الفن بوصفه سلعة

الفصل الثاني من كتاب «حول القيمة (الفائضة) للفن» لديرديش ديدريشسن، نُشر عام 2008*

ترجمة: سارة إبراهيم وسلسبيل صلاح ومريم سليمان

*ديدريش ديدريشسن (1957): ناقد ثقافي ألماني وصحفي موسيقي يختص بالكتابة في موضوعات متعلقة بالفن والسياسة والثقافة الشعبية. وكتابه «حول القيمة (الفائضة) في الفن» تطبيق للنظرية الماركسية في فائض القيمة من أجل عقلنة خلق القيمة في الفن المعاصر.

جرت الترجمة كجزء من نشاط الملتقى البحثي لبرنامج «المصالح بتتصالح».

خاص بـ Boring Books

تحتفظ المترجات بحقوقهن في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتهن دون إذن منهن


الكوميديان لموريسيو كاتيلان
الكوميديان لموريسيو كاتيلان، عن artnet

أي سلعة هي سلعة «الفن»؟ وكيف تنتجها اليد العاملة؟ من يجني منها الربح وكيف؟ وهل هذا الربح فائض قيمة (Mehrwert)؟ بدلًا من النظر للفن بصفته مهنة ومقارنة فن بفن آخر أود الانتقال للنظر في الجانب الاقتصادي أو إن صح التعبير «نظرية القيمة» في إنتاج الفن المعاصر، أو على الأقل النوع الذي يُعرض في المعارض ويُباع في الأسواق. كيف تظهر «الحياة اليومية» لهذا اﻹنتاج الفني عند النظر إليها في ضوء التصنيفات الماركسية الكلاسيكية حاليًا للعمل والقيمة والسعر؟ في هذا الفصل، أود عرض كيف أن الاقتصاد الاستثنائي للفن إلى حد ما قائم على اقتصاد أكثر عادية. بالرغم مما يشكله العرض من منظور التصنيفات الماركسية من تحدٍّ لكنه منظور مناسب أيضًا.

يجب علينا اﻵن التفرقة بين عمليتين من نوعين مختلفين: (1) القيمة اليومية للسلعة الفنية وسعرها و(2) أسعار المضاربة وعلاقته بالقيمة؛ وتعتبر الأخيرة ما يفكر فيه الناس عادة عندما يتحدثون عن الفن بصفته سلعة. بالطبع لا يمكن الفصل بين الاثنين بدرجة كبيرة، فأي شيء ذو قيمة يومية كسلعة يُمكن نظريًا أن يصبح مادة للمضاربة، لكن معظم السلع المُتبادلة في التعاملات المالية في مجال الفنون البصرية لا تتضمن المضاربة في بادئ الأمر، بحيث تكون أكثر تماثلًا مع الاقتصاد التقليدي في عمليات الإنتاج والاستهلاك، والبيع والشراء.

يأتي تشكل القيمتين بطرق مختلفة. لكن تظل هذه الطرق مشتركة في مشكلة الإنتاج والتميز (3).

(1) تتحدد قيمة المنتج على أساس كم العمل الضروري اجتماعيًا لإنتاجه. قد يبدو من غير المعقول للوهلة الأولى تطبيق هذا التعريف الماركسي على قيمة الأعمال الفنية. ليس فقط في حالة الأعمال الفنية المعاصرة لكن أيضًا الأعمال الفنية الكلاسيكية التي أُنتجَت بالفعل من أجل السوق، فثمن قطعتين فنيتين قد يختلف اختلافًا هائلًا على الرغم من استغراق من رسمها أو نحتها الوقت ذاته في إنتاجها. لكن ليس هذا المقصود بالتحديد، فالثمن لا يساوي القيمة، بل بالعكس، فهو المظهر الكاذب للقيمة. فإدراك القيمة في عملية تبادل يُعبِّر عن مفهوم أنَّه في حين يعتمد السعر على شتى أنواع المتغيرات المختلفة، فالمنطق الحاكم في العلاقة بين السعر والقيمة سليم باﻷساس، بحيث يُمكن الحكم على الأسعار إن كانت معقولة أو غير معقولة.

لكن يُمكن للمرء الاعتراض أنه ما من داع لتحديد سعر أو حتى قيمة القطع الفنية بناءً على العمل الذي هو ضروري اجتماعيًا ﻹنتاجها، ومن الغريب أيضًا على السواء أن نستخرج قيمتها بهذه الطريقة، فكم الجهد المطلوب من الفرد في إنتاج عمل فني هو أمر شديد التفاوت، لكن ماركس يتحدث عن متوسط القيمة. قد يتفق المرء مع ذلك، لكن في حالة الفن الحديث فإن ذلك المتوسط قائم على معطيات فردية متباينة لا تتراكم في المنتصف وتسقط نحو الحافة، مثلما هو الحال في المتوسطات الكلاسيكية، لكن قد تخضع مثل كثير من الحدود القصوى في أي جهة مثلما تظهر النتائج في المنتصف. ومع ذلك، فإن حالة التفاوت الشديدة تلك لا تحدث إلا عندما يقيم المرء متوسط السعر على أسعار السوق الحالية وعدد ساعات العمل المطلوبة لإنجازه. لكن هذا نهج فاسد بالفعل، ليس فقط بالنسبة للفنانين بل أيضًا عند الأخذ بالاعتبار وظائف أخرى مثل أطباء الأسنان أو المهندسين. المسار الأنسب هو نأخذ في الاعتبار الاستثمار في التدريب والأنشطة الأخرى التي تعد جزءًا ضروريًا ليصبح شخص فنانًا، وإدراجها في حسابات العمل الفني الضروري اجتماعيًا أيضًا. ثم العديد من النواتج ستجمع في المنتصف، حيث سيزداد عدد ساعات العمل الضروري اجتماعيًا. والفروق بين الأجور التي يتم دفعها حاليًأ لن تبدو بهذا السخف، لأن العائد الكلّي مقابل ساعة عمل فردية سوف ينخفض بحدة.

في ضوء هذا المنطق، هناك مقياسان مثيران للاهتمام؛ أولًا، الوقت اللازم للطالب خارج مدرسة الفنون كي يصبح فنانًا، والثاني، سؤال كيفية تمويل الوقت المستهلك في مدرسة الفنون. في هذا المجال توجد فروق واضحة بين الثقافات، والدول، والمناطق المختلفة، لكن أيضًا بين أنماط الفنانين المختلفة.

المعيار الأول، الوقت غير المهدر في مدرسة الفنون تقلص جوهريًا بالمقارنة مع الوقت المنقضي داخلها، فهناك قلة متزايدة من الفنانين المحترفين «دخلاء» اكتسبوا تعليمهم الفني عن طريق انخراطهم الرومانسي في «الحياة» ثم استغلوه باعتباره طاقة منتجة. وبصفة عامة أصبحت سِيَر الفنانين الذاتية تتشابه كثيرًا مع سِيَر العمال المتخصصين ذوي الكفاءة العالية. لذلك أصبح من المستحيل ترسيخ الوضع الاستثنائي للقطعة الفنية، الذي غالبًا ما أصبحت شيئًا روحيًا بل أيضًا غير عقلاني عند اﻹشارة إلى حياة الفنانين الاستثنائية بصفتهم بوهيميين وغريبي الأطوار. بالإضافة لذلك فيما يخص الوقت المنقضي في مدرسة الفنون، عند التفكير في كيفية تحديد قيمة المنتجات الفنية، فمن الطبيعي طرح سؤال من مَوَّل تدريب الفنان. في أوروبا، الإجابة ما تزال هي تمويل الدولة بالأساس (أو بأموال دافعي الضرائب بالتعبير الشعبوي)، سواء كان ذلك التمويل جزئيًا أو كلّيًا.

في الولايات المتحدة ومناطق نيوليبرالية أخرى من العالم، تمويل هذا العنصر العام من العمل الذي يمثل ضرورة اجتماعية ﻹنتاج الفن أصبح مسؤولية الفنانين أنفسهم، الذين يستدينون لدفع تكاليف الدراسة وعلاوة على ذلك ينفقون من الرواتب الوحيدة التي يحصلون عليها في سداد هذه التكاليف. وفي هذا الصدد، يعتبر الفنانون رواد أعمال يسعون وراء مصلحتهم المادية، ومصلحة الآخرين فيما بعد. والنموذج البديل (المُتبع تقليديًا في أوروبا) أن يعتبر الفنانون موظفين مدنيين أو حكوميين، ولذلك، على الأقل بطريقة غير مباشرة، فهم ملتزمون بمفهوم الصالح العام. وهم ليسوا مُدرَبين في جامعات مُمولة من الدولة فحسب، إنما أيضًا يعملون فيما بعد بعقود وعمولات حكومية. سواء قدموا في برامج حكومية مثل برنامج Kunst am Bau (الفن في المعمار)، أو برامج فنية تابعة للبلدية، أو يصبحون مستفيدين من برامج ثقافية ما بعد حداثية، مُمولة من جهات عامة، أو يمكنهم دعم أنفسهم بالعمل في واحدة من الوظائف العديدة المتاحة للفنانين في مدارس الفنون الحكومية. وبهذه الطريقة، يشارك فنانون بعينهم في مشروع التشريك socialisation المحدد سياسيًا (بواسطة الواجهة البيروقراطية لمؤسسات الدولة). في أماكن أخرى يعرِّفون أنفسهم بقوة من خلال مشاركتهم في السوق، وفي نهاية المطاف ينتقص كلا النهجين من الاستثنائية الرومانسية للفن، وأيضًا إلى حد ما من السلع الفنية التي ينتجونها.

ومن المثير ملاحظة ظهور نموذج من المشاركة السياسية والعامة ذات مرة في الولايات المتحدة، خاصة في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما أُدرج الفنانون البصريون على نطاق واسع في مشاريع الصفقة الجديدة. من فيليب جاستون حتى جاكسون بلوك، قضى العديد من فنانين مدرسة نيويورك -التي ستساهم لاحقًا في جعل الولايات المتحدة قوة ثقافية عظمى «للعالم الحر»، كما تجعل من نيويورك قائدة عالمية لسوق الفن- فترات تعليمهم وبدايات حياتهم المهنية في العمل على مشاريع اشتراكية ظاهريًا لحساب إدارة الصفقة الجديدة. وبعد استثمار عملهم في الترويج لمصالح الدولة، كان من الطبيعي أن يفعلوا ذلك مجددًا لاحقًا، تحت ظروف سياسية مختلفة كليًا. فالمصالح التي ساعدوا في الترويج لها أصبحت مصالح الولايات المتحدة المعادية للشيوعية أثناء الحرب الباردة، وقد ظلَّت حالة الدولة مستقرة مع أنَّ محتواها ومؤسساتها خضعا إلى تغيير جذري. لم يهتم هؤلاء الفنانون بالمصالح القومية بدافع الامتنان، لكن بسبب تعودهم العمل في إطار غير موجه للسوق بالأساس. وفي تحول جدلي، صارت أعمالهم مفيدة بشكل خاص للدولة عندما أصبحوا أكثر فردية (مع الحرب الباردة الجارية، ووصول الجمهوريين للسلطة، لم تقف الدولة ولا السوق في طريق اﻷخرى).

والآن إذا نظرنا للفنانين كرواد أعمال يتصرفون من أجل مصالحهم الشخصية. تصبح معرفتهم المكتسبة من الحانات ومدرسة الفنون رأس مالهم الثابت، ويصبح إنتاجهم الموسمي بأي عام رأس مالهم المتغير. بصفتهم عمال ثقافيين مستقلين، فإنهم يخلقون فائض قيمة (Mehrwert) إلى حد أنهم يقبلون بالعمل لساعات إضافية غير مدفوعة الأجر، عوضًا عن القيام بأنشطة يومية أخرى بعضها اقتصادي وأساسي للبقاء على قيد الحياة، ويستثمرون بخبرات غير رسمية أخرى في فكر وتطوير وإنتاج الأعمال الفنية. وكلما زادت عدد الساعات المُستثمرة كان ذلك أفضل، متبعين قاعدة أن العمل الحي كرأس مال متغير يولد فائض القيمة، وليس رأس المال الثابت. كلما طوروا عملًا فنيًا يتطلب منهم التواجد بشكل مستمر قدر الإمكان، غالبًا بسعة الأداء، زادت كمية القيمة الفائضة (Mehrwert) التي يخلقونها حتى إن لم يُحقق فائض القيمة تلقائيًا في صورة سعر مقابل للعمل الفني.

قد يزيل هذا النموذج الاعتراض على أن نوعي الرأس مال المُتضمنين هما ليسوا إلا مُقومات شخص واحد، بحيث يصبح المستغِّلون والمستغَّلون نفس الشخص. ففي الواقع فإن هذا الموقف يحدد الحد الأقصى لإحالة المصطلحات الماركسية للإنتاج الفني، خاصة فيما يخص التوازي بين شراء صاحب العمل لقوة العمل والتزام الفنان بساعات عمله الأساسية والإضافية. لكن سواء كان إنتاج موسم ما يبدو واعدًا أو هزيلاً فهذا يعتمد على الذكاء الإضافي المكتسب حديثًا للمشروع ومنتجيه، وقيمته الفائضة تعتمد على حجم مشاركة العمالة الحية به.

من البديهي أن الفنان الذي استطاع عزل أنشطته عن ستوديو عمله الخاص وعن عمله الإضافي في الندوات وفي الحياة الليلية، وبصفته رائد أعمال يرتكز عمله على الفن المفاهيمي ولديه العديد من المساعدين الذين يتولون مهمة القيام بهذه الأنشطة بدلًا منه، فإنه يخلق نوعًا مختلفًا تمامًا من فائض القيمة (Mehrwert)، نوع لا يتحقق عن طريق استغلال الذات.

فلنتخيل إذن أني قررت أخذ رأس مالي المتغير بصفته سلعة قوة العمل الفني التي اكتسبتها عن طريقي وطريق مساعديني لاستثماره بطريقة معينة على أساس رأس المال الثابت لكفاءتي الفنية، أي «تكنولوجيا» إدارتي الفنية- ، فمثل أي رائد أعمال آخر، سأحاول القيام بذلك بطريقة تجعل نسبة طاقة العمل الإضافية التي استثمرتها أنا أو مساعدي قيِّمة بقدر الإمكان. هدفي إنتاج قيمة لا يمكن تحقيقها فقط من خلال أعلى سعر محتمل في العالم اليومي لعلاقات التبادل التجاري مع مالكي المعارض، جامعي الأعمال الفنية، المتاحف، لكنها ترفع أيضًا معدل تغير رأس المال للعمل الجديد، وفوق كل هذا فائض القيمةMehrarbeit  غير المدفوع (بالمعنى الماركسي). في هذا الشأن، فإن التوقعات المحددة التي يجب على الفنانين المعاصرين أن يلتزموا بها إذا ما أرادوا النجاح والتي تتزامن مع صيغة ماركس لفائض القيمة Mehrwert هي إنتاج أعمال جديدة وطازجة قدر الإمكان (رأس مال متغير يتضمن فائض العمل Mahrarbeit)، لكن يجب القيام بهذا على أساس السمعة والمعرفة الموجودة بالفعل (رأس المال الثابت). عندما تصبح نسبة رأس المال الثابت ضخمة، يبدأ معدل فائض القيمة في الانخفاض. هذه هي الحالة، على سبيل المثال، عندما يلزم تراكم وقت التدريب لإنتاج شيء ما بواسطة العمل البشري (فائض قيمتي أو فائض قيمة عمالي) فهذا هو العيب الاقتصادي للفنان المثقف (الذي يعمل بكثافة في المدرسة) أو الفنان الذي يتصرف من واقع إحساس عميق بضرورات سيرته الذاتية أو سيرتها (الذي يعمل كثيرًا في الحانة). بالتأكيد يمكن بسهولة تطبيق نفس نموذج تشكل القيمة اليومية على العامل الثقافي المستقل الذي يعمل لحسابه الخاص في الوقت الحاضر خارج مجال صناعة الفن. على كل، ينخفض معدل تشكل فائض القيمة عند موت الفنان أو عندما تستمر تجارة الأعمال الفنية القديمة. في هذه الحالة يسود قانون المضاربة (لكن ليس فقط في هذه الحالة، نظرًا لحدوث هذا الآن مع الفنانين الصغار أيضًا). 

(2) يتغير هذا النوع الآخر من القيمة -القيمة المضاربة- من خلال خصائص العمل الذي يختلف عن قيمة وقت العمل ومنفعته. ومع ذلك، فإن شرط تقييم قيمة المضاربة هو القيمة الأولى أو الأساسية للعمل الفني والتي تأتي من متوسط العمل الضروري اجتماعيًا. وبتعبير آخر، لا بد من وجود سوق فني يومي يستطيع تحديد متوسط الأسعار بشكل يتناسب مع ما يدفع مقابل عمل أبدعه فنان وصل إلى مرحلة عمرية معينة وقضى فترة معينة من الوقت في مدرسة الفنون واندمج في الحياة الليلية وعاش حياة التجربة الإبداعية. إذا كانت تكلفة عمل فني، لنقل عشرين ألف يورو أنتجها فنان يبلغ عمره خمسة وثلاثين عامًا، فهي ليست رخيصة بالتأكيد، لكنها تتوافق مع متوسط العمل المستثمر فيه، أيضًا إذا قورن بعمل متخصصين مماثلين أو عمال متعلمين في مجالات أخرى. ربما تظل الحالة هكذا، وإن يكن بالكاد، إذا كان سعر العمل الفني خمسة آلاف يورو لكل عمل، ولا يزال الأمر كذلك حتى يصل إلى ارتفاع خمسة أصفار - بطبيعة الحال إن عوامل مثل حجم وعدد اﻷعمال الفنية التي يمكن إنتاجها بجهد ونفقات مماثلة هي متغيرات مهمة لتحديد السعر.

من المؤكد أن تذبذب الأسعار في هذا النطاق يعود أيضًا إلى اعتراف النقاد والقيمين الفنيين بأثر العمل الفني وذائقته خارج تقييمات سعر السوق. لكن حتى الآن ليس لطبيعة المضاربة، أيضا السلع التي ينتجها الفنانون في هذا المستوى ليست استثناءات مطلقة مقابل السلع والممارسات الأخرى. وعلى الرغم من صحة أن الأعمال الفنية لها تفردها المطلق وهذه هي الحالة هنا، كما سنرى لاحقًا، تمتلك هذه الأعمال تلك الحالة التي تضعها ضمن تصنيف السلع حتى عند استنساخها أو إعادة ابتكارها. يلبي الفنانون الرغبة والاحتياج العام للأعمال الفنية البصرية -وذلك من واقع فهمهم لإشباع الاحتياج إلى الأشكال المتميزة- بإنتاج أعمال متفردة ملموسة. بدلًا من استثناءات سوق السلع، يعتبر هذا التفرد المطلق تحديدًا هو الجودة المرغوبة لنوع معين من السلع وهو ما يعتبر سمة عالمية.

تجدر الإشارة إلى أن فرق الأسعار ما بين خمسة آلاف ومائة ألف يورو لا يمثل مدى كبيرًا متميزًا من الاختلافات. هذا التنوع في الأسعار يشبه الموجود في المنتج الضخم للسيارات على مستويات متعددة من الجودة والرفاهية. حقيقة أن عمل المصممين ومتخصصي العلاقات العامة الذين ساعدوا في تحديد القيمة الرمزية للشعار الفني المُصمم (وبالتالي إضافة قيمة عملهم إلى رأس المال الثابت) يلعب دورًا مهمًا يتزايد في خلق قيمة سلع الرفاهية الاستهلاكية، والمنتجات المنتشرة التي تحمل اسم العلامة التجارية وشعارها. لا يعني أن هذه القيم تحددها فجأة روح نقية مقابلة لقيمة العمل الحي. أنشطة مثل تلك التي تساهم في ابتكار أو بناء اسم العلامة التجارية تمثل أيضًا نوعًا آخر من العمالة ذات الكفاءة العالية (لذا يجب تشبيهها بعمل الحصول على التعليم). عندما نعتبر تنوع القيمة الرمزية لهذه العمالة كركائز للفروق الاجتماعية (التي يعتبر إنتاجها تم تعلمه وممارسته داخل وخارج المؤسسات الثقافية التعليمية والتي تنقح في الأوساط المناسبة)، نستطيع رؤية هذا في القرارات والأفعال الفردية، لذا فإن تحديد القيمة وليس فقط تحديد السعر للعمل أحيلت إلى إنتاج وتصميم السلع الفنية.

إن الخاصية المميزة لطبيعية الاستثناء التي تحدد الحياة اليومية للفن هي أنها تتكون كلية من مواد يبدو أنها لا تمتلك أي قيمة في الاستخدام اليومي وبالتالي فهي تتكون من لا شيء عدا قيم تبادلية متغيرة متضخمة. لكن هذه ليست الحالة، تحديدًا في الحياة الفنية اليومية، في هذه الساحة، التبادل المتضخم الذي يصل حد العبادة أصبح متعارفًا عليه فيما يمكن تسميته «الترتيب الثاني للقيمة الاستعمالي». غني عن القول إن هناك قيمة استعمالية تتحدد بطرق متعددة في العديد من النواحي المرتبطة بالمواد الفنية كما مع كل السلع، هذه القيمة المستخدمة سائدة على قيمة التبادل التجاري. وبالتالي فإن القيمة الاستعمالية تكون حاضرة في المواد الفنية كما في السلع الأخرى. لا يمكن اختصارها إلى «قيمة مميزة»، «رمز للحالة»، «قيمة رمزية»، كما لو أن هناك سلعًا غير رمزية، وفوق كل هذا، لو أن كل هذه التسميات لا تشير إلى الاستخدام الملموس بشكل بارز داخل نطاق العمل الاجتماعي الذي لا يبذل الناس فيه أي مجهود لإخفائه. يمكن القول إن القيمة الاستعمالية لسلعة معينة -والتي تشمل القطع الفنية- تكمن في وعدها بالظهور كقيمة صرف صافية لها القدرة على التحول إلى مال، رغم أنه من اﻷهمية القول أيضًا إن هذا الوعد لم يتحقق بعد. تأجيل هذه القيمة يتناسب مع جمال المنتج الفني. يكمن جمال تلك القطعة الفنية في رأس المال الذي يمتلك قدرة على الاستعراض كقطعة في معرض أو كمادة أرشيفية. يحمل هذا الجمال إمكانية التحول في نهاية المطاف، الذي إن تجاهل المرء الطبيعة "المفاجئة" لهذا التحول إلى "رأس مال" فإنه من الممكن أن يبدو كتجربة فنية رفيعة.

لتصبح هذه المضاربة ممكنة يجب أن تكون قادرة على تجاوز القيمة اليومية للقطعة الفنية مع الاستمرارية في التفاعل والاستثمار –في خطاب من المعقولية- يشبه ذلك الذي يحيط بالعلاقة الأساسية -وعلى الأقل الطبيعية- بين السعر والقيمة (وعلاقة العمل والقيمة المضمنة). من الضروري تعزيز المسافة بين العمل وقيمته بعنصر يراهن عليه وبالتالي البعد الزمني الآخر بعد وقت العمل إلى جانب تلك العلاقة الطبيعية. كل المضاربات سواء في الفن أو في أي شيء آخر، تشير إلى إدراك القيمة في وقت مستقبلي ما - يرتبط بإدراك المجهود البشري الذي «يتجمد» في شكل قيمة بدون الحاجة إلى أي عمل حي إضافي. لا يسعى هذا الرهان في الوقت نفسه إلى استدعاء معرفة خبير فيما يخص توقعات مستقبلية بعينها، بل يحاول أيضًا استخدام هذه المعرفة للتأثير على المستقبل مباشرة، رغم أن ذلك غير ذي صلة بكيفية خلق القيمة تمامًا. كما هو معروف أيضًا، يمكن الرهان على إدراك القيمة باستقلالية كلية عما إذا كانت المنتجات المذكورة زراعية (عناصر لحم الخنزير أو عصير برتقال مثلج) أو إذا ما كانت المنتجات المُراهن عليها بشكل ما تأتي من خليط من الحرف والإنتاج الصناعي والتي بدورها تقوم على جزء من العمالة عالية التأهيل (شقق البنايات القديمة في المدن الكبيرة).

في مجال الفنون البصرية، يعتمد ترشيد المضاربة على فكرة أن هذا إلى حد ما يعتبر عنصر من عناصر تحديد السعر كحقيقة (كانت مستترة في السابق ثم ظهرت الآن) أو مجرد استمرارية لمزيج: خلق القيمة، تشكيل السعر، استقباله في السوق (الذي من المفترض أن يُضَمَّن في التحديد الأصلي لسعر المنتج). لا يظهر سعر السلعة الاعتيادي إلا بصفته مظهرًا كاذبًا لقيمتها (وبالتالي الطريقة التي يتحول بها العمل البشري إلى قيمة) لأن الأسعار دائمًا ما تظهر كأسعار لأشياء وتجلب إلى العالم مفاهيم عن المعقولية واللامعقولية التي يمكن تطبيقهما على هذه الأشياء. في الفن، على النقيض، خطاب معقولية الأسعار دائمًا ما يبحث عن الحجج التي تتجاوز الجوانب الموضوعية لتشكيل السعر (الندرة والطلب.. إلخ) وتتضمن الجودة الفنية، الوقت، المال المطلوب لتجميع هذه العناصر في العمل الفردي بشكل يمكن تبريره.

يصبح هذا الخطاب المنطقي في عملية المضاربة خطأ مضاعفًا. ليس فقط لأن هذا الخطاب لا يزال يعتمد على مفهوم أن السعر يستطيع التعبير بدقة عن القيمة، لكن لأنه الآن يصر على أن سعر المضاربة -بعيدًا عن أن يكون الأمر أقل ارتباطًا بالعمالة البشرية- هو تعبير حميمي وصادق بشكل بارز عن الحالة الصحيحة والقيمة التجريدية للعمل الفني البشري. السعر الذي يحضر في المزاد يُقصد به الصوت التاريخي، على النقيض من السعر الذي يُدفع في الحياة اليومية لسوق الفن، والذي يعتبر مجرد صوت الموضة. من تقنين الفن وشرعنته بالإشارة إلى امتداده وأبديته رغم قصر الحياة من واقع المفهوم اللاتيني (الفن ممتد والحياة قصيرة)، وإلى مفهوم الشخصية التي لا تنتهي للتعبير الجمالي المطروح من قبل نظرية التلقي الحديثة، توجد العديد من النظريات الفلسفية عن الحقيقة المتأخرة، كشف الواقع، التحقيق التدريجي البطيء للعدالة، والتي تختلط جميعها عمدًا مع مضاربة السعر في النمط المحدد للوعي الزائف الذي يميز سوق الفن.يمكن القول أيضًا، إن الفن المتطور في العقود الحديثة لم يأخذ وقتا كموضوع ذو نوع خاص فقط (وقت القطعة): وإنما أيضًا جعلته موضوعًا لجزء كبير من أنواع الفنون الجميلة التي صممت في الأصل بشكل حصري من ناحية المكان والأشياء (التثبيت على أساس الوقت، وحتى اللوحات القائمة على الوقت). 

لكن هذا التشابه الخاطئ المضاعف القائم على عقلنة المضاربة، لا ينبغي الخلط بينه وبين الإنكار المزدوج، لإنه بالكاد يكمل الصفة الوهمية للطبيعة الأولية أو الأساسية للسعر، جاعلًا منها «مُحكمة» ويصعب اختراقها. يرتبط هذا الوهم أيضا بسبب اتصاله بهذا السعر الأولي و الأساسي: كل تفاعل اعتيادي يومي من البيع والشراء في عالم من الأسعار الأساسية المرتبطة بقيمتها يمكن أيضًا قراءته على أنه تفاعل له تأثير على المضاربة، حتى عندما تكون الأسعار المعنية هي قائمة الأسعار التي تبدو على الأغلب نفسها للكل. 

(3) هناك افتراض واسع الانتشار أن الطبيعة السلعية للأعمال الفنية مرتبطة بقابليتها لإعادة إنتاجها. والرأي أن الأعمال الفنية المنتجة أو القابلة لإعادة الإنتاج ليست أعمالًا فنية حقيقية على الإطلاق وإنما مجرد سلع هو فهم خاطئ قد لا تعود هناك ضرورة لتصحيحه. وبالطبع، كان من الطبيعي ألا تصبح الأعمال الفنية الأولى التي تنتمي إلى ما بعد الطقوسية سلعية إلا بتقديم نفسها كأعمال أصلية، وتعرف ما بعد الطقوسية بأنها أعمال فنية علمانية لم تعد تصنع بعمولة وغالبًا ينتجها فريق من العمال يقسم عليهم العمل ويشرف عليهم رقيب في ستوديوهات تشبه المصانع. هالة العمل الفني الأصلي، التي تعد شرطًا أساسيًا للطابع السلعي للعمل الفني، غامضة في ذاتها، إذ تؤدي مهامها كأن الغموض متجسد بالفعل في الطابع السلعي للعمل، لكنها تضفي الحيرة على شيء آخر. يسمح النموذج السلعي بتحول العمل الحي/البشري إلى عمل مجرد، والقيمة الاستعمالية إلى قيمة تبادلية، وجودة العمل التي تسبب ظهور طابع العمل الاجتماعي وسماته المميزة بشكل طبيعي. من خلال الهوس المفاهيمي بـ«عبقرية الفنان الفريدة»، تسببت هالة العمل الأصلي في ظهور العمل الفني الحي مثل طبقة صدأ، ودليل مادي، ووجه للتكوين الكيميائي والتكوين المادي للعمل، وبالتالي ارتبطت الجودة بتدهور المواد الطبيعية، أي كل الأمور التي يمكن تقديسها تحت عنوان التوقيع الشخصي، والتفرد، والأصالة، والعمل الفني. رغم ذلك، لا تشير كل هذه المفاهيم حصريًا إلى الجودة المادية التي تسبب ظهور العمل الفني الحي بصفته غرضًا ذا هالة. تلاشت أصالة المادة في العمل الأصلي بالفعل إلى درجة ما، وتحول الغرض الفني إلى شيء مثل المؤشر الميتافيزيقي.

منذ القرن العشرين، لم يعد مطلوبًا من السلعة الفنية أن تكون أصلية بالمعنى الدقيق للكلمة. إذ يمكن أن تتخذ شكلاً متعدد الجوانب، أو عملًا مطبوعًا، أو إصدار دوري نادر أو عمل جاهز. لا تنتقل خصوصية الفنان إلى العمل عبر التواصل البدني معه بل عبر التواصل الروحاني. إذ يتصور الفنان العمل الجاهز ويخطط المشروع، غير أن العملية في النهاية يجب أن تفضي إلى أعمال نادرة وفريدة: آثار للإنتاج من الأعمال المطبوعة وطباعة الدوريات، وملصقات معرض، ودعوات، وشهادات، أو أعمال لها هالة معينة بمحاولات مرئية أو جهود ملموسة بدرجة أقل. لم يعد ما تظهره هذه الأعمال هو مؤشر المادية بل مؤشر الميتافيزيقية. غير أن مرجعيتهما غير أيقونية وغير رمزية. فالعمل الفني ليس صورة عن خصوصية الفنان، ولا مؤشرًا جزافيًا. بل يتواصل اعتباره مؤشرًا على تفرده أو تفردها، وخصوصيته/ها الفردية. العمل الفني صورة للعالم الذي يمثله، وهذا العالم رغم ذلك ثانوي بالنسبة لمؤشر تفرد موصل الفن أو موصليه (نظرًا لأن التركيز أحيانًا ينصب على المجموعات أو الكوكبات الفنية الفريدة بدلًا من الفنانين الفرديين)، فهو رمز داخل العلاقة الاجتماعية: في الإنتاج المتمايز لمعناه ومقامه في صلة بالأعمال الأخرى، لكن تحدد قيمته بالاتصال مع هالته ومن ثم بصورة تأشيرية.

في الحالة الثانية، «المؤشر الميتافيزيقي» الأكثر انتشارًا، لا تشتمل السلعية الفنية فقط على استخلاص العمل الحي الذي يؤديه الفنان، مع كل العمل المستثمر سابقًا في كلية الفنون، والحياة الليلية، والوجود البوهيمي، بل تتضمن أيضًا العمل الحي غير الفني الإضافي الذي يؤديه موظفو الفنان ومساعدوه، بالإضافة إلى المطابع والمسابك.. إلخ. فضلًا عن أنها تشمل -فوق هذا كله- الإدارة الروحية لكل أنواع العمل التابعة، التي يؤديها المدير، وهو الشخص المسؤول. يمارس المدير إذن عملًا فكريًا، والتزايد المطرد في مقدار هذا العمل، الذي لا يمكن وصفه بالتحديد لكنه يكتسب مؤشرًا ميتافيزيقيًا في الوجود عن طريق وساطة في آثار الفنان، وفي الهالة، وفي تحوله إلى «كأنه هالة». وهذه هي الحالة حتى لو أخذ العمل نفسه نظرة انتقادية أو حاول إقصاء تساؤلات الذاتية الفنية. في السياق الفني، المشاريع والأداءات أو الأعمال الأخرى التي لا تسفر عن أعمال، لها هالة أيضًا، شريطة أن تفضي إلى أثر قادر في مرحلة ما على الانتهاء ضمن مجموعة خاصة واكتساب قيمة.

هذه الهالة الجديدة بالتالي هي نوع خاص من القيمة تدرك العمل الذهني والإداري، بالإضافة إلى أنواع العمل العديدة الأخرى التي تشكل حياة الفنان. الأعمال الفنية أكثر قدرة على القيام بذلك طالما واصلت تقليص هالة العمل الفني الكلاسيكية، وتبعاتها المادية على حساسية الفنان. غير أن الأعمال الفنية في النهاية يجب أن تكون قادرة على امتصاص الآثار والآلية شبه الدلالية في الهالة الجديدة، التي تعد تقليدية بحتة لكنها ملزمة لكل الأطراف. قد توصف هذه السمات بكونها خصائص جمالية خاصة للعمل. والواقع أن منطق المضاربة غالبًا يتعلق بمدة العمل الميت -أو شكل آخر ما من الشدة المتزايدة، عادة من خلال المعرض- إذ يرفع قيمة هالة العمل الفني بنفس الطريقة التي يرفع بها قدر العمل الحي قيمة العمل الفني البسيطة. الأنواع الأخرى للزيادة في الشدة هي الحقائق الجديدة حول الفنان، ونتائج مزاد جديدة.. إلخ.

قد يعترض البعض أن بناء المؤشر الميتافيزيقي، هالة الذاتية الفنية التي تعمل في ضوء التسلسل الهرمي، هو ببساطة طريقة أخرى لوصف النموذج التقليدي للنية والإنجاز، أو حتى طريقة لإعادة صياغة فكرة التعبير. في الحقيقة، هو محاولة لإزالة الغموض عن الأفكار المشهورة المرتبطة بكلا المفهومين، ويساعد هذا في إنشاء رغبة لاعتبار سعر العمل الفني كسعر شيء لا يمكن في الحقيقة تقييمه. السبب هو أن محاولة إزالة الغموض لا تفلح مع وجهة نظر أخرى، وربما وجهات نظر أكثر حداثة عن الإنتاج الفني الذي توجد فيه أشياء مثل السبق في المواد، والأنواع، والخطابات، وخلاله يسجل الفنانون أنفسهم، ويتجه التركيز إلى أفكار السعر والقيمة -ولا سيما المضاربة- التي تسود في صناعة الفن بدلًا عن أوصاف أكاديمية أكثر تلمح إلى أنشطة المستقبلين والمنتجين. لتحقيق ذلك، تستفيد من النموذج الماركسي في معارضة العمل الحي والمجرد، وقيمة الاستخدام والمبادلة، والقيمة والسعر. الأعمال الفنية والمشاريع الفنية قادرة على بلورة المحتوى وإتاحة تجربة جمالية منفصلة عن شكلها السلعي. إلا أن ما يهم هو أنهم يقومون بذلك من خلال عمل فني ذي هالة، له صلة خاصة بتوليد القيمة التي تختلف عن قيمة جرائد الصحافة والشعر، رغم أن الثاني يبلور أيضًا المحتوى بمعزل عن الطريقة التي تُولد بها قيمته السلعية. في حالة الأعمال الفنية، يدرج سؤال القيمة دائمًا (جزئيًا على الأقل) بحسب الموضوع كمحتوى بطريقة خفية، بما أن الأعمال الفنية تقدم نفسها كأصنام.

*

هذا الوصف للسمة السلعية للأعمال الفنية وصف من وجهة نظر معينة، وليس فيه رغبة لاستبدال وجهات النظر الأخرى بل يسعى إلى تطوير صورة قاطعة للقيمة، تفرقها عن السعر، ومستنبطة من العمل الحي للفنان. ونستخدم لفعل ذلك فكرة الوجه اليومي للاستثناء الفني، فكرة الاستثناء «المستأنس». ويوجد هذا الاستثناء المستأنس، ويمكن أن يكون على الأقل منطقي بدرجة معقولة فقط لو سكن حقل القوة بين الحياة اليومية لخلق القيمة اليومية، والاستثناء المزدوج للمضاربة. حتى الآن، تَبَيَّن أن المضاربة طورت حياة يومية تخصها، وفي هذه الحياة اليومية، خاصة في أشكال الفن الأخرى، حدث التكثيف الذي يشكل موضوع الفصل الثالث في هذا المقال، وهو «أزمة القيمة».