عالم الكتاب
بالنسبة لي كان أبي، الرجل الأنيق الذي يرتدي بدلا من ثلاث قطع يحيكها له خياط في لندن. الرجل الوسيم العجوز الذي كان يصيح فيّ بلكنته الإنجليزية الأمريكية المهجنة وبعد خمس دقائق ينسى سبب انزعاجه. الرجل الذي كان يحضر لي الهدايا من كل أنحاء العالم، ويتحدث معي عن رواية “جين إير” ـ كتابي المفضل عندما كنت في الثانية عشر ـ والذي كان يحتضنني عندما أبكي. كان يلعب التنس والإسكواش، ويقود سيارة فولفو، ويدخن الغليون، ويجمع الأقلام. كان أستاذا، وكان أبي.
الشيء الحاسم فيما يتعلق بالملك هو فرادته: أناس لديهم آلهة عديدة لديهم ملك واحد. كما رأينا فمن المهم أن ينعزل. مسافة اصطناعية تتم بينه وبين رعاياه ويتم الحفاظ عليها بكل الوسائل الممكنة. هو يُظهِر نفسه نادرا، أو لا يظهر نفسه على لإطلاق، بنوع من التنكر يخفي شخصه سواء بشكل كلي إو إلى مدى بعيد.
كان محمد تُغْلُق أكثر أمراء عصره ثقافة، ظلت رسائله مثيرة للإعجاب لجمالها حتى بعد وفاته بوقت طويل، وإلى جانب أسلوبه، كان خط يده أجمل من خط أساتذة هذا الفن بفارق كبير. كانت لديه مخيلة رائعة وكان بارعا في استخدام الاستعارات. كان يعرف الشعر الفارسي جيدا، وبسبب ذاكرته غير العادية، كان يحفظ العديد من القصائد عن ظهر قلب، وكان يقتبسها كثيرا وبدقة.
عندما عاد إلى الأردن سأل الشريف لين عن طبيعة صداقة الشريف علي بلورانس. أجابه لين أنه على الرغم من أن علي ولورانس كانا صديقين حميمين، فلا يوجد ما يدل على أنهما خاضا علاقة مثلية جنسية، كما أشار بعض المعلقين على حياة لورانس. قال لين إن لورانس في كتاب “الأعمدة السبعة” قارن صداقتهما بـ “صداقة داود ويوناثان في العهد القديم”. في الحقيقة، شجع لين أوتول والشريف على أن يصيرا صديقين مقربين أثناء التصوير لأن لورانس وعلي كانا “صديقين عظيمين”. آليك جينيس – الذي قام بدور الأمير فيصل – أحب شريف أيضا بشكل شخصي، ووجده شخصا ودودا جدا. ولكنه كان مهتما بشكل خاص بالحديث معه. يتذكر جينيس: “كنت أستمع بحرص إلى لكنة عمر، واستخدمتها لأداء دور فيصل، الذي كان عربيا يتحدث الإنجليزية مثل عمر”.
لِم تُترجَم عام 1910 رواية «آرسين لوبين، اللص الظريف» لموريس لوبلان ولا تُتَرجَم مثلًا رواية «التربية العاطفية» لفلوبير أو «الأحمر والأسود» لستاندال. لِمَ تترجم روايات القوطية الحضرية، والروايات البوليسية، والروايات الشعبية على سبيل المثال ولم تُتَرجَم كلاسيكيات الروايات الواقعية الفرنسية والإنجليزية؟
النشرة البريدية