قائمة مكروم | فرانكنشتاين لماري شيلي (1818)

اختار الصحفي والناقد الإنجليزي روبرت مَكروم قائمتين لأفضل مائة عمل سردي وأفضل مائة عمل غير سردي باللغة الإنجليزية، وكتب مقالًا يخص كل عمل منهم. نترجم في هذه السلسلة بعض هذه المقالات.

 فرانكنشتاين لماري شيلي (1818)

مقال روبرت مكروم

نشر في الجارديان، 11 نوفمبر 2013

ترجمة: نرمين أحمد عبد المحسن

الترجمة خاصة بـ Boring Books

تحتفظ المترجمة بحقها في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتها دون إذن منها.


فرانكنشتاين، من الفيلم المنتج عام 1931

كان صيف عام 1816 غزير الأمطار. بعدما اندلع في أبريل عام 1815 بركان كارثي بجبل تامبورا في جزيرة سومباوا، وهي جزء مما يعرف الآن بإندونيسيا. تحول طقس العالم إلى البرودة والرطوبة والبؤس. في فيلا صيفية على شواطئ بحيرة جنيف، جلس شاعر إنجليزي شاب وحبيبته، ضيفين لشاعر آخر ، محبطين من الأحداث الخارجية، يناقشون بشاعة الطبيعة ويتأملون موضوع «الجلفانية»[1] الرائج. هل من الممكن إعادة إحياء الجثث؟

كانت الفيلا تخص الشاعر بايرون. الشاعر الآخر كان شيلي. مع زوجته المستقبلية، ماري شيلي، (التي ولدت باسم جودوين)، البالغة من العمر 19 عامًا والتي فقدت طفلها فى ولادة مبكرة، وكانت في حالة من الضيق. استهلم بايرون من بعض قراءات الحكايات المنزلية الخارقة، واقترح على كل مشارك في الجمع أن يكتب قصة مرعبة لتزجية الوقت. نادرًا ما تجتمع هذه الظروف الملائمة التي أدت لبدء كتابة العملي الكلاسيكي القوطي والرومانسي الذي يسمى «فرانكنشتاين»، الرواية التي يعتبرها البعض بداية ظهور أدب الخيال العلمي، ويعتبرها البعض الآخر تحفة من الرعب والهلع. في الواقع إنه في الوقت نفسه أكثر أو أقل مما يوحي به هذين القالبين.

في البداية، تخوفت ماري شيلي من تحدي بايرون. ثم قالت إن حلمًا راودها عن عالِم  «يعيد» الحياة من العظام التي جمعها من مبنى حفظ عظام الموتى: «رأيت -بعينين مغلقتين، ولكن برؤية عقلية حادة- رأيت طالب الفنون المحظورة الشاحب راكعًا بجانب الشيء الذي جمعه. رأيت رجلًا بشعًا ممددًا، وبعد تشغيل محرك قوي، دبَّت فيه معالم الحياة، وبدأ يتحرك بصعوبة، شبه حركة حية».

هكذا يصير العالِم فيكتور فرانكنشتاين خالق الوحش الذي حمل اسمه في الثقافة الشعبية. صيغت قصة فرانكنشتاين -التي خلدت في المسرح والسينما- بمراسلات الكابتن روبرت والتون، مستكشف القطب الشمالي، الذي أنقذ العالِم التعيس من المجاهل القطبية، وبدأ في تسجيل قصته العجيبة. نسمع كيف يحاول الطالب الشاب فيكتور فرانكنشتاين أن يخلق حياة، يقول: «من خلال وميض ضوء خافت، رأيت العين الصفراء االباهتة للمخلوق مفتوحة، تنفس بصعوبة، وتحركت أطرافه متشنجة».

لا ننسى أن فرانكنشتاين أطلق العنان لقوى خارجة عن إرادته، وأطلق سلسلة طويلة ومأساوية من الأحداث التي جعلته على حافة الجنون. أخيرًا، يحاول فيكتور تدمير هذا المخلوق، لأنه يدمر كل شيء يحبه، وتصبح القصة قصة صداقة وغطرسة ورعب. سرد فرانكنشتاين، الذي يمثل لب حكاية شيلي، ينتهي بمطاردة العالم اليائسة لمخلوقه المتوحش إلى القطب الشمالي. تنتهي الرواية بتدمير كل من فرانكنشتاين ومخلوقه «الضائعين في الظلام».

العنوان الفرعي لرواية فرانكشتاين هو «برومثيوس الحديث» وهي إشارة إلى عملاق الأساطير اليونانية الذي أمره زيوس بخلق البشر. كان هذا هو المصدر المهيمن فى الكتاب الذي تأثر بشدة أيضًا بقصيدتي «االفردوس المفقود» و«قصيدة البحار العجوز»[2].

ماري شيلي، التي كانت والدتها هي المدافعة عن حقوق المرأة، ماري ولستونكرافت، تشير أيضًا بشكل متكرر إلى أفكار الأمومة والإبداع. ومع ذلك، فإن الموضوع الرئيسي للكتاب هو الطرق التي يتلاعب بها الإنسان بسلطته، من خلال العلم، ليغير مصيره.

من الواضح أن فرانكشتاين مختلف وأكثر تعقيدًا من التفسيرات المباشرة. كانت المراجعات الأولى مختلطة. مهاجمة الـ «السخافة المقرفة» كما أشار أحد النقاد. لكن القصص النموذجية عن الوحوش وخلق الخوارق (كـ «دراكولا» لبرام ستوكر و«دوريان جراي» لوايلد، و«جيكل وهايد» لستفنسن) خلبت لب القراء فورًا.

أعدت  الرواية مسرحيًا في وقت مبكر من عام 1822 وأشاد والتر سكوت بـ «عبقرية الكاتبة الأصيلة وقوة التعبير المبهجة». لم يتوقف الكتاب عن الطبع؛ وظهرت للتو نسخة صوتية قرأها دان ستيفنز، من إصدار شركة «أوديبل» التابعة لـ «أمازون».

ملاحظة على النص

الإصدار الأول من «فرانكشتاين أو برومثيوس الحديث» نشر باسم «مجهول» على ثلاثة مجلدات، عن دار «لاكينجتون، هيوز، هاردينج، مافور، جونز» فى 1 يناير عام  1818. أما الإصدار الثانى ظهر عام 1822  للاستفادة من نجاح الإصدار الأول. نتوقع أن الإصدار الثالث المنقح ظهر عام 1831، وهنا أشادت ماري شيلي بزوجها الراحل «رفيقي الذي لن أراه في هذا العالم أبدًا»، وتكشف أن المقدمة الأولى للرواية كتبها شيلي نفسه. وهذا هو النص المقروء عادة اليوم.

إصدارات أخرى لماري شيلي

«الرجل الأخير»، المنشور في عام 1826 وهو ديستوبيا، تصف إنجلترا بأنها جمهورية ولديها جنس بشري يُدَمَر بسبب الطاعون. تستكشف شيلي أيضًا موضوع الوحشية النبيلة في «لودور» (1835). كتبت قصة الأطفال «موريس» عام 1820، وأعيد اكتشافها عام 1997، وأعيد نشرها عام 1998.


[1] هذا الاسم ينبع من عمل لويجي جالفاني (1737-1798)، العالم الإيطالي. ظاهرة تشير إلى التيار الكهربائي قادر على تحريك عضو ميت

[2]  «الفردوس المفقود»، قصيدة الشاعر الإنجليزي جون ميلتون (1608-1674). قصيدة «البحار العجوز» هي قصيدة الشاعر الإنجليزي صمويل كولريدج (1772-1834).