في النهاية سيكون على كيم القيام بالاختيار والقرار. "أنا لست سيدًا"، يقول كيم لمعلمه، "أنا تابعك"، بإمكان كيم أن يكون ملكًا في ظل الاستعمار البريطاني بمدافعه وأسلحته ولكن بطلنا قد حدد بالفعل أين يقبع ولاؤه.
كيم لروديارد كيبلنج
مقال روبرت مكروم
ترجمة: أحمد طارق أبو دنيا
عن كتاب "أفضل مئة رواية في اللغة الإنجليزية" الصادر عن كتب مملة بالتعاون مع دار هن للنشر والتوزيع
تمتلك رواية كيم –تحفة كيبلينج- إحدى أروع الجمل الافتتاحية في هذه السلسلة:
"جلس بجانب مدفع زمزمة مطيعًا لأوامر رجال الدين، ذلك المدفع القائم فوق قاعدة من الطوب مقابل مبنى آجايب جار (قصر العجائب) والذي يسميه السكان المحليون متحف لاهور، من يسيطر على مدفع زمزمة، يسيطر على إقليم البنجاب لأن تلك القطعة البرونزية ذات اللون الأخضر دائمًا من مغانم الغازي".
الجالس في الجملة السابقة اسمه كيمبل أوهارا (كيم)، وهو طفلٌ يتيمٌ يحيى حياةً من النبش والالتقاط في الهند القابعة تحت وطأة الانتداب البريطاني في نهاية القرن التاسع عشر. والحرب المسماة اللعبة العظمى كانت على وشك البدء بينما ذكريات الحرب الأفغانية لا تزال طازجة في الأذهان (باللعبة العظمى أعني المنافسة بين بريطانيا وروسيا في وسط آسيا والتي حدثت فيما يعرف الآن بآفباك). إن بعض فقراتٍ من هذه الرواية تكاد أن تكون قد كتبت في السنة الماضية. إن كيم كما عبر عنه كيبلينج هو ولدٌ جامحٌ قد حرقت الشمس بشرته لدرجة أن قليلين فقط يستطيعون تخيله كولدٍ أبيض البشرة أو حتى يعلمون أن والده كان شاويشًا في فرقة مافريكس الإنجليزية أو أن أمه كانت فتاةً أيرلندية فقيرة اختطفتها الكوليرا اللعينة. وهكذا فإن كيم يمثل التقاء الشرق بالغرب (هوسٌ مهم عند كيبلينج) وتلك الازدواجية الإثنية هي ما سيتم استغلاله في الحرب السرية بين الهند وروسيا، تلك الحرب التي تمثل خلفيةً للرواية.
تأسر رواية كيم ذهن القارئ من خلال ثلاث طبقاتٍ متباينة، فهي في البداية تاريخٌ أدبيٌّ لطفولة كيبلينج الشخصية، إذ كان والده جون لوكود كيبلينج هو أمين متحف لاهور الذي سبقت الإشارة إليه، ثانيًا تحكي الرواية عن مغامرة من نوع كان مشهورًا ويحظى بصيتٍ جيد في أوج عظمة الإمبراطورية البريطانية (انظر أيضاً أعمال جي. آيه هينتي والذي يغيب عن هذه القائمة). أخيرًا والأكثر أهمية، إنها تكشف قصة حياة طفل الذي خلال اختبار الحرب وجد نفسه وسطها ينظر ببصيرةٍ نافذةٍ إلى ميراثه المزدوج بين الشرق والغرب. يمثل مفتاحُ هذا الخيط من الرواية -الذي يقبع في الظل والخلفية لقصة جاسوسيةٍ شيقة- صداقةٌ سوف تجمع كيم بحكيمٍ قديم من التبت والذي سيأخذه في رحلة للبحث عن نهرٍ مقدس يدعى نهر السهم العظيم. سيصبح كيم تابعًا ومساعدًا لمعلمه التبتي الذي سيصحبه في رحلته بينما وفي نفس الوقت سيحاول كيم التعلُّم في مدرسةٍ حكومية تحت رعاية أستاذه التبتي نفسه والذي سينفق على تعليم كيم من ماله. في النهاية سيكون على كيم القيام بالاختيار والقرار. "أنا لست سيدًا"، يقول كيم لمعلمه، "أنا تابعك"، بإمكان كيم أن يكون ملكًا في ظل الاستعمار البريطاني بمدافعه وأسلحته ولكن بطلنا قد حدد بالفعل أين يقبع ولاؤه.
ملحوظة حول النص
صدرت رواية كيم في نهاية عصر الملكة فيكتوريا وبصدورها يؤرخ الكاتب للنزع الأخير لتقليدٍ قديمٍ في النشر كان يحيا حينها آخر سنواته. ظهرت في البداية مُسلسلة في مجلة مكلاير من ديسمبر 1900 حتى أكتوبر 1901. كذلك وبسبب شهرة كيبلينج نشرت في مجلة كاسل من يناير 1901 حتى نوفمبر من نفس السنة. ثم نشرت كاملة في كتاب واحد بواسطة ماكميلان وشركاه مع رسوم توضيحية بواسطة إتش.آر ميلر. تظهر كيم باستمرار على قوائم الروايات الكلاسيكية. في عام 1998 كانت رقم 78 على قائمة جوردن ليبرايري لأفضل مائة رواية إنجليزية في القرن العشرين وظهرت كذلك في العام 2003 على قائمة تصويتات القراء الخاصة بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.