أصبحت عُرَى الأزرار مهترئة
رُقَعٌ متقنة هنا وهناك – ولكن الملابس
ما زالت تبدو كأنها جديدة. بحرص
كان يضعها على مقعد كل مساء

تأسست مسابقة "ترجمة الشعر الإيطالي" عام 2018 بشكل عام في المكسيك على يد المترجمة باربرَا بيرتوني Barbara Bertoni (إيطاليا)، والشاعر والمترجم ڤانِّي بيانكوني Vanni Bianconi (سويسرا) والشاعر فابيو مورابِتو Fabio Moràbito (المكسيك)، وكانت في البداية تستهدف الترجمة من الإيطالية إلى الإسبانية فقط.

وتطورت مسابقة ترجمة الشعر التي تحمل اسم بيت من أشهر الأبيات الشعرية للشاعر الإيطالي أونجاريتي وهو M’illumino d’immenso لتصل إلى 4 مسابقات إلى يومنا هذا باللغات العربية والإسبانية والبرتغالية بالإضافة إلى مسابقة ترجمة من الإسبانية إلى الإيطالية. وقد تشكلت لجان الحكم في مختلف المسابقات من عدد من المتخصصين وصل عدد جنسياتهم إلى 11 جنسية.

أما فيما يخص النسخة العربية هذا العام فقد تشكلت اللجنة من 4 محكمين وهم: الشاعرة السورية مرام المصري، وأستاذ اللغتين الإيطالية والإسبانية المغربي الرداد شراطي، والباحث ومدرس اللغة العربية وآدابها الإيطالي ألدو نيكوسيا، والأكاديمي المصري إسلام فوزي.

شارك في هذه النسخة الرابعة من الجائزة 17 متسابقًا، تتراوح أعمارهم بين 21 و65 عامًا، مقيمين في 4 بلاد مختلفة (مصر، وإيطاليا، ولبنان، وتونس).

وبعد فحص دقيق ومتأنٍ، قررت لجنة الحكم، بإجماع الآراء، منح الجائزة للترجمة رقم 7، التي بالرجوع إلى ملف بيانات المتسابق، اتضح أنها للأستاذة فاطمة الزهراء عبد الله.

وفاطمة الزهراء عبد الله مدرس مساعد بقسم اللغة الإيطالية بجامعة القاهرة في مصر. وحصلت على شهادة الماجستير في فقه اللغة الحديث بجامعة روما (لا سابيينسا). فازت بجائزة كشاف المترجمين من المركز القومي للترجمة بمصر في نسختها الثالثة وذلك عن ترجمتها من العربية إلى الإيطالية عام 2023. فازت بالجائزة الأدبية إنيرجيا مصر عام 2022. وفازت بالجائزة الخاصة بالمترجم الشاب بمسابقة M’illumino d’immenso للترجمة من الإيطالية إلى العربية عام 2020.

وبذلك ننشر الترجمة الفائزة لفاطمة الزهراء عبد الله للقصيدتين، موضوع المسابقة، وهما "ملابس وأجساد" للشاعر الإيطالي چوڤانّي چوديتشِه، و"اللاسعات (مقطع)" للشاعرة السويسرية لاورا أتشيربوني.


چوڤاني چوديتشي، عن internopoesia

ملابس وأجساد

أصبحت عُرَى الأزرار مهترئة
رُقَعٌ متقنة هنا وهناك – ولكن الملابس
ما زالت تبدو كأنها جديدة. بحرص
كان يضعها على مقعد كل مساء – بغض النظر
عن حالته المزاجية أو تذمر
زوجته الذي كان يؤرقه.

ومعها كان يضع الدقات
التي تحدد أيامه ولياليه من ساعة
الجيب ذات الصليب
السويسري والخلفية الحمراء – رمز
الدقة المثبت داخل علبة من الكريستال
مبطنة بغطاء مخملي
في انتظار آثار تكاد لا تُرى.

كانت الملابس تدوم لسنوات:
الأسود والرمادي وآخر ذو خطوط متعرجة.
لكلٍ صُدرة تتدلى عليها بالنهار
سلسلة تبدو من الألماس
تصل بين العُرْوَة والساعة داخل الجيب.
في بعض الأمسيات كان يثمل من النبيذ
ويخلع ملابسه أثناء النوم متطلعًا نحو الصباح.

ولكنه كان يستيقظ نشيطًا كما أفعل أحيانًا
الآن وأنا ربما أفوقه عمرًا،
حيث كنت أراقبه يجمع بقاياه:
السترة الوقورة والسروال
ذا الثنية المثالية. لماذا
لا نذكر أيضًا الزخارف الوردية على اللباس الداخلي؟
وكذلك الياقة المُنَشّاة؟

كان يعود شابًا من جديد
كلما استيقظ – حليق الذقن وهادئًا
ومشرق اللون عند نهوضه من النوم
حيث كانت تتلاشى الشعيرات الدموية من خديه.
ما أروع الملبس
الذي يتجدد كل يوم، ويستعيد رونقه
من إصرار روح الشباب!
الأسود والرمادي وآخر ذو خطوط متعرجة
ورابع ورثه عن قريب له
مُتَوَفّى: كانت الملابس تدوم لسنوات.

كنت أراقبها صباحًا تلو الآخر
كما أراقبه جامدًا أمام كل شيء:
أمام مرور الزمن
وأمام شرور الدائنين.

چوڤاني چوديتشي،  شرور الدائنين، ميلانو، موندادوري، 1977.


اللاسعات (مقطع)

مساحات
قبل كل شيء
لها ألوان فريدة
صالحة للسكن
تم بناؤها
على ارتفاع عالٍ تقريبًا
 في اتجاه ما
ليس للداخل
مساحات
تنزلق
بمقدار مليمترات
هائلة
وعندما تعجز
فإنها تدهس

*

الأحمر
يستعيد
التيارات
يبتلعها
وهو مضغوط
مباشرة فوق
الأبيض
المخرج الأخير
ليس للطوارئ
مستوٍ
يطور
أجزاء ضئيلة
ويصنع منها أكوام
ثم
مساحات

الرمادي
يتدفق
يرتفع على طول المخرج
وقد ملأ الجدار
عالق في الماء
وفي الأسمنت
كتلة ساكنة
دافئة
رمادية
لا تومض
تتحدث
بإرشادات مبهمة
في اتجاه
الخارج
تتحدث

*

الأصفر
يزدهر
في ضوء
أقل
يتفرع
يمتص ما يكفيه
من الضوء
يبدو أسود
وباستخلاصه
من الماء
يصبح أصفر
قائلًا
فلتنطفئ مجددًا

*

الأسود
يتمدد
على طول السطح
مستوٍ
غشاء
يُقاس بالأجسام
ينزلق
بمقدار أمتار
بدءًا
من الأعلى
فقط لنا
زوايا
مخارج
في صُدُوع
واضحة

*

تحللت
في المرة الأولى
وفي الثانية
أصبحت
كالصخرة
مياه ثقيلة جدًا
ترسبت
في الأعماق
– قم بتفتيتها
كان يقول
الآخر
في الأعلى
– مرجانيات
كان يفكر
مزيد من المرجانيات

*

آلاف اللوامس
وآلاف الأفواه
صورة من السكون
حتى المنازل الأخيرة
قد غمرتها المياه
– ألا ترى الدمار؟ –
اسأل
ليست
الهاوية هي التي ترد
بينما تتسع
بل
الصبغة الحمراء
للطحالب
نحن
بين ضوء
وآخر
بين السطح
وما تحته

لاورا أتشيربوني، ما قبل الماء وما بعده، تورينو، إيناودي، 2024.