اختار الصحفي والناقد الإنجليزي روبرت مَكروم قائمتين لأفضل مائة عمل سردي وأفضل مائة عمل غير سردي باللغة الإنجليزية، وكتب مقالًا يخص كل عمل منهم. نترجم في هذه السلسلة بعض هذه المقالات.

عصر البراءة لإديث وارتون (1920)

مقال لروبرت مكروم

ترجمة: محمود راضي

نُشر بموقع الجارديان في 28 يوليو 2014

الترجمة خاصة بـ Boring Books

يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.


من فيلم عصر البراءة (1993)، عن bigger than life

ربما تكون إديث وارتون (من نسب نيوبولد جونز) المولودة لعائلة نيويوركية ثرية وعريقة في العام 1862 هى أعظم روائية كتبت عن مدينة كبرى. من رواية «بيت الترف» (1905) إلى «عُرف الريف» (1913) وصولًا لرائعتها عصر البراءة، كان موضوع وارتون هو المشهد المتغير لمدينة نيويورك، ونقاط ضعف نخبها المعاصرة، وطموحات «اﻷناس الجدد» الذين شعرت أنهم يهددون ثقافتها التقليدية. كانت وارتون أيضًا مقربة من هنري جيمس الذي وصفته أنه «ربما يكون أكثر صديق حميم حظيت به، رغم اختلافنا الشديد على كثير من اﻷصعدة». منذ العام 1900 حتى نهاية الحرب العظمى، هيمنت أعمال جيمس ووارتون معًا على اﻷدب اﻷمريكي.

تروي عصر البراءة قصة زواج مرتقب في المجتمع الراقي، والتهديد للثنائي السعيد من جراء ظهور سيدة مغوية وفاتنة بينهما، وهي قريبة العروس. «نيولاند آرتشر» (وفي الاسم تحية إلى إيزابيل آرتشر بطل رواية جيمس)[1] محام لامع يتطلع لزواجه من ماي ويلاند الخجولة والرقيقة والمستكينة. لكنه حين يقابل الكونتيسة إلين أولنسكا التي انفصلت بفضيحة عن زوجها اﻷوروبي وهو كونت بولندي، يقع في حبها يائسًا ويهدم زواجه من ماي بسبب الفشل في فصم علاقته مع الكونتيسة. في ذات الوقت، ومع انعطافة اعتيادية من وارتون، قد تكون عروس نيولاند آرتشر خجولة، لكنها عازمة على الزواج من خطيبها واستغلال كل النفوذ في المجتمع النيويوركي من أجل إخضاعه.

تشكلت التراجيديا الاجتماعية لزواج نيولاند آرتشر غير السعيد من انهيار زيجة وارتون نفسها، وهي أزمة استحضرها انهيار زوجها العصبي الحاد. مع ذلك حصلت وارتون على الطلاق بحلول العام 1913، وصارت حرة في اسكتشاف مواهبها الأدبية.

ومثلما كان الحال مع سائر رواياتها النيويوركية، مثَّلَت «عصر البراءة» تعليقًا ساخرًا على قسوة ونفاق مجتمع مانهاتن قبل وأثناء وبعد الحرب الكبرى. الغريب أنها حين فازت بجائزة البوليتزر في العام 1921، امتدحتها لجنة التحكيم بفضل كشفها عن «المناخ الصحي للحياة اﻷمريكية والمعايير الفائقة للأخلاق والرجولة اﻷمريكية».

اليوم، ورغم عدم قسوة تحليلها مقارنة برواية «بيت الترف»، تقف رائعة وارتون الحديثة مثل اتهام ضارٍ لمجتمع منسلخ عن الثقافة وفي حاجة ماسة لشيء من الحساسية اﻷوروبية. شغلت تلك القضية الكتاب اﻷمريكيين منذ واشنطن إيرفنج وميلفيل وهاوثورن. ويقول بعض النقاد إنها إشكالية لم تُحل حتى اليوم.

ملاحظة على النص

استلهمت الرواية الثانية عشر ﻹديث وارتون «عصر البراءة» عنوانها من لوحة لفتاة صغيرة للفنان جوشوا رينولدز في العام 1785، ونُشرت مسلسلة في أربعة أجزاء خلال العام 1920  في ذا بيكتوريال ريفيو. ظهرت لاحقًا في كتاب من إصدار الناشر اﻷمريكي دي آبلتون وشركاه بنيويورك. في العام 1921، باتت عصر البراءة أول رواية تكتبها امرأة وتفوز بجائزة البوليتزر.

ألهم الكتاب العديد من المعالجات السينمائية والتليفزيونية والمسرحية، أحدثهم في العام 1993، حيث أخرج مارتن سكورسيزي نسخة سينمائية من بطولة ميشيل فايفر في دور الكونتيسة إلين أولنسكا، ودانيال داي لويس في دور نيولاند آرتشر، ووينونا رايدر في دور ماي ويلاند آرتشر.


[1] الرواية المقصودة هى The Portrait Of A Lady للكاتب اﻷمريكي هنري جيمس