أفول الأصنام
فريدريش نيتشه
ترجمة: حسان بورقية – محمد الناجي
الاقتباسات من اختيار أمير زكي
"هذا فنان كما أحب أن يكون الفنانون.. متواضع في ضرورته الطبيعية. في الأصل، لا يطلب إلا شيئين اثنين: خبزه وألعابه".
***
"عندما تكون للمرأة فضائل ذكورية يجب تجنبها. وعندما لا تكون لها فضائل ذكورية، فهي التي تهرب".
***
"هناك نوع من كره الكذب والرياء نابع من معنى حاد للشرف. غير أن نفس الكره يمكن أن يكون محض جبن، عندما يكون الكذب محرما بأمر إلهي. من فرط جبنه لا يكذب..."
***
"(لا يمكن أن نفكر ونكتب إلا جالسين – جوستاف فلوبير) تمكنت منك، أيها العدمي! أن تكون ذا مؤخرة ثقيلة فتلك، بامتياز، خطيئة في حق العقل. وحدها الأفكار التي تأتينا ونحن ماشون لها قيمة ما".
***
"لقد كانوا بالنسبة لي عبارة عن أدراج استعملتها لكي أرتقي – كان لزاما عليّ، من أجل هذا، أن أعبر فوقهم، أن أتجاوزهم. غير أنهم كانوا يظنون أنني سأستريح فوقهم".
***
"غير مهم أن ينتهي الأمر بالناس إلى تصويبي، فأنا على صواب قليل. والذي يضحك اليوم جيدا سيكون آخر من يضحك".
***
"ما أطلبه من الفيلسوف معلوم: أن يتموضع ما وراء "خير" و"شر"، أن يكون فوق وهم الحكم الأخلاقي. هذا الطلب نابع من استنتاج كنت أول من صاغه: ليست هناك حقائق أخلاقية. يشترك الحكم الأخلاقي مع الحكم الديني في الإيمان بحقائق ليست في شيء. ليست الأخلاق إلا تفسيرا – أو بتعبير أدق، تفسيرا خاطئا لبعض الظواهر. يوصل الحكم الأخلاقي، مثله مثل الحكم الديني، إلى جهل ينعدم فيه مفهوم الواقعي نفسه، ينعدم فيه التمييز بين الواقع والمتخيل، بحيث أن "الحقيقة" لا تمثل، على هذا المستوى سوى أشياء نسميها اليوم "أوهاما"..."
***
"الثقافة والدولة نقيضان – لا نخطئن في ذلك -: إن فكرة دولة خالقة للثقافة فكرة حديثة. تحيا الواحدة على حساب الأخرى، تزدهر الواحدة على حساب الأخرى. كل العصور المزدهرة للثقافة هي عصور انحطاط سياسي، كل ما هو عظيم في جانب الثقافة كان دائما غير سياسي، بل ومضادا للسياسة".
***
"الآن وقد تخلصوا من الإله المسيحي، فإنهم يعتقدون أنهم ملزمون باحترام الأخلاقية المسيحية بشكل دقيق: هذا منطق إنجليزي محض... مقابل كل تحرر بسيط من اللاهوت يجب أن يسترد الناس حقوقهم بتطرف أخلاقي مريع. تلك هي الذعيرة التي يجب أداؤها. الأمر بخلاف ذلك بالنسبة لنا نحن المغايرين. فحين نتخلى عن العقيدة المسيحية، فأننا ننزع عنا في نفس الوهلة كل حق في الأخلاقية المسيحية... المسيحية نظام، رؤية شاملة ومتماسكة للأشياء. إذ نحن نزعنا منها فكرة أساسية، وهي الإيمان بالله، فإننا نهدم الصرح كله في نفس الوهلة: ولا يتبقى بين أيدينا آنذاك شيء له أدنى لزوم. تفترض المسيحية في المطلق أن الإنسان لا يعلم، لا يستطيع أن يعلم، ما هو خير له وما هو شر له: إنه يؤمن بالإله الذي وحده يعرف ذلك. الأخلاقية المسيحية أمر قطعي: أصله متعال، فهي فوق كل نقد، فوق كل حق في النقد. ليس لها من حقيقة إلا إذا كان الإله هو الحقيقة – إنها لا تستمر إلا ما دام الإيمان بالله مستمرا".
***
"لكي يكون هناك فن، لكي يكون هناك فعل ونظرة جماليان، لا بد من شرط فزيولوجي: الانتشاء. لا بد أولا أن تكون انفعالية كل الآلة قد كثفتها النشوة. كل أنواع النشوة مهما يكن مصدرها، لها هاته القدرة خصوصا نشوة التهيج الجنسي، أقدم أشكال النشوة وأشدها بدائية. ثم تليها النشوة التي تسببها كل الرغبات الكبرى، كل الانفعالات الشديدة. نشوة العيد، نشوة المبارزة، نشوة الإقدام، نشوة النصر، نشوة كل تهيج عنيف: نشوة الفظاظة، نشوة الهدم – النشوة الناتجة عن بعض الأحوال الجوية (الاضطراب الربيعي مثلا)، أو تحت تأثير المخدرات، أخيرا تأتي نشوة الإرادة، نشوة إرادة تم كبحها طويلا، وهي متأهبة للانفجار. – الأساسي في النشوة هو الإحساس، هو تكثيف القوة، تكثيف الكمال. هذا الإحساس هو الذي يدفع الإنسان إلى وضع شيء من ذاته في الأشياء، إلى إرغامها على احتواء ما يضعه فيها، إلى التعسف في حقها: هذا ما يسمى الأًمثًلَة. لنتخلص هنا من حكم مسبق: أن الأًمثًلُة لا تقتضي إطلاقا، مثلما يعتقده الناس عادة، أن نغض الطرف عما هو حقير وثانوي – أو أن نتملص منه-".