بسيطًا عن الروح الخفي لإسبانيا المعذّبة.

إن من يجوب جِلدَ الثور(1) الممتد بين أنهار الخوكار والجواداليتي والسِيل والبيسويرجا (ولا أودّ أن أورِد التيارات مع الأمواج بلون لبدة الأسد والتي يثيرها نهر الـﭙـلاتا)، سيسمع مرارًا وتكرارًا تعبير: "في هذا كثيرٌ من الدويندي". وقد قال مانويل تورِّيس، الفنان العظيم للشعب الأندلسي، لأحد المغنّين: "إنك تملك الصوت، وتعرف الأساليب، لكنك لن تنتصر أبدًا، لأنك لا تملك الدويندي".

في كل ربوع الأندلس، من صخرة خايين حتى صومعة قادس، يتحدث الناس دومًا عن الدويندى، ويتعرّفونه عندما يظهر بحاسةٍ لا تخطئ. وقد كان إل لبريخانو، مغنّي الفلامنكو الرائع ومُبدع الدِبلا(2)، يقول: "في الأيام التي أغنّي فيها بدويندى، لا يوجد من يستطيع أن يُباريني". وقد تعجّبت الراقصة الغجرية العجوز لا مالينا ذات يوم عند سماعها برايلوﭬسكي يعزف شذرةً من باخ صائحةً: "أوليه! في هذا دويندى!"، إلاّ أنها سئمت لدى سماع جلوك، وبرامز، وداريوس ميلو. أمّا مانويل تورِّيس، الرجل الذي في عروقه من الثقافة أكثر من أي شخص عرفتُه، فإنه عندما استمع إلى دى فايّا يعزف مقطوعته ليلية جنّة العريف Nocturno del Generalife، قال قولته الرائعة: "كلُّ ما فيه أصواتٌ داكنة فيه دويندى". وليس هناك صدقٌ أعظم.

فهذه "الأصوات الداكنة" هي السرّ. هي الجذور التي تضرب في التربة الخصبة التي نعرفها جميعًا، والتي نجهلها جميعًا، لكن منها نستمدّ ما هو جوهري في الفن. قال رجل إسبانيا الشعبي بالأصوات الداكنة، واتفق في ذلك مع جوته، الذي عرّف الدويندى عندما نسب إلى ﭘاجانيني "قوة غامضة يحسّها الجميع لكن لم يشرحها أيّ فيلسوف".

هكذا، فإن الدويندى قوةٌ وليس سلوكًا، إنه نضالٌ وليس مفهومًا. وقد سمعت أستاذ جيتار عجوز يقول: "ان الدويندى ليس في الحنجرة؛ الدويندى يطفر من أخمص القدم". وهذا يعني أنه ليس مسألة قدرة، بل مسألة شكلٍ حقيقي للحياة؛ أي شكلٍ حقيقي للدم، للثقافة الغابرة، للفعل الخلاّق.

هذه "القوة الغامضة التي يحسّها الجميع لكن لم يشرحها أي فيلسوف" هي، باختصار، روح الأرض، إنها نفس الدويندى الذي ملك قلب نيتشه، الذي كان يَنْشُدُه في أشكاله الخارجية على جسر ريالتو أو في موسيقى بيزيه، دون أن يجده أو يدرك أن الدويندى الذي كان هو يقتفي أثره قد قفز من الإغريق الغامضين إلى رقصات قادس أو إلى الصرخة الديونيسية المقطوعة الرأس لسيجيريّا(3) سيلـﭬيريو.

لذا لا أريد أن يخلط أحد الدويندى بشيطان الشك اللاهوتي عند لوثر، الذي ألقى عليه، بشعور باخوسي، إناءً من المِدَاد في نورمبرج، ولا بإبليس الكاثوليكي، المدمِّر محدود الذكاء، الذي يتخفّى في هيئة كلبةٍ حتى يدخل أديرة الراهبات، ولا بالقرد الناطق الذي يحمله وغد ثربانتس، في كوميديات الغراميات وفي غابات الأندلس.

لا. فالدويندى الداكن المرتعش الذي أتحدث عنه هو سليل شيطان سقراط المرح، كلّه من الرخام والملح، الذي خدش سيّده بغضب يوم أن تعاطى أفيونًا، وكذلك سليل شيطان ديكارت الحزين، الصغير كلوزةٍ خضراء، الذي خرج متعبًا من الدوائر والخطوط، يتجوّل بمحاذاة القنوات ليسمع غناء البحّارة السكارى.

وكل درجة سُلَّم يخطوها إنسانٌ، أو فنان بتعبير نيتشه، صاعدًا برج اكتماله، تكون على حساب النضال الذي يخوضه مع دويندى، ليس مع ملاك، كما قيل، ولا مع ربة شعر. ومن الضروري أن نضع هذه التفرقة الأساسية لكي نصل إلى جذور أي عمل.

فالملاك يُرشد ويهب العطايا مثل القديس رافاييل، أو يحمي ويحرس مثل القديس ميخائيل، أو يُحذِّر مثل القديس جابرييل.

الملاك يبهر، لكنه يرفرف فوق رأس الإنسان، يظل فوقه، وينثر بركاته، ويحقّق الإنسان، دون أيّ جهد، عمله، أو تعاطفه، أو رقصته.

فالملاك الذي على طريق دمشق، وذلك الذي دخل خلال قضبان الشرفة الصغيرة في أسيس، أو ذلك الذي اقتفى خطوات هاينريش سوسون، هو ملاك يأمر ولا أحد يستطيع مقاومة بهائه، لأنه يخفق جناحيه الفولاذيين حول الشخص الذي اختاره القَدَر.

أما ربّة الشعر فتُملي، وأحياناً تُلهِم. وما تستطيعه قليل نسبيًا، فقد صارت بعيدةً ومُتعَبة ( وقد رأيتها مرتين)، لدرجة أنني اضطررتُ لتقويتها بنصف قلبٍ من الرخام. والشعراء الذين تُلهمهم ربّة الشعر يسمعون أصواتًا ولا يدرون من أين تأتي، لكنها تأتي من ربّة الشعر التي تلهمهم وأحيانًا تلتهمهم. وتلك كانت حالة أﭘوللينير، الشاعر العظيم الذي دمّرته ربّة الشعر المروِّعة التي رسمه معها روسّو الملائكي الرائع. ربّة الشعر توقظ العقل، وتجلب منظرًا خلَويًا من الأعمدة ومذاقًا زائفًا للغار، وكثيرًا ما يكون العقل عدوّ الشعر، لأنه يبالغ في المحاكاة، لأنه يرفع الشاعر إلى عرشٍ ذي حوافٍ مسنونةٍ ويُنسيه حقيقة أن النمل قد يلتهمه فجأة أو ربما يسقط فوق رأسه سرطان بحري سام ضخم، وفي مقابل هذا كله لا حول لربات الشعر التي تظهر في المونوكل أو في الوردة ذات اللون الفاتر لصالون صغير.

والملاك وربّة الشعر يأتيان من الخارج؛ الملاك يعطي البهاء وربّة الشعر تعطي الأشكال (وقد تعلّم هيزيود منها). ويتلقى الشاعر معاييره في أيكة غاره، سواءٌ أكانت هذه المعايير ورقة شجر ذهبية أو طيّة ثوب. وبالمقابل، فإن الدويندى يجب أن يُستثار في أقصى خلايا الدم ذاته.

يجب أن نرفض الملاك ونرفس ربّة الشعر، ونفقد خوفنا من شذى البنفسج المنبعث من شِعر القرن الثامن عشر، ومن التلسكوب الضخم الذي تنام في عدساته ربّة الشعر الحبيسة، الـمُعتلّة.

فالصراع الحقيقي مع الدويندى.

معروفةٌ طرق البحث عن الربّ، سواء كان ذلك بخشونة الزاهد أو بسموّ المتصوّف. ببرج القديسة تيريسا، أو بثلاث طرقٍ مثل القديس يوحنا اللاهوتي San Juan de la Cruz. وحتى لو كنّا سنصيح بصوت إشعيا قائلين: "حقًا إنك أنت الرب الخفي"، فإن الرب في نهاية المطاف يبعث بأول أشواكه النارية إلى من يبحث عنه.

لكن ما من خريطةٍ أو تدريبٍ لمساعدتنا في البحث عن الدويندى. وكل ما هو معروفٌ هو أنه يُشعل الدم كالزجاج المسحوق، أنه يُرهق، أنه ينبذ كلّ الهندسة الحلوة التي تعلّمها المرء، أنه يُحطِّم الأساليب، أنه يضطر جويا، أستاذ الألوان الرمادية، والفضية، والوردية التي نجدها في أفضل اللوحات الإنجليزية، أن يرسم بركبتيه وقبضتيه ألوانًا سوداء مرعبة بلون القار؛ أو أنه يُجرِّد القس ثينتو بيرداجير(4) من ثيابه في هواء جبال البرانس البارد، أو يدفع خورخى مانريكى لانتظار الموت في برّية أوكانيا(5)، أو يكسو جسد ريمبو الرهيف ببزّة مُهرِّجٍ خضراء، أو يضع عيون سمكةٍ ميّتة في وجه الكونت لوتريامون في صباح البولـﭬار الباكر.

ويعرف فنانو جنوب إسبانيا العظام، الغجر أو الفلامنكو، سواء كانوا يغنّون، أو يرقصون، أو يعزفون، أن أية عاطفةٍ حقيقية غير ممكنة بدون حضور الدويندى. وربما خدعوا الجمهور بإعطاء انطباع أنهم يملكون الدويندى دون أن يكون لديهم، مثلما تنخدعون كل يوم بمؤلفين، أو رسّامين، أو أصحاب موضاتٍ أدبية بلا دويندى؛ لكن إذا دقّق المرء النظر قليلًا ولم يضلّله عدم الانتباه، فسرعان ما تنكشف الخدعة ويهرب الدويندى الزائف الفظ.

ذات مناسبة، كانت مغنية الفلامنكو الأندلسية باستورا ﭘابون، الفتاة ذات الأمشاط La Niña de los Peines، العبقرية الإسبانية الداكنة، ذات الخيال الذي يبارى خيال جويا أو رافاييل إل جايّو(6)، كانت تغني في حانةٍ صغيرة في قادس. غنّت بصوتها الشبحي، بصوتها من الرصاص المصهور، بصوتها الذي يكسوه الطحلب، وهي تشبكه في شعرها، أو تغمسه في شراب البابونج، أو تفقده في خمائل داكنةٍ نائية. لكن لا فائدة؛ كان ذلك كله بلا طائل. فقد ظل الجمهور ساكنًا.

بين الحضور كان إجناثيو إسبيليتا، الأنيق كسلحفاةٍ رومانية، الذي سئل ذات مرة: "كيف لا تعمل أبدًا؟"؛ فأجاب، بابتسامةٍ جديرة بارجانطونيو: "كيف يجب أن أعمل، إذا كنت من قادس؟".

كذلك كان بين الحاضرين إلويسا، عاهرة إشبيلية الأرستقراطية النارية، السليلة المباشرة لسوليداد بارجاس، والتي رفضت سنة ثلاثين أن تتزوج أحد أفراد عائلة روتشيلد لأنه لم يكن كفؤها في الدم. كما كان هناك أيضًا آل فلوريداس، الذين يعتقد الناس أنهم جزّارون، بينما هم في الحقيقة كهنة قدماء ما زالوا يضحّون بالثيران للإله جريون، وفي ركنٍ جلس مُربّي الثيران المهيب دون ﭘابلو موروبى، شبيهًا بقناعٍ كريتي. أنهت باستورا ﭘابون غناءها وسط الصمت. رجل ضئيل فقط، أحد أولئك الراقصين الهزيلين الذين يندفعون فجأةً خارجين من زجاجات الروم(7)، قال بسخرية، وبصوتٍ بالغ الخفوت: "تحيا باريس!"، كما لو كان يقول: "هنا لا تهمنا المقدرة، ولا التكنيك، ولا الإجادة. بل يهمنا شيء آخر". 

حينئذ نهضت الفتاة ذات الأمشاط كامرأةٍ تملّكتها الشياطين، كسيرةً كندّابةٍ من العصور الوسطى، وابتلعت في جرعةٍ واحدةٍ كأسًا كبيرة من الكاثايّا، الشراب الناري، وجلست تغني بلا صوت، لاهثةً، بلا ظلال، بحنجرةٍ تحترق، لكن.. بدويندى. أفلحت في التخلص من كل أربطة الأغنية، لتفسح الطريق أمام دويندى ناري غاضب، رفيق الرياح المحمّلة بالرمال، جعل المنصتين يمزّقون ثيابهم بنفس الإيقاع الذي يمزّقها به زنوج الأنتيل، المتحلّقين في طقس حول صورة القديسة باربارا.

كان على الفتاة ذات الأمشاط أن تمزّق صوتها، لأنها تعرف أن مستمعيها نخبة لا تطلب أشكالًا بل نخاع الأشكال، تطلب موسيقى تسمو حتى تصير جوهرًا معلّقًا في الهواء. كان عليها أن تفقد مهاراتها وحِرَفِيَّتها؛ أعني، كان عليها أن تزيح ربّة شعرها وتبقى وحيدةً، حتى يأتي الدويندى ويرضى بأن يشتبك في قتال متلاحم. ويالروعة ما غنّت! الآن لم تعد تهزل بصوتها، كان صوتها دفقة دم جديرة بألمها وإخلاصها، وكان ينفتح كيدٍ ذات عشر أصابع في القدم المُسمَّرة، لكن الـمُحمَّلة بالعواصف، لمسيحٍ من صنع خوان دى خوني.

إن ظهور الدويندى دائمًا ما يفترض مسبقًا تغيّرًا جذريًا في كل الأشكال القائمة على أبنيةٍ قديمة، إنه يعطي إحساسًا بالنضارة غير معهودٍ تمامًا، له خاصية وردةٍ حديثة الخلق، خاصية معجزة، ويُنتج في النهاية حماسًا يكاد يكون دينيًا.

في كل الموسيقى، والرقص، والغناء أو الرثاء العربي، يُستقبَلُ ظهور الدويندى بصيحاتٍ صاخبة "الله، الله!"، شديدة القرب من "أوليه!" مصارعة الثيران، ومن يدري فربما كانتا الشيء نفسه؛ وفي كل غناء جنوب إسبانيا تعقب ظهور الدويندى صيحات "يحيا الرب!"، صرخة عميقة، إنسانية، ورقيقة للتواصل مع الرب من خلال الحواس الخمس، بفضل الدويندى الذي يلهب صوت وجسد الراقصة، انفلات حقيقي وشعري من هذا العالم، نقي كذلك الذي يبلغه عبر سبع حدائقٍ شاعرُ القرن السابع عشر النادر ﭘدرو سوتو دى روخاس(8)، أو الذي يبلغه القديس يوحنا كليماكوس على سُلَّم نحيبه المرتجف(9).

وبالطبع، فعند بلوغ هذا الانفلات، يحسّ بتأثيراته الجميع: المبتدئ، وهو يرى كيف يهزم الأسلوبُ المادةَ الفقيرة، والجاهل، في عاطفةٍ غير محدّدة لكنها أصيلة. ومنذ عدة سنوات، في مسابقة رقص في خيريث دى لا فرونتيرا، فازت بالجائزة امرأةٌ عجوزٌ في الثمانين ضد نساءٍ جميلات وفتياتٍ خصورهن كالماء، لمجرد أنها رفعت ذراعيها، وطوّحت برأسها إلى الخلف، ودقّت المنصة بقدمها؛ في هذا الجمع من ربات الشعر والملائكة، جميلات الصورة وجميلات الابتسامة، كان يجب أن يفوز، وقد فاز بالفعل، ذلك الدويندى المتهالك الذي كان يجرجر على الأرض جناحين من السكاكين الصدئة.

وكل الفنون قادرةٌ على امتلاك الدويندى، لكن المجال أوسع، بالطبع، في الموسيقى، وفي الرقص، وفي الشعر الشفاهي، لأن هذه الفنون تتطلّب جسدًا حيًّا يؤديها، لأنها أشكالٌ تولد وتفنى بلا انقطاع، وتفرد حدودها فوق  حاضرٍ مُحدَّد. 

وغالبًا ما ينتقل دويندى الموسيقي إلى المؤدي، وفي أحيان أخري حين يكون الموسيقي أو الشاعر زائفًا، فإن دويندى المؤدّي، وهذا أمرٌ مثير للاهتمام، يمكنه أن يخلق أعجوبةً جديدة لا تشبه الشكلَ الأوّليّ إلا ظاهريًا. تلك هي حالة إليونورا دوسي التي يتملّكها الدويندى، والتي كانت تبحث عن أعمال فاشلة كي تجعلها تنجح، بفضل ما تبتدعه، أو حالة ﭘاجانيني، التي شرحها جوته، والذي كان يخلق ألحانًا عميقة من أعمالٍ سوقيةٍ تمامًا، أو حالة فتاةٍ بهيجة في ميناء بويرتو دى سانتا ماريّا، شاهدتها مرةً تغني وترقص تلك الأغنية الإيطالية البشعة "أوه ماري!" بإيقاعات، ووقفات، ومعنى، جعلت الأغنية الإيطالية المبتذلة تتحوّل إلى حيّةٍ راسخة من الذهب الصلب. وفي كل مثال كانت الحالة، في الحقيقة، هي حالة المؤدّي وهو يعثر على شيءٍ جديد يعيد خلق العمل الأصلي: كان الدم الحي والعبقرية يوضعان في أجسامٍ خاليةٍ من التعبير.

كل الفنون، وكذلك كل البلدان مؤهلةٌ للدويندى، أو الملاك، أو ربة الشعر؛ وبينما لدى ألمانيا، مع بعض الاستثناءات، ربة شعر، وإيطاليا لديها ملاك على الدوام، فإن إسبانيا في كل الأزمان يحرّكها الدويندى، لأنها بلد موسيقى ورقصٍ غابرين، حيث يعصر الدويندى ليمون الشروق، وكذلك لأنها بلد موت، بلد مفتوحٌ على الموت.

الموت ختامٌ في كل البلدان. يصل فتُسدلُ الستائر. ليس في إسبانيا. ففي إسبانيا تُرفع الستائر. وكثيرٌ من الإسبان يعيشون بين الجدران حتى يوم مماتهم، وعندها يُخرِجونهم إلى الشمس. والشخص الميِّت في إسبانيا حيٌّ عندما يموت أكثر منه في أي مكانٍ آخر من العالم: فملامحه تجرح مثل حدّ موس الحلاّق. والدعابة حول الموت والتأمّل الصامت له مألوفان للأسبان. من حلم الجماجم لكيبيدو وحتى الأسقف المتعفّن لبالديس لِيال، ومن ماربيّا القرن السابع عشر، التي ماتت أثناء الولادة عند منتصف الطريق، قائلةً:

دم رَحِمي

يغطّي الآن الحصان.

حوافر حصانكَ

تبعثُ شررًا من قطران ...

حتى الفتى الحديث من سالامنكا، قتيل الثور، الذي يصيح:

أصدقائي، إنني أموت؛

أصدقائي، أنا في أسوأ حال.

داخلي ثلاثة مناديل

 وها أنا أضع الرابع...

هناك سياجٌ من أزهار الملح الصخري، ينهض فوقه شعب يتأمل الموت، شعب تُلهمه في أقصى حالات مرارته أشعار إرميا، وفي أقصى حالات غنائيته أشجار السرو الشذية؛ لكنه في كل الأحوال بلدٌ أكثر الأشياء أهميةً فيه، لها الخاصية المعدنية النهائية للموت. 

السكّين وعجلة العربة، الموسى ولحى الرعاة الشعثاء، القمر العاري، الذبابة، الصوّان الرطب، بقايا الحُطام، صور القديسين التي تغطيها الأشرطة، الجير الحيّ، الحدّ الجارح للأفاريز وأبراج المراقبة، لكل هذه الأشياء في إسبانيا نصال العشب الدقيقة للموت، مثلما للتلميحات والأصوات التي يدركها الذهن المنتبه، والتي تثير ذاكرتنا بالهواء الجاسئ لمسارنا ذاته. إن ارتباط الفن الإسباني بالتربة ليس محض مصادفة، إنه فنٌ مليء بالأشواك والصخور الملموسة، وليس نواح بليبيريو أو رقصات الأستاذ خوسيف ماريّا دى بالديبيلسو أمثلة منعزلة، وليس مصادفةً أن تبرز من بين كل المواويل الأوروبية أغنية الحب الإسبانية هذه:

ـــ إذا كنتِ حبيبتي،

فلِمَ لا تنظرين إليَّ، أتوسّل إليكِ؟

ـــ عيوني التي كنت أنظر بها إليكَ

أعطيتها للظِلّ.

ـــ إذا كنتِ حبيبتي، 

فلِم لا تقبّلينني، أتوسّل إليكِ؟

ـــ شفتاي اللتان كنت بهما أقبّلكَ

أعطيتهما للأرض.

ـــ إذا كنتِ حبيبتي،

فلم لا تضمِّينني، أتوسّل إليكِ؟

ـــ ذراعاي اللتان كنت بهما أضمّك،

غطيتهما بالديدان.

كذلك ليس من المستغرب أن ترنّ هذه الأغنية عند البدايات الباكرة للشعر الغنائي الإسباني:

في الحديقة 

سأموت، 

في خميلة الورد

سأُقتَل.

ذهبتُ، يا أمّاه،

لأقطف بعض الورود،

فوجدتُ الموت

في الحديقة.

ذهبتُ، يا أمّاه،

لأقطع بعض الورود

فوجدتُ الموت

في خميلة الورد.

في الحديقة 

سأموت،

في خميلة الورد

سأُقتَل.

إن الرؤوس التي جمّدها القمر التي رسمها ثورباران، وألوان الأصفر بلون الزبد والأصفر بلون البرق لدى إلجريكو، ونثر الأب سيجوينثا، وكل أعمال جويا، وقبة الكنيسة في الإسكوريال، وكل نحتنا المتعدد الألوان، وقبو منزل الدوقية في أوسونا، و"الموت ذو القيثار" في محراب آل بينابينتي في مدينة ريو سيكو، كل هذه هي المقابل المثقف لرحلات الحج إلى كنيسة القديس أندريس دى تيكسيدو، حيث يكون للأموات مكان في الموكب، للترانيم الجنائزية التي تنشدها نساء أستورياس على ضوء القناديل في ليل نوفمبر، لرقص وغناء العرّافة في كاتدرائيات ميورقة وطليطلة وطرطوشة، وللطقوس التي لا تُحصى لاحتفالات الجمعة الحزينة، وجميعها، مع المشهد الأكثر تحضّرًا لمصارعة الثيران، لا تعدو أن تكون الانتصار الشعبي للموت في إسبانيا. وبين كل دول العالم، لا يباري بلادي في ذلك سوى المكسيك.

حين ترى ربة الشعر الموت قادمًا، تغلق بابها، أو تقيم تمثالًا، أو تستعرض وعاء جنائزيًا وتكتب شاهد قبرٍ بيدٍ شمعية، لكنها على الفور تمزّق إكليلها في صمت يختلج بين نسيمين. وتحت قوس الأغنية المبتور، تضمُّ بلمسة حِداد الزهور الدقيقة التي رسمها الإيطاليون في القرن الخامس عشر وتستحضر ديك لوكريشيو العاجز ليطرد الأشباح غير المتوقّعة.

وحين يرى الملاك الموت قادمًا، فإنه يحلّق في دوائر بطيئة وينسج بالدموع الثلجية والنرجس المرثية التي رأيناها ترتعش بين يديّ كيتس، وبيّاساندينو، وهيرّيرا، وبيكير، وخوان رامون خيمينث. لكن، ياللرجفة التي ستنتاب الملاك لو أحسّ بعنكبوت، مهما كانت ضآلته، على قدمه الوردية الرقيقة!

وبالمقابل، فإن الدويندى لا يأتي إذا لم ير إمكانيةً للموت، إذا لم يعلم أنه سيحاصر بيت الموت، إذا لم يكن متأكدًا من أنه يجب أن يحرّك تلك الأغصان التي نحملها جميعًا، والتي لا تحمل ولن تحمل عزاءً لمبتئس.

في الفكرة، وفي الصوت، أو في الإيماءة، يحب الدويندى الصراع الصريح مع المبدع على حافة البئر. وبينما يقنع الملاك أو ربة الشعر بالكمان أو بالإيقاع المحسوب، فإن الدويندى يجرح، وفي التئام هذا الجرح، الذي لا يندمل أبدًا، يوجد الشيء المذهل، المبتكر، في عمل الإنسان.

إن الخاصية السحرية للقصيدة تتمثل في أن يتملّكها الدويندى على الدوام حتى أن كل من يراها يُعمَّدُ بماءٍ داكن. إذ مع الدويندى يكون أسهل أن يُحبَّ المرء وأن يَفهم، ويكون مؤكدًا أن يصبح محبوبًا ومفهومًا، وهذا الصراع من أجل التعبير ومن أجل توصيل التعبير يصل أحيانًا، في الشعر، إلى درجة أن يأخذ طابع القتال حتى الموت.

ولنتذكر حالة القديسة تيريسا التي استبدّ بها الفلامنكو وتملّكها الدويندى، وهي فلامنكا ليس لأنها أوقفت ثورًا هائجًا في ثلاث تمريرات رائعة، وذلك فعلته، ولا لأنها تباهت بجمالها أمام الراهب خوان دى لا ميسيريا، ولا لأنها لطمت الرسول البابوي، بل لكونها واحدةً من المخلوقات القليلة التي طعنها الدويندى (وليس الملاك، فالملاك لا يهاجم أبدًا) برمح، متمنّيًا قتلها لأنها سرقت آخر أسراره: القنطرة الرقيقة التي توحِّد الحواس الخمس مع ذلك اللبّ الذي يتحوّل جسدًا حيًّا، وسحابةً حيّةً، وبحرًا حيًّا، لبّ الحب المتحرر من الزمن.

كانت قاهرةً بالغة الشجاعة للدويندى، تمثّل الحالة النقيض لحالة فيليب ملك النمسا، الذي في توقه إلى البحث عن ربة الشعر والملاك في اللاهوت، وجد نفسه أسير دويندى التوقّدات الباردة في صرح الإسكوريال ذاك، حيث تقارب الهندسة حدود الحلم وحيث يرتدي الدويندى قناع ربة الشعر كعقابٍ أبدي للملك العظيم.

قلنا إن الدويندى يحب حافة الأشياء، يحب الجرح، وينجذب إلى حيث تُذيب الأشكال نفسها في اشتياق أعظم من تعبيراتها المنظورة.

وفي إسبانيا (مثلما لدى شعوب الشرق، حيث الرقص تعبيرٌ ديني) يكون للدويندى مجالٌ غير محدود في أجساد راقصات قادس، اللاتي امتدحهن مارثيال، وفي صدور المغنّين، الذين امتدحهم خوبينال، وفي كل طقوس مصارعة الثيران، تلك الدراما الدينية الأصيلة حيث، مثلما في القدّاس، نجد عبادة إلهٍ والتضحية به.

يبدو كما لو أن كل دويندى العالم الكلاسيكي قد اجتمع في هذا الاحتفال الكامل، رمز الثقافة والحساسية العظيمة لشعبٍ يكتشف في الإنسان حنقه الأسمى، ونكده الأسمى، ونحيبه الأسمى. ولا يجد أحدٌ أية متعةٍ لا في الرقص الإسباني ولا في مصارعة الثيران؛ فالدويندى يتولّى جعل المرء يعاني من خلال الدراما، في أشكال حيّة، ويُعِدُّ السُلَّم للانفلات من الواقع المحيط.

إن الدويندى يفعل بجسم الراقصة ما يفعله النسيم بالرمال. لأنه، بقوى سحرية، يحوِّل فتاةً إلى شخصٍ يشلّه القمر، أو يغمر بتورّد المراهقة عجوزًا محطّمًا يستجدي حول الحانات، أو يجعل خصلات شعرٍ طويل تتضوّع برائحة مرفأٍ ليلي، وفي كل اللحظات، يحرك الأذرع في حركاتٍ ولَّدت رقصات كل الأزمان.

لكن من المستحيل أن يكرّر نفسه أبدًا، وهذا ما يجب التأكيد عليه. إن الدويندى لا يكرر نفسه، مثلما لا تكرر نفسَها تكوينات البحر نفسُها في العاصفة.

وفي مصارعة الثيران يكتسب الدويندى أكثر خواصه تأثيرًا، فعليه، من ناحية، أن يتصارع مع الموت، الذي يمكن أن يدمّره، ومن ناحيةٍ أخرى، مع الهندسة، مع القياس، المعيار الأساسي للاحتفال.

فللثور مداره؛ وللمصارع مداره، وبين المدار والمدار توجد نقطة خطر تكمن فيها ذروة اللعبة المرعبة.

ومن الممكن أن تملك ربة شعرٍ مع "الموليتا"(10) وملاكًا مع الباندريّاس(11) وتعتبرُ مصارعًا جيدًا، لكن في مرحلة النزال بالعباءة، حين يكون الثور ما زال خاليًا من الجروح، ومرة أخرى عند الإجهاز النهائي، يتطلب الأمر مساعدة الدويندى لكي تصيب كبد الصدق الفني.

إن مصارع الثيران الذي يُخيف النظّارة بتهوّره لا يصارع، إنه على ذلك المستوى العبثي لشخصٍ يخاطر بحياته، وذلك في متناول أي إنسان؛ وبالمقابل، فإن المصارع الذي عضّه الدويندى يعطي درسًا في الموسيقى الفيثاغورية ويُنسي الناس أنه يُلقي قلبه باستمرار على القرنين.

إن لاجارتيخو بدوينديه الروماني، وخوسيليتو بدوينديه اليهودي، وبلمونتى بدوينديه الباروكي، وكاجانشو بدوينديه الغجري، يبيّنون للشعراء، والمصوّرين، والموسيقيين، منذ فجر حلبة المصارعة أربعة مسارات عظيمة للتقاليد الإسبانية.

إسبانيا هي البلد الوحيد الذي يكون فيه الموت هو المشهد القومي، وحيث ينفخ الموت النفير في ألحانٍ طويلة عند حلول كل ربيع، وفنها يحكمه دائمًا دويندى ماكر منحه طابعه المميّز وخاصيته الابتكارية.

إن الدويندى الذي لأول مرة في النحت، يورِّد بالدم وجنات قديسي الأستاذ ماتيو دى كومـﭙوستيلا، هو نفس الدويندى الذي يجعل القديس يوحنا اللاهوتي يئن، أو يحرق حورياتٍ عاريات في سوناتات لوﭘـى دى بيجا الدينية.

والدويندى الذي يشيّد برج ساهاجون أو يصنع قوالب طوبٍ دافئ في كالاتايود أو تيرويل هو نفس الدويندى الذي يُكسِّر سُحُبَ إلجريكو ويُدحرِج بالركلات الخُفراء في أعمال كيبيدو ويُشعِل رؤى جويا.

وعندما تُمطر، يظهر بيلاثكيث الذي تملّكه الدويندى، خِفيةً، خلف رمادياته الـمَلَكية؛ وحين يسقط الجليد يظهر هيرّيرا(12) عاريًا ليُثبت أن البرد لا يقتل؛ وحين تشتعل النيران، يضع الدويندى في لهبها بيرّوجيتى ويجعله يبتكر مجالًا جديدًا للنحت.

على ربة شعر جونجورا وملاك جارثيلاسو أن يتخلّيا عن إكليل الغار عندما يمر دويندى القديس يوحنا اللاهوتي، عندما:

الأيلُ الجريح

يظهر فوق التل.

على ربة شعر جونثالو دى بيرثيو وملاك أسقف هيتا أن ينتحيا جانبًا ليفسحا الطريق لخورخى مانريكى حين يصل إلى بوابات قلعة بلمونتى جريحا جرح الموت. وعلى ربة شعر جريجوريو إرناندث وملاك خوسيه دى مورا أن يبتعدا لكي يمرّ دويندى مينا، باكيًا بدموع دامية، ودويندى مارتينث مونتانييس، برأس ثورٍ أشوري، وبالمثل، فإن على ربة شعر قطالونيا الحزينة وملاك غاليسيا المبلّل بالمطر أن ينظرا، بدهشةٍ مُحبّةٍ، إلى دويندى قشتالة، الشديد البعد عن الخبز الساخن ورعي الأبقار البالغ العذوبة، تحت سماء تجرفها الريح وأرض جافة.

إن دويندى كيبيدو ودويندى ثربانتس، الأول بشقائق النعمان الخضراء الفوسفورية، والثاني بالأزهار من جصِّ رويديرا، يتوجان محراب الدويندى في إسبانيا.

وطبيعي أن لكل فنٍ دويندى من نوعٍ وشكلٍ مختلفين، لكنها جميعًا تضُمُّ جذورها عند نقطةٍ تنبعث منها "الأصوات الداكنة" لمانويل تورّيس، مادةً نهائية، وأساسًا مشتركًا مُرتجفًا وعصيًّا على الاكتشاف للخشب، وللصوت، ولقماش اللوحة، وللكلمات.

إنها أصواتٌ داكنة تكمن وراءها في حميميةٍ رقيقة براكينٌ، ونمل، وأنسام رخيّة، وليل هائل يُحزِّم خصره بمجرة التبانة.

سيداتي وسادتي: لقد أقمتُ ثلاثة أقواسٍ وبيدٍ غير بارعةٍ وضعت فيها ربة الشعر، والملاك، والدويندى.

تظل ربة الشعر ساكنة؛ قد تكون لها عباءةٌ ذات طيّات صغيرة، أو عينا بقرةٍ تحملقان في بومبّي إلى الأنف الكبير ذي الوجوه الأربعة الذي رسمها به صديقها العظيم بيكاسو. أمّا الملاك فقد يهز الخصلات التي رسمها أنتونيلو دى ميسينا، أو عباءة ليـﭙـي وكمان ماسّولينو أو روسّو.

والدويندى.. أين الدويندى؟ خلال القوس الخالي يأتي نسيم العقل الذي يهبّ بلا انقطاع فوق رؤوس الموتى، باحثًا عن مناظر جديدة وعن نبراتٍ غير معروفة؛ نسيمٌ يفوح بلعاب طفل، بعشبٍ ممضوغ، وبقناع ميدوزا، يعلن التعميد الدائم للأشياء الحديثة الخلق.


  • في العدد الثاني، بتاريخ يناير 1992، من مجلة "شعر" التي تصدر عن المجمع الثقافي بأبي ظبي، بالإمارات العريبة المتحدة، ظهرت ترجمة سيئة لنفس محاضرة لوركا هذه، نسبتها المجلة -عن طريق الخطأ، فيما نرجو- إلى المترجم الحالي. وتأتي إعادة نشر المحاضرة، التي كان المترجم الحالي قد ترجمها عن الإنجليزية ونشرها ضمن ديوان "لوركا، مختارات جديدة" -دار الفكر المعاصر، 1979- مناسبةً لتأكيد عدم وجود أي علاقة بين المترجم الحالي وبين الترجمة الواردة في مجلة "شعر" المذكورة، وكذلك فرصةً لمراجعة المحاضرة على النص الإسباني كما ورد في كتاب: Federico García Lorca: Prosa; Alianza editorial, Madrid, 1979.

  1. تُشبَّه الأندلس بجلد ثورٍ مشدود، وأحيانًا تُشبَّه به إسبانيا كلها .
  2. الدبلا: تنويعة من "الغناء العميق" الأندلسي.
  3. الإشارة هنا إلى سيلفيريو فرانكونيتي، وهو مغنٍ إيطالي غرس في الأندلس "الغناء العميق"، والسيجيريّا siguiriya هي تطوير لهذا الغناء.
  4. خاثينتو بيرداجير، شاعر قطلوني، شخصية رائدة للنهضة القطلونية في القرن التاسع عشر. كتب شعرا غنائيا وقصيدتين ملحميتين عظيمتين هما Cantigo، و L’Atlantida. ومن هنا الإشارة إلى جبال البرانس في النص.
  5. خورخى مانريكى: شاعر إسباني من القرن الخامس عشر اشتهر بمقطوعاته Coplas في وفاة والده.
  6. رافاييل إل جايّو: مصارع ثيران شهير.
  7. Aguardiente: شراب قوي يطلق عليه اسم "الطافيا".
  8. يشير لوركا هنا إلى كتاب سوتو دى روخاس الذي يُذكّر المرء بحدائق غرناطة وعنوانه:Paraiso cerrado para muchos, jardines abiertos para todos
  9. القديس يوحنا كليماكوس: زتهد من القرن السادس، مؤلف "السُلَّم الروحي".
  10. الموليتا muleta: قماش قرمزي مطوي ولفوف على عصا خشبية مُستَدِقَّة تنتهي بطرف مدبب من الصلب.