اختار الصحفي والناقد الإنجليزي روبرت مَكروم قائمتين لأفضل مائة عمل سردي وأفضل مائة عمل غير سردي باللغة الإنجليزية، وكتب مقالًا يخص كل عمل منهم. نترجم في هذه السلسلة بعض هذه المقالات.

ترجمات هذه السلسلة جرت ضمن أعمال الدورة الرابعة من مختبر الترجمة بمعهد القاهرة للعلوم والآداب الحرة بالإسكندرية (سيلاس الإسكندرية) – ربيع 2019.

---

قائمة مَكروم | آليس في بلاد العجائب (1865)

نُشر بموقع الجارديان - 20 يناير 2014

ترجمة: محمد مهنا ومريم سليمان ونهى رسلان

الترجمة خاصة بـ Boring Books  وسيلاس الإسكندرية

يحتفظ المترجمون بحقهم في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتهم دون إذن منهم

***

من رسوم كتب آليس، لجون تانييل

في يوم 4 يوليو عام 1862، انطلق  تشارلز دودجسون، أستاذ الرياضيات الخجول بجامعة أوكسفورد والذي يحب الألغاز والغرائب، في رحلة قصيرة بالقارب لمسافة خمسة أميال عبر نهر التايمز، متجهًا نحو منطقة جادستو، برفقة ثلاث فتيات صغيرات هن  بنات هنري ليدل، القس الأكبر بكنيسة المسيح.

في محاولة من دودجسون لإضفاء البهجة على الراكبات الصغيرت أثناء رحلتهن، ومن بينهن أليس ذات العشرة أعوام، والتي افتُتن بها افتتانًا غريبًا، بدأ يرتجل قصة تُدعى «مغامرات تحت الأرض» لفتاة صغيرة تشعر بالملل وتُدعى أليس أيضًا. تفوق دودجسون على نفسه في سرد القصة، إذ حفلت بالتورية والألغاز المنطقية والأحاجي والسخرية، وانبهرت الصغيرات بعالم الأحلام غير المنطقي الذي نسج خيوطه. على الرغم من أن الطقس وقت الرحلة كان «غائمًا»، إلا أنها بقيت كذكرى مضيئة في أذهان أولئك الصغيرات.

تُعد هذه القصة المعروفة بمثابة حجر الأساس لما يظنه البعض الرواية الأعظم والأكثر تأثيرًا وبالتأكيد الأشهر في العصر الفيكتوري، إنها كتاب يتنقل عبر صفحاته ما بين الحكاية غير المنطقية والدعابة المعقدة. بعد حدوث تلك القصة بثلاث سنوات، تحول الكتاب لرواية أكبر حجمًا، روجعت وعُدِّل عنوانها وصار «مغامرات أليس في بلاد العجائب»، تصدر الرواية حاليًا  باسم مستعار للمؤلف وهو لويس كارول. أصبحت «أليس في بلاد العجائب» (وهو الاسم الشائع  للرواية) محط اهتمام وإعجاب الجميع في كريسماس عام 1865. يُقال إنه من بين القراء الأوائل الذين كانوا حريصين على قراءة  الرواية الملكة فيكتوريا وأوسكار وايلد الشاب. صدر جزء ثان للرواية بعنوان «أليس في المرآة» عام 1871. صارت هاتان الروايتان القصيرتان (يبلغ مجموع كلماتهما نحو 28 ألف كلمة) من أكثر الروايات المحبوبة ومن الأعلى اقتباسًا في الأدب الإنجليزي. 

ما السر وراء سحر لويس كارول؟ كل شخص لديه إجابته الخاصة، لكنني أريد تحديد ثلاثة عناصر ساهمت في سحر «أليس». أولًا وقبل كل شىء هذه قصة لا تصلح للأطفال، عن طفلة سيئة المزاج، وفي نفس الوقت تتناول القصة مشاغل الأطفال (مَن أنا؟ سؤال حَيَّرت أليس نفسها به مرارَا وتكرارَا). ثانيَا، تتمتع القصة بمذاق حالم لعالم غير واقعي مليء بشخصيات تعد من أكثر الشخصيات المسلية في الأدب الإنجليزي. وسيجد القارىء شخصيته المفضلة من بين تلك الشخصيات التي لا تُنسى: الأرنب الأبيض، صانع القبعات المجنون، السلحفاة الزائفة، القطة شيشاير، الملك، ملكة القلوب. ثالثًا، عبقرية كارول السلسة حيث كتب أكثر الترهات ذكاء وألذ الحوارات المجنونة. تعد كتابات وأقوال كارول مادة غنية للاقتباس مثلما نرى في أحسن مقولاته: «ما فائدة الكتاب الخالي من الصور أو الحوارات؟»

بالإضافة إلى سحر نثر كارول، يحتوي جزءا أليس على العديد من الأغاني والقصائد، وكثير منها محاكاة ساخرة لأعمال فيكتورية مشهورة، والتي انتقلت إلى الفولكلور مثل انتقلت إليه أليس نفسها: «أنت عجوز»، «الأب ويليام»، «جراد البحر كوادريل»، «حساء جميل»، ومن رواية «أليس في المرآة» نجد: «حيوان الفظ والنجار»، و«أغنية الفارس الأبيض».

وأخيرًا، أصبح من الضروري الإشارة لقراء القرن الحادي والعشرين أن هذين كتابين سابقين للفرويدية، ولكن ببراءتهما الغريبة والمجروحة، يستثيران عملية الاستجواب الذاتي التي يمر بها الخاضع للتحليل النفسي.

 ملاحظات عن النص

في السادس والعشرين من نوفمبر 1865، نُشرت قصة المُعلِّم تشارلز دودجسون بواسطة دار نشر ماكميلان بعنوان «مغامرات أليس في بلاد العجائب» تحت اسمه المستعار لويس كارول، ورسوم جون تانييل، الذي جمعته علاقة مضطربة بدودجسون. وبالفعل سُحبت ألفان نسخة من الطبعة الأولى بعد اعتراض تانييل على جودة طباعة رسومه. نُشرت نسخة جديدة في ديسمبر من العام نفسه، بتاريخ آخر هو 1866، وعُجل بنشرها للسوق بمناسبة احتفالات عيد الميلاد.

بيعت النسخة المُستبعدة فيما بعد بموافقة دودجسون لدار نشر أبليتون بنيويورك، وحل الغلاف الداخلي الأمريكي لـ «آليس» محل الغلاف الداخلي الأصلي لدار ماكميلان الذي يعود لعام 1865، وحمل الغلاف الجديد الاسم التجاري لدار النشر بنيويورك بتاريخ 1866. وهنا أيضًا سرعان ما بيعت الطبعة. أصبحت الطبعات الأولى الآن نادرة وباهظة الثمن، ولم تتوقف طباعة نسختي رواية آليس قط، وترجمت مغامرات «آليس في بلاد العجائب» لحوالي مائة لغة من بينها اللاتينية الكلاسيكية.

أعمال أخرى لكارول

في المرآة وما وجدته آليس هناك (1871)، اصطياد سنارك، ألم في ثماني نوبات (1876)