الكولونيالية والحداثة العقلانية
مقال لأنيبال كيخانو*
عن الأصل الأسباني:
Aníbal Quijano. 1992. “Colonialidad y modernidad/racionalidad”. Perú Indígena, 13 (29): 11-20
ترجمة: شهاب الخشاب
مراجعة: وليد الخشاب
* درس أنيبال كيخانو في جامعة سان ماركوس القومية الكبرى في ليما (پیرو) وحصل على درجة الدكتوراه منها. كان موظفًا في اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي (CEPAL) في أواخر الستينيات، وترجع بعض أعماله البارزة لتلك الفترة، ومن ضمنها «التبعية والعمران والتغيير الاجتماعي في أمريكا اللاتينية» و«الإمبريالية والتهميش في أمريكا اللاتينية».
أثناء ديكتاتورية ڤيلاسكو ألڤارادو العسكرية (Velasco Alvarado)، حرر وأدار مجلة «المجتمع والسياسة» (Sociedad y Política)، والتي أدت إلى نفيه إلى المكسيك. تعود إلى هذه الفترة مقالات «القومية والإمبريالية الجديدة والعسكرة في پیرو»، و«مشكلة الزراعة والحركات الريفية»، و«الأزمة الإمبريالية والطبقة العاملة في أمريكا اللاتينية»، و«الإمبريالية والطبقات الاجتماعية والدولة في پیرو».
يعمل حاليًا كأستاذ في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة سان ماركوس ويدير مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية (Centro de estudios e investigación social). وأحدث آثاره هي «الحداثة والهوية واليوتوپیا في أمريكا اللاتينية» ومختارات لبعض النصوص الأساسية لخوسي كارلوس مارياتيجي (José Carlos Mariátegui)، تم تحريرها مع مقدمة وحواشي المحرر في صندوق الثقافة الاقتصادية (Fondo de Cultura Económica).
بعد غزو المجتمعات والثقافات التي كانت تسكن فيما يُسمى اليوم بأمريكا اللاتينية، بدأ نظامٌ عالمي في التشكل ووصل إلى نقطة ذروته بعد 500 عام، متمثلًا في قوة عالمية تربط مجمل الكوكب ببعضه. من ناحية، تضمنت تلك العملية تركيزًا وحشيًا لموارد العالم تحت سيطرة الأقلية الأوروبية المحدودة وفي صالحها، وقبل كل شيء في صالح طبقاتها الحاكمة، ولم تتوقف تلك العملية منذ ذلك الوقت، وإن خَفَّت وطأتها من حين إلى آخر أمام انتفاضات المستضعفين. ولكن الآن، يتحقق هذا التركيز بدافع جديد أثناء الأزمة الراهنة، بشكل ربما أعنف وعلى نطاق أوسع بكثير؛ على نطاق عالمي. ما زال الطغاة الأوروبيون «الغربيون» هم المستفيدون الرئيسيون، وكذلك أبناؤهم من الأوروبيين في شمال أمريكا، بالإضافة إلى الجزء غير الأوروبي من العالم الذي لم يكن مستعمرة أوروبية بالضبط – أي اليابان بشكل رئيسي. والطبقات الطاغية هي التي تقع على رأس المستفيدين في كل حال من الأحوال، والضحايا الرئيسيون هم المُستَغَلين والمستضعفين في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
من ناحية أخرى، نشأت علاقة مباشرة من التسلط السياسي والاجتماعي والثقافي، تضع الأوروبيين في مكانة أعلى من المهزومين في كافة القارات. وهذا التسلط معروف باسم الاستعمار. في جانبه السياسي الرسمي والظاهر خاصًة، هُزم الطغيان الاستعماري في الأغلبية العظمى من الأحوال. أصبحت تطورات القارة الأمريكية تمثل السيناريو الأول لهذه الهزيمة، وكذلك أفريقيا وآسيا منذ الحرب العالمية الثانية. يبدو الاستعمار أمرًا ماضٍيًا بهذا المعنى – بمعنى نظام التسلط السياسي الرسمي التي تمارسه بعض المجتمعات على مجتمعات أخرى. كذلك ليست الإمبريالية التي خلفت الاستعمار مفروضة من الخارج، ولكنها في الأرجح رابطة من المصالح الاجتماعية بين المجموعات المتسلطة في بعض البلاد (سواءً كانت طبقات اجتماعية، أو مجموعات «إثنية»، أو كليهما)، وتلك البلاد لها مواقع غير متساوية في خريطة ما للسلطة.
ورغم ذلك، فقد أنتجت البنية الاستعمارية للسلطة بعض أنواع التمييز الاجتماعي التي تقننت لاحقًا، باعتبارها «عرقية» أو إثنية أو «أنثروبولوجية» أو قومية حسب الفترات والفاعلين والمجتمعات. إن تلك التشكيلات التي تربط بين الذوات (intersubjectivas) نتيجة لتسلط الأوروبيين الاستعماري، وقد اعتُبِرَت مقولات لها دلالة تفوق التاريخ، تحت دعاوي كونها اعتبارات «علمية» أو «موضوعية»، بمعنى أنها ظواهر طبيعية وليست نابعة من تاريخ السلطة. كانت ولا تزال تلك البنية للسلطة هي الإطار الذي تعمل فيه العلاقات الاجتماعية الأخرى، سواءً كانت من النوع الطبقي أو الإقطاعي. بل إذا لاحظنا الخطوط الرئيسية للاستغلال والتسلط الاجتماعي على مستوى العالم، وهي الخطوط الأم للسلطة العالمية الحالية، وكذلك لتوزيعها للموارد والعمل بين سكان العالم، من المستحيل أن يفوتنا أن الأغلبية العظمى من المستغلين والمستضعفين وضحايا التمييز هم تحديدًا أعضاء الـ«أعراق» أو الـ«إثنيات» أو الـ«أقوام» التي صُنفت فيها الشعوب المُستَعمَرة خلال عملية تشكُل هذه السلطة العالمية منذ غزو القارة الأمريكية وفيما بعد.
بنفس الشكل ورغم الإطاحة بالاستعمار السياسي، تظل العلاقة بين الثقافة الأوروبية – التي تُسمى أيضًا بالثقافة «الغربية» – والثقافات الأخرى عبارة عن علاقة تسلط استعماري. لا يتعلق الأمر بإخضاع الثقافات الأخرى للثقافة الأوروبية عبر علاقة خارجية فحسب، ولكنه يتعلق أيضًا باستعمار الثقافات الأخرى، ولو كان بكثافات وأعماق مختلفة بلا شك حسب السياق. ويتلخص الأمر في استعمار خيال المستضعفين أولًا، بمعني أن هذا الاستعمار فعّال في هذا الخيال، وإنه جزء منه إلى حد ما.
نتج هذا الاستعمار عن قمع ممنهج في البداية، وهو ليس فقط قمعًا موجهًا إلى معتقدات أو أفكار أو صور أو رموز محددة لم تخدم الطغيان الاستعماري العالمي. وقع القمع أساسًا على آليات المعرفة، وآليات إنتاج المعرفة، وآليات إنتاج وجهات النظر والصور وأنظمة الصور والرموز، وآليات إنتاج المعنى (modos de significación). ثم وقع أيضًا على موارد وأنماط وآليات التعبير الرسمية الموضوعية، سواءً كانت فكرية أو بصرية. أعقبها فرض استخدام أنماط التعبير الخاصة بالطغاة، مثلما حدث مع معتقداتهم وتصوراتهم بخصوص ما هو خارق للطبيعة، والتي لم يتم استخدامها فقط لمنع إنتاج المستضعفين الثقافي، بل أيضًا كوسائل في غاية الكفاءة للسيطرة الاجتماعية والثقافية، عندما توقف القمع المباشر عن كونه مستمرًا وممنهجًا.
فرض المُستَعمِرون أيضًا صورة مضللة لأنماط إنتاج المعرفة وإنتاج المعاني الخاصة بهم. لقد وضعوها بعيداً عن المستضعفين أولًا، ثم علّموهم بشكل جزئي وانتقائي حتى يضموا أحيانًا بعض المستضعفين إلى سلطة الطغاة. وبهذا أصبحت الثقافة الأوروبية مُغرية، وفتحت طريقًا نحو السلطة. ففي نهاية المطاف، وبعيداً عن القمع، الأداة الرئيسية لأي سلطة هي قدرتها على الإغراء. أصبح إضفاء الطابع الأوروبي على الثقافة اطلاعًا. كان وسيلة للمشاركة في السلطة الاستعمارية، ولكن جاز استخدامه أيضًا في تدميرها، ثم في جني نفس الفوائد المادية ونفس السلطة التي كان يجنيها الأوروبيون، ثم في سبيل التغلب على الطبيعة، ثم باختصار، في سبيل «التنمية». أصبحت الثقافة الأوروبية نموذجًا ثقافيًا كونيًا. ويصعب على الخيال في الثقافات غير الأوروبية أن يوجد (وخاصة لو حاول أن يعيد إنتاج نفسه) خارج تلك العلاقات.
اختلفت أشكال وآثار تلك الكولونيالية الثقافية حسب الفترات والأحوال. في أمريكا اللاتينية، صاحب كلٌ من القمع السياسي واستعمار الخيال عملية إبادة ضخمة وعملاقة للسكان الأصليين، عبر استخدامهم كعمالة يمكن الاستغناء عنها بشكل رئيسي، بالإضافة إلى عنف الغزو والأمراض. كان نطاق تلك الإبادة واسعًا إلى درجة أنه تضمن كارثة ديموغرافية كبرى، إن لم يكن قد أدى إلى دمار المجتمع والثقافة (إذا اعتبرنا أنه قد تمت إبادة حوالي خمسة وثلاثين مليون نسمة في فترة تقل عن 50 عامًا بين ساحة الأزتك والمايا والكاريبي وساحة التاوانتينسويو).[1] بين القمع الثقافي والإبادة الجماعية الهائلة، وصل الأمر إلى أن الثقافات الأمريكية الرفيعة السابقة تتحول إلى ثقافات إثنوية وريفية وأمية ومحتوم عليها الشفاهية، يعني مجردة من أنماطها الخاصة للتعبير المُتشكِّل والمتموضع، سواءً كانت أنماطًا فكرية أو تشكيلية أو بصرية. لم يحظ السكان المتبقون فيما بعد بوسائل للتعبير الفكري أو التشكيلي المُتشكل المتموضع حتى ينقلوا احتياجاتهم الأخرى للتعبير إلا عبر أنماط الطغاة الثقافية، ولو كانوا ينقلبون عليها في بعض الأحوال. إن أمريكا اللاتينية تمثل بلا شك الحالة القصوى لاستعمار أوروبا الثقافي.
في آسيا والشرق الأوسط، لم يتسن تدمير الثقافات الرفيعة بهذه الشدة وهذا العمق. ولكن تم وضعها في علاقة تبعية، ليس فقط أمام النظرة الأوروبية، بل أيضًا أمام حاملي تلك الثقافات أنفسهم. عبر القوة السياسية الحربية والتكنولوجية لمجتمعاتها، فرضت الثقافة الأوروبية أو الغربية صورتها النموذجية ومكوناتها الفكرية الأساسية كمعيار لتوجيه أي تطور ثقافي، وتحديدًا التطور الفكري والفني. تحولت تلك العلاقة بالتالي إلى جزء لا يتجزأ من شروط إعادة إنتاج تلك المجتمعات والثقافات، وهي مدفوعة نحو إضفاء الطابع الأوروبي كليًا أو جزئيًا.
في أفريقيا، كان الدمار الثقافي أشد بكثير من آسيا بلا شك، ولكنه كان أخف من أمريكا. ولم يحقق الأوروبيون دمارًا شاملًا لأنماط التعبير هناك، خاصةً أنماط الموضعة والتشكيل البصري. ولكنهم انتزعوا منها الشرعية والاعتراف داخل النظام الثقافي العالمي الذي يقع تحت سيطرة الأسياد الأوروبيين. تم حصرهم في خانة «الغرائبية». ويتضح ذلك بلا شك في استخدام منتجات التعبير التشكيلي الأفريقي في إنتاج الفنانين الغربيين أو الأفارقة المستغربين مثلًا، باعتباره عنصرًا أو نقطة انطلاق أو منبعًا للإلهام، وليس أبدًا باعتباره وسيلة للتعبير الفني في ذاتها وبمقام يعادل المعيار الأوروبي تراتبيًا. وهذه هي تحديدًا النظرة الكولونيالية.
إذن بعد تدمير الاستعمار كنظام سياسي صريح، ما زالت الكولونيالية هي الوسيلة الأكثر انتشارًا للتسلط في العالم الحالي. وهي لا تشمل جميع أحوال وأشكال الاستغلال والتسلط الشائعة بين البشر بالتأكيد، ولكنها ما زالت تمثل خاصيتها الأساسية منذ 500 عام. في الفترات السابقة، لم تنتج العلاقات الاستعمارية نفس العواقب غالبًا، والأهم من ذلك أنها لم تمثل حجر أساس لأي نوع من القوة العالمية.
أوروبا والكولونيالية الثقافية والحداثة العقلانية
في نفس الفترة التي توطد فيها التسلط الاستعماري الأوروبي، تشكلت العقدة الثقافية المعروفة بالحداثة العقلانية الأوروبية، والتي تم إنشاؤها كمنهج كوني للمعرفة وللربط بين الإنسانية وباقي العالم. لم يشكل هذا التزامن بين الكولونيالية وتطور الحداثة العقلانية صدفةً بأي شكل، كما يكشفه النهج الذي دفع بتطوّر المنهج الأوروبي للمعرفة العقلانية. في الواقع، كانت للكولونيالية تداعيات حاسمة في تشكيل هذا المنهج. وترتبط الكولونيالية بالظهور التدريجي للعلاقات الاجتماعية المدينية والرأسمالية، والتي لم تكن قابلة تمامًا للشرح على هامش الاستعمار في وقتها، وخصوصًا في أمريكا اللاتينية.
يظهر ثقل الكولونيالية الحاسم في تأسيس منهج الحداثة العقلانية الأوروبي بوضوح في الأزمة الحالية لتلك العقدة الثقافية. وسيساعدنا في عرض هذه الإشكالية أن نتفحص بعض المسائل الأساسية في تلك الأزمة.
مسألة إنتاج المعرفة
أولًا تحتم الأزمة الحالية للمنهج الأوروبي للمعرفة العقلانية إعادة النظر في فرضيتها المؤسسة، وهي أن المعرفة نتيجة علاقة بين الذات والموضوع. بالإضافة إلى المشاكل الكامنة في التحقق من صحة هذه الفرضية، فإنها تستدعي أيضًا مشاكل أخرى تستحق التقديم هنا باختصار.
أولًا، تحيل «الذات» كفئة إلى الفرد المنعزل، حيث يتشكل الفرد بنفسه وفي نفسه – وفقًا لهذه الفرضية – عبر خطابه وقدرته على التفكير. هذا هو معنى العبارة الديكارتية «أنا أفكر إذن أنا موجود» بالضبط. ثانيًا، يحيل «الموضوع» كفئة إلى كيان لا يختلف عن «الذات-الفرد» فحسب، بل يخرج عنها أيضًا بطبيعته. وثالثًا، يتماهى «الموضوع» مع نفسه، فإنه مكوَّن من عدة «خصائص» تمنح له تلك الماهية و«تُعرِّفَه»، بمعنى أنها تحدد ملامحه، وكذلك تضعه في موقع بعينه نسبةً إلى «الموضوعات» الأخرى.
إن الذي يستدعي إعادة النظر في هذا المنهج هو أولًا طابع «الذات» الفردي أو الفرداني، والذي يشوه الإشكالية مثل جميع أنصاف الحقائق، التي تنفي وجود الترابط بين الذوات (intersubjectividad) والكُل الاجتماعي (totalidad social) بصفتهما بذور إنتاج أي معرفة. ثانيًا، لا تتماشى فكرة «الموضوع» مع المعرفة التي وصل إليها البحث العلمي الحالي. بحسب هذا البحث، «الخاصيات» هي وسائل ولحظات تظهر في حقل ما من العلاقات، ولذلك لا توجد فكرة عن الماهية أو الأصالة على هامش هذا الحقل من العلاقات إلا إذا كانت مختزلة أنطولوجيًا. وثالثًا، فخارجية العلاقات بين «الذات» و«الموضوع» – والتي تتأسس في الاختلافات الطبيعية – ليست إلا تفاقمًا مصادفًا للاختلافات، نظرًا إلى أن الأبحاث الحالية تفضي غالبًا إلى اكتشاف بنية أكثر عمقًا للتواصل في الكون.
بالتأكيد، يمكننا أن نميز داخل فكرة «الذات» كفرد منعزل إحدى عناصر ولحظات عملية تحرر الفرد عن البنيات الاجتماعية المنسوبة إليه، والتي تحبسه وتحتم عليه أن يلزم موقعًا ودورًا اجتماعيًا وحيدًا وفريدًا مدى حياته، كما يحدث في جميع المجتمعات المكوَّنة من تنظيمات هرمية ثابتة وجامدة، ومدعومة بالعنف والأيديولوجيات والخيالات التابعة، كما كان الحال في المجتمعات والثقافات الأوروبية قبل الحداثة. يعد هذا التحرر كفاحًا اجتماعيًا وثقافيًا مرتبطًا بظهور العلاقات الاجتماعية لرأس المال والحياة المدينية. ولكننا من جانب آخر، لا يمكن أن نعترف بتلك الأطروحة اليوم في إطار حقل المعرفة الحالي. لقد تحققت الذاتية الفردية المتباينة بالفعل، ولكنها ليست موجودة في ذاتها أو لذاتها. بل تُوجد كجزء متباين من حالة الترابط بين الذوات، ولكنها غير منفصلة عنها. فيرجع أي خطاب أو أي فكر فردي إلى بنية من الترابط بين الذوات، وهي التي تتشكل في ذاتها ولذاتها. إن المعرفة من هذا المنظور عبارة عن علاقة ترابط بين بعض الذوات تتعلق بشيء ما، وليست علاقة بين هذا الشيء وذات منعزلة تتشكل لذاتها وفي ذاتها.
إذن فإن التفكير في المعرفة على نحو التفكير في الملكية ذاته، بصفتها علاقة بين فرد وآخر، لم تكن وليدة الصدفة في الغالب. تكمُن نفس الآلية الفكرية في المفهومين، وهذا في لحظة الظهور التدريجي للمجتمع الحديث. من المؤكد أن الملكية والمعرفة عبارة عن علاقة بين البشر بخصوص شيء ما، وليست علاقة بين فرد وآخر. الحد الفاصل بين تلك الظواهر هو أن علاقة الملكية تتجلى بشكل مادي وبين الذوات، بينما المعرفة هي فقط علاقة بين الذوات.
يبدو إذن بالإمكان إثبات الصلة بين النزعة الفردانية والصراعات الاجتماعية والثقافية الأوروبية، في لحظة تطوير المنهج الأوروبي الأساسي للعقلانية. ولكن هناك مكون آخر في تلك الفردانية، ولا يمكن إيجاد شرحٍ له في السياق الأوروبي الداخلي. فيطرح الغياب الجذري للـ«آخر» صورة مفتتة للوجدان الاجتماعي في العموم، ولكنه يرفض أيضًا فكرة الكُل الاجتماعي. وكما كشفت الممارسة الاستعمارية الأوروبية، يسمح هذا المنهج بالتغاضي عن أية إشارة لأي «ذات» أخرى خارج السياق الأوروبي. إنه يخفي النظام الكولونيالي ككُل، في نفس اللحظة التي تتشكل فيها فكرة أوروبا في ذاتها عبر علاقة مع باقي العالم المُستَعمَر تحديدًا. يمثل ظهور فكرة «الغرب» أو أوروبا اعترافًا بالهوية، أي بعلاقات مع تجارب ثقافية أخرى، أي بالاختلافات عن الثقافات الأخرى. ولكن في لحظة تكوينها، تعرفت النظرة «الأوروبية» أو «الغربية» على تلك الفروق، أولًا وأخيرًا، بصفتها لامساواة بالمعنى التراتبي. ويُنظر إلى اللامساواة على أنها طبيعية، فالثقافة الأوروبية هي وحدها الثقافة العقلانية، والتي يمكنها أن تتضمن «ذوات». بالتالي فإن الثقافات الأخرى مختلفة، بمعنى إنها غير متساوية، وإنها أدنى بالفعل بحكم الطبيعة، ولا تستطيع إلا أن تكون «موضوعًا» للمعرفة و (أو) لممارسات السلطة. من هذا المنظور، أنشئت العلاقة بين الثقافة الأوروبية والثقافات الأخرى كعلاقة بين «الذات» و«الموضوع»، وبقيت كذلك فيما بعد. واعترضت الطريق كذلك نحو أي علاقة تواصل أو تبادل للمعرفة، ونحو أي أساليب لإنتاج المعرفة بين الثقافات، بما أن المنهج يستتبع أنه يستحيل وجود أي علاقة بين «الذات» و«الموضوع» سوى علاقة خارجية. لا يمكن لهذا المنظور الفكري، الذي استمر عبر 500 عام مع استمرار ممارسته، إلا أن يكون نتيجة العلاقة الكولونيالية بين أوروبا وباقي العالم. بعبارة أخرى، لم يُنشأ المنهج الأوروبي للمعرفة العقلانية داخل بنية للسلطة قد تستلزم الطغيان الاستعماري الأوروبي على باقي العالم، بل إنه جزء لا يتجزأ من هذا الطغيان نفسه. وعبَّر هذا المنهج عن كولونيالية هذه البنية للسلطة بشكل يمكن إثباته.
أثبت تكوين وتطوير بعض المجالات مثل الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا وجود هذا النوع من علاقات «الذات» بـ«الموضوع» بين الثقافة «الغربية» والأخريات (كما سبق مناقشته طويلًا ومنذ الحرب العالمية الثانية خاصةً). الثقافات الأخرى هي «موضوع» الدراسة بحكم التعريف. لا توجد تقريبًا أية دراسات من هذا النوع عن مجتمعات وثقافات غربية إلا كمحاكاة ساخرة (والمثال النموذجي هو «الطقس عند الناكيرما» (Ritual among the Nacirema)، وهي انعكاس كلمة «أمريكان»).
مسألة الكُل في المعرفة
رغم غيابها عن المنهج الديكارتي، كانت الضرورة الفكرية لفكرة أو وجهة نظر الكُل (totalidad) موجودة في النقاش الأوروبي، مبكرًا في البلاد الأيبيرية (عند ڤيكتوريا وسواريس[2]) وفي خدمة الحفاظ على السلطة المحظورة للكنيسة والتاج الملكي؛ ثم متأخرًا نسبيًا في فرنسا منذ القرن الـ18، ثم كعنصر من العناصر الأساسية في النقد الاجتماعي والمقترحات الاجتماعية البديلة فيما بعد. انتشرت فكرة الكُل الاجتماعي، خصوصًا بعد سان سيمون[3]، مع مقترحات التغيير الاجتماعي الثوري، وفي مواجهة المنظور الفرداني للوجدان الاجتماعي، والذي أصبح شائعًا بين الإمبيريقيين وأتباع النظام الاجتماعي والسياسي القائم فيما بعد. وفي القرن الـ20، أصبح مصطلح «الكُل» منظورًا ومفهومًا معترفًا به عمومًا في البحث العلمي، وخصوصًا في البحث الاجتماعي.
ومع ذلك لا تتشكل الحداثة العقلانية الأوروبية الغربية فقط عبر حوار متضارب مع الكنيسة والدين، بل أيضًا عبر عملية إعادة تنظيم السلطة نفسها في شكل كلٍ مكوَّن من علاقات اجتماعية مدينية ورأسمالية ودول قومية إلى جانب، وعلاقات استعمار مع باقي العالم في نفس الوقت. ربما لم تكن هذه الحقيقة بعيدة عن السبب الذي دفع إلى تطوير منظور الكُل وفقًا لصورة عضوية، والتي تبنت رؤية مختزلة للواقع في نهاية الأمر.
لقد كان هذا المنظور مفيدًا بلا شك لتقديم وتكريس فكرة الكُل الاجتماعي بالفعل، أي فكرة المجتمع. ولكنه ساهم أيضًا في تقديم فكرتين أخريين. الأولي هي فكرة المجتمع بصفته بنية من العلاقات الوظيفية بين كل الأجزاء وبعضها، والتي تتصل بفعل منطق واحد ووحيد. وبالتالي فالمجتمع كلٌ مغلقٌ. وأدت فيما بعد إلى فكرة الكُل المنهجية في البنيوية الوظيفية. والفكرة الثانية هي المجتمع بصفته بنية قد تتواصل أجزاؤها حسب نفس القواعد التراتبية القائمة بين أعضاء الجسم، وفقًا لتصورنا عن أي كائن حي وخاصةً الإنسان، وهو أن هناك جزءًا يتحكم في الأجزاء الأدنى (المخ) رغم أنه لا يمكن الاستغناء عنها للبقاء على قيد الحياة؛ وأنه لا يمكن كذلك أن تحيا هذه الأجزاء (وخاصةً الأطراف) بدون التواصل الخاضع للجزء الحاكم للكائن الحي (وهو التصور المنتشر في الشركات والعلاقات بين رجال الأعمال والعمّال، التي تواصل أسطورة خطاب منينيوس أجريپا[4] البارع لردع المضربين الأوائل في التاريخ في بدايات الجمهورية الرومانية: الملاك هم المخ والعمّال هم الأذرع الذين يشكلون المجتمع مع باقي الجسم. لا معنى للأذرع بدون المخ، ولا وجود للمخ بدونها. الاثنان ضروريان حتى يحيا باقي الجسم ويظل في صحة جيدة، ولا يمكن أن يحيا المخ أو الأذرع بدون ذلك. وكذلك الأقوياء هم المخ؛ والعمال هم الأذرع. تبنى لينين أطروحة كاوتسكي[5] ومفادها أن البروليتاريين لا يستطيعون تطوير وعيهم الطبقي بأنفسهم، وأن النخبة البرجوازية و (أو) البرجوازية الصغرى هي التي يجب أن تُعَلِمَهم هذا الوعي. ليست هذه الأطروحة إلا شكلًا من أشكال هذا التصور نفسه. وليست هذه صدفة، فحتى لينين نفسه قد قال صراحةً في جداله مع الشعبويين الروسيين (في مقال «مَن هم أصدقاء الشعب») إن المجتمع كلٌ عضويٌ. في أمريكا اللاتينية، استُخدمت تلك الصورة بشكل متكرر، مثلًا للإحالة إلى العلاقة بين الأحزاب السياسية والنقابات، أو بين المثقفين والعمال في بوليڤيا، في حوار صحفي مع خايمي پاس سامورا (Jaime Paz Zamora[6]؛ فالأحزاب هي الرأس والنقابات هي الأرجل. كثيرًا ما تتخلل تلك الفكرة ممارسات معظم الأحزاب السياسية و«قواعدها» الشعبية).
لا تتنافى تلك الفكرة العضوية عن الكُل الاجتماعي والمجتمع، حتى في شكلها المنهجي، مع المنهج العام للمعرفة كعلاقة بين الذات والموضوع. إنها تشكِّل خيارًا بديلًا للمنظور الفرداني للواقع، ولكن الاثنين يستمران في إطار نفس المنهج. في المجمل، خلال القرن الـ19 وجزء كبير من القرن الـ20، كان بوسع النقد الاجتماعي ومقترحات التغيير الاجتماعي أن تعتمد على تلك الصورة العضوية، لأنها جعلت وجود السلطة ظاهرًا بصفتها منسقة مفاصل المجتمع.
من ناحية أخرى، افترضت تلك الأفكار وجود كلٌ متجانس تاريخيًا، رغم أن الاستعمار قد فصَّل نظامًا لم يكن متجانسًا. ولكن لم يكن الجزء المُستَعمَر متضمنًا جوهريًا في هذا الكل. من المعروف أن مقولات «الإنسانية» و«المجتمع» في أوروبا النهضة لا تمتد إلى الشعوب غير «الغربية»، أو تمتد إليها فقط بصورة شكلية، بمعنى أن هذا الاعتراف لم يكن له آثار عملية. وفي جميع الأحوال، وفقًا للصورة العضوية للكل، كانت أوروبا هي الجزء الحاكم، وهي مخ الكائن الحي في المجمل، وكانت النظرة نفسها تُوجه كذلك إلى الأوروبيين في كل جزء مُستَعمَر من العالم. إن الكلام الفارغ المعروف عن الشعوب المُستَعمَرة بصفتها «عبئًا على كاهل الرجل الأبيض» (white man’s burden) يتصل مباشرةً بتلك الصورة.
وهكذا أخيرًا، افترضت تلك المفاهيم عن الكُل التي طوّرت صورة للمجتمع بصفته بنية مغلقة، وتتفصَّل داخل نظام تراتبي، وتترابط أجزاؤها عبر علاقات وظيفية؛ افترضت منطقًا تاريخيًا وحيدًا للكُل التاريخي، كما افترضت عقلانية تتضمن إخضاع كل الأجزاء إلى هذا المنطق الوحيد للكُل. تؤدي هذه الفكرة إلى تصور المجتمع في صورة ذات كُلية جامعة تاريخية، تتمتع بعقلانية تاريخية وبقانونية تسمح بالنظر مسبقًا إلى تصرف الكُل وجميع أجزائه، وتسمح بالنظر إلى الاتجاه والغاية من تطوره عبر الزمن. جسَّد الجزء الحاكم للكُل هذا المنطق التاريخي بشكل ما، وهو أوروبا بالنسبة للعالم الاستعماري في هذه الحالة. ليست إذن مفاجأة أن التاريخ كان مصورًا وكأنه تسلسل يتطور بين البدائي والمتحضر، بين التقليدي والحديث، بين الوحشي والعاقل، بين ما سبق الرأسمالية والرأسمالية نفسها، إلخ. وليست مفاجأة أيضًا أن أوروبا تصورت نفسها كمرآة المستقبل بالنسبة لجميع المجتمعات والثقافات الأخرى، باعتبارها الحالة المتقدمة لتاريخ مجمل الجنس البشري. ولكن في جميع الأحوال، يبقى مفاجئًا أن أوروبا قد نجحت في فرض هذا السراب على كل الثقافات التي استعمرتها تقريبًا، بل والأكثر من ذلك، أن هذا الوهم يبقى جذابًا إلى هذا الحد وبالنسبة لهذا العدد من الناس.
إعادة التكوين المعرفي: إزالة آثار الاستعمار (descolonización)
تتعرض فكرة الكُل في العموم للمساءلة وتواجه اعتراضًا في أوروبا حاليًا، ليس فقط من قبل الإمبيريقيين الدائمين، بل أيضًا من قبل تيار فكري كامل يُدعى بـ«ما بعد الحداثة». في الواقع، إن فكرة الكُل نتيجة الحداثة في أوروبا. وكما سبق، يمكن إثبات أن الأفكار الأوروبية عن الكُل أدت إلى الاختزال النظري وإلى ميتافيزيقا الذات الكُلية التاريخية. وكانت تلك الأفكار مرتبطة أيضًا بممارسات سياسية غير مرغوب فيها، في صدد حلم العَقلنة الكاملة للمجتمع.
ولكن ليست هناك ضرورة لإنكار فكرة الكُل إطلاقًا حتى نتخلص من الأفكار والتصورات التي أدت إلى تطور هذا المصطلح في الحداثة الأوروبية. ما علينا أن نفعله هو شيء مختلف للغاية، وهو تحرير إنتاج المعرفة والتفكير والتواصل من مخالب الحداثة العقلانية الأوروبية.
خارج «الغرب»، أي في جميع الثقافات المعروفة تقريبًا، يرتبط أي خيال وأي رؤية للكون وأي إنتاج منهجي للمعرفة بوجهة نظر ما عن فكرة الكُل. ولكن في تلك الثقافات، يتضمن المنظور المعرفي للكُل اعترافًا بتعددية الواقع مهما كان، فهو متناقض وغير قابل للاختزال. ويتضمن هذا المنظور أيضًا اعترافًا بشرعية الطابع المتنوع لمكونات الواقع مهما كان، وحتى استحباب هذا الطابع، وكذلك في حالة الواقع الاجتماعي. ورغم ذلك، فلا تنكر فكرة الكُل الاجتماعي تحديدًا التنوع والتعدد التاريخي للمجتمع، أي مجتمع، بل تستغيث به. بعبارة أخرى، إنها لا تنكر فكرة «الآخر» المتنوع المختلف، بل تستدعيها. وبالتالي فلا يتضمن هذا الاختلاف بالضرورة أن الآخر يتسم بطابع غير متساوٍ وأن العلاقات بالتالي ستظل خارجية في المطلق، ولا يتضمن عدم المساواة الهرمية مع الآخر أو دونيته الاجتماعية. ليست الفروق أساسًا حتميًا للتسلط. هكذا ولهذا السبب، تتضمن التعددية التاريخية البنيوية هنا حضورًا مشتركًا وتفصيلًا لأكثر من «منطق» تاريخي يدور حول منطق معين، وهو المنطق المهيمن، ولكنه ليس بأي حال من الأحوال المنطق الوحيد. وهكذا يُغلق الطريق إلى أي اختزال وإلى ميتافيزيقا الذات الكُلية التاريخية القادرة على العقلانية في حد ذاتها وإلى الغائية التاريخية، والتي لن يحملها بالكاد إلا بعض الأفراد والمجموعات المحددة مثل الطبقات، ولن يصبحوا رُسلها.
لا بد من نقد المنهج الأوروبي للحداثة العقلانية، وهذا النقد طارئ. ولكن نشك في أن السبيل إلى ذلك يقتضي الإنكار البحت لجميع مصطلحاتها، وتذويب الواقع داخل الخطاب، والإنكار التام لفكرة ووجهة نظر الكُل في المعرفة. بعيدًا عن ذلك، لا بد من التخلص من ارتباط الحداثة العقلانية بالكولونيالية أولًا، وارتباطها أخيرًا بأي سلطة لا تتشكل عبر القرار الحر لأناس أحرار. إن توظيف العقل في سبيل الحكم – والحكم الاستعماري في المقام الأول – هو ما ينتج المناهج المشوهة للمعرفة، ويفسد وعود الحداثة التحررية. إذن فالبديل واضح، وهو تدمير كولونيالية السلطة العالمية. أولًا، يجب إزالة آثار الاستعمار المعرفي للسماح بمرور تواصل جديد بين الثقافات، وتبادل للخبرات والمعاني كقاعدة أساس لعقلانية أخرى تستطيع أن تطالب بالحق في كونية ما. ففي نهاية الأمر، ليس هناك شيءٌ أقل عقلانية من الادعاء بأن الرؤية الكونية الخاصة بإثنية محددة ينبغي أن تُفرض على الجميع بصفتها العقلانية الكونية، مهما كان اسم تلك الإثنية «أوروبا الغربية»، لأنه في الحقيقة ادعاء إقليمي بالاستحواذ على لقب الكونية.
يؤدي تحرر العلاقات بين الثقافات من سجن الكولونيالية أيضًا إلى حرية جميع البشر، وهي حرية الاختيار الفردي أو الجماعي للانضمام إلى تلك العلاقات، وحرية الاختيار بين الاتجاهات الثقافية المتعددة، وخاصةً حرية الإنتاج والنقد والتغيير والتبادل في الثقافة والمجتمع. إنها الجزء الأخير من عملية التحرر الاجتماعي من كل السلطات المبنية على عدم المساواة والتمييز والاستغلال والتسلط.
[1] يشير الكاتب هنا إلى مجموعة من الشعوب التي كانت تسكن القارة الأمريكية قبل غزو كريستوفر كولومبوس لجزيرة هيسپانيولا (هايتي والجمهورية الدومينيكية حاليًا) عام 1492. الأزتك اسم شعب يتحدث لغة الناهواتل (nahuatl) ويتمركز في وسط المكسيك الحالي، وعاصمتهم تنوشتيتلان (Tenochtitlán) في موقع مدينة مكسيكو الحالية، والتي كانت من أكبر مدن العالم قبل غزو هرنان كورتيس (Hernán Cortés) عام 1519. والمايا هم مجموعة من الشعوب التي سُميت كذلك بحكم حضارتها ولغتها المشتركة، وهم متمركزون (كما هو الحال بالنسبة لأحفادهم الحاليين) في شبه جزيرة اليوكاتان (Yucatán) بالمكسيك. أما التاوانتينسويو، فهي إمبراطورية الشعوب المعروفة باسم «الإنكا» في الأدبيات الأوروبية والعربية المترجمة، وهم مجموعة من الشعوب التي كانت تسكن جبال الأنديس (Andes) بين الإكوادور وپیرو الحاليين، وكانت تخصع لحكم إمبراطور يُسمى بـ«الإنكا»، وعاصمتهم كوسكو (Cusco) في پیرو الحالية. انهارت إمبراطورية التاوانتينسويو عقب غزو كلاوديو پبیسارو (Claudio Pizarro) عام 1533، مما جعل كيخانو يقول إن إبادة شعوب القارة الأمريكية (الوسطى والجنوبية بالتحديد) قد امتد لحوالي 50 عامًا، أي بين نهاية القرن الـ15 بعد غزو كولومبوس وبداية القرن الـ16 بعد غزو پيسارو. (هامش المترجم)
[2] غالبًا ما يشير الكاتب هنا إلى فرانسيسكو دي ڤيتوريا (Francisco de Vitoria, 1483-1546) وفرانسيسكو سواريس (Francisco Suaréz, 1548-1617)، وهما من فلاسفة وعلماء اللاهوت الكاثوليكيين الذين ضمتهم مدرسة فكرية تُدعى «مدرسة سالامانكا» (Escuela de Salamanca)، والتي قدمت تحديثات في الفكر القانوني والاقتصادي الكاثوليكي إثر الغزو الأسباني للقارة الأمريكية. (هامش المترجم)
[3] هنري دو سان سيمون (1760-1825) هو منظر اجتماعي اشتهر عبر كتاباته عن المجتمع الصناعي النامي في أوروبا في بدايات القرن الـ19، وأثر أتباعه في تطور الحركة الاشتراكية الأوروبية بعد وفاته. (هامش المترجم)
[4] منينيوس أجريپا (توفي 493 ق. م.) هو قنصل روماني اشتهر بانتصاره على شعب السابيين وبخطابه إلى العوام أثناء «انسحاب العوام» الأول (secessio plebis) في عام 494 قبل الميلاد، والذي رواه المؤرخ تيتوس ليڤيوس، ويشير إليه كيخانو هنا. (هامش المترجم)
[5] كارل كاوتسكي (1854-1938) هو فيلسوف صاحب مجموعة مؤلفات عن النظرية الماركسية، واشتهر بنقده للثورة البلشفية. (هامش المترجم)
[6] خايمي پاس سامورا (1939-) هو مؤسس حزب حركة اليسار الثوري (Movimiento de Izquierda Revolucionario) في بوليڤيا عام 1971، وأصبح نائبًا لرئيس بوليڤيا بين عامي 1982 و1984، ورئيسًا بين عامي 1989 و1993. (هامش المترجم)